: آخر تحديث

الجامعة والتعليم

13
13
16

لن يتقدّم الوطن، أي وطن، أو يحقق أي تقدّم إلا بسواعد أبنائه وبناته، ولن يستطيع هؤلاء تقديم الأفضل بغير تعليم جيد. فكل أمم الأرض تقدمت أو نهضت من كبوتها، وتبوأت أعلى المراكز بفضل التعليم، والعكس صحيح.

لو نظرنا إلى تاريخ التعليم في الكويت، لتبيّن لنا أنه وصل القمة في زمن «الآباء المؤسسين»، زمن الطيبيين، لكن بدأ انحداره منذ اليوم، الذي قرّر فيه النائب والوزير السابق، المرحوم خالد مسعود الفهيد، فتح المجال لكل من يريد أن يصبح معلماً، بصرف النظر عن سيرته، أخلاقه، أو معدله الدراسي، حتى لو كان منخفضاً جداً. ولزيادة الإغراءات تقرّر منح كل طالب مبلغ 40 ديناراً شهرياً، حسبما أتذكر، فهجم المتردية والنطيحة للالتحاق بمعهد السنتين الدراسيتين، وكانت بينهم، لا شك، قلّة مخلصة.

تم تسليم زمام «معهد المعلمين» في حينه للمنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، ومع الوقت تحققت سيطرتهم على جمعية المعلمين، وتالياً على اتحادهم، فاكتمل الخراب!

* * *

لا أعتقد أن أحداً، من المعنيين بوضع التعليم بشكل عام، فوجئ بالوضع المأساوي، الذي وصلت إليه جامعة الكويت، مواد وأسلوباً وكادراً، والأهم من ذلك «إدارة». فمنذ سنوات تزيد على العشرين لم تستقر إدارة هذا الصرح العلمي، وبالتالي عجزت عن أن تعطي ثمراً جنياً يستحق الإشادة، بعد أن نهشت شبهات التنفيع والمحسوبيات سمعتها، وأصبح وضعها يدعو بالفعل إلى الأسى، وفي أطر الملفات، التي وردت تفاصيلها في تحقيق نشر في القبس مؤخرا. كما تطرق له الإعلامي البارز علي خاجة، واتخذ شكلاً رسمياً بوصول أخبار الفساد لهيئة «النزاهة»، ويبدو أن تفاصيل تلك المخالفات والتجاوزات كبيرة، ومؤلمة، ومسيئة لسمعة جامعة الكويت وللوطن ككل!

* * *

إهمال التعليم، على مدى العقود القليلة الماضية، كان السبب الأول والأهم ليس في تخلفنا، بل في انتشار الفساد، وانتشار الرشاوى، والمحسوبية، واستسهال تعيين الفاشلين في أعلى المناصب. فسوء التعليم أساء للمجتمع، فأساء المجتمع للدولة.

* * *

يعود الفضل لـ«جواهر لال نهرو»، أول رئيس وزراء في تاريخ الهند، في إنشاء «معهد الهند للتكنولوجيا (IIT) عام 1950. كما كان له الدور الحاسم في تركيز الدراسات العليا على العلوم الحديثة، لتخريج قادة المستقبل في مجال التكنولوجيا، وبفضله أصبح ذلك الصرح المصدر الأكبر، محلياً وعالمياً، في خلق القادة الذين تبوأوا تالياً أعلى المناصب السياسية والتقنية الخطيرة، خاصة في الدول الغربية. 


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد