: آخر تحديث

«الموناليزا».. خيال أم واقع؟

30
27
26

لا أحسبني الوحيد من فوجئ بحجم لوحة «الموناليزا» لليوناردو دافينشي، حين رأيتها في الزاوية المخصصة لها في متحف «اللوفر» بباريس. خلتها، وعلى مدار عقود، من واقع الصور التي تنشر لها مصحوبة بالمقالات والدراسات حولها، لوحة ضخمة الحجم، تغطي مساحة كبيرة من الجدار الذي علقت عليه، لكن حجمها، في الواقع، لم يكن كذلك، فهو أصغر بكثير مما ترسمه لنا مخيلاتنا، وهذا لن يبدد دهشة الرائي لجمال تلك اللوحة المحاطة ببعض الغموض، خاصة لجهة من تكون المرأة التي صوّرها ليوناردو دافينشي في لوحته.

وراقت لي رواية تقول إن اللوحة تصوّر سيدة اسمها «مادونا ليزا دي انتينو»، هي زوجة ثالثة لتاجر حرير من نبلاء فلورنسا يدعى «فرانسيسكو ديل جيوكوندا»، ما يفسر الاسم الذي أطلقه دافينشي على اللوحة: «جيو كوندا»، ويقال إن هذا التاجر الذي كان صديقاً شخصياً لدافينشي، طلب منه رسم لوحة لزوجته تعبيراً عن حبه لها، وإن دافينشي عانى كثيراً مع المرأة فترة رسمها، وهو يحاول جعلها تضحك أو تبتسم، فلم يفلح سوى في انتزاع تلك الابتسامة المحيّرة، وثمة زعم آخر وُصف بالمزحة، مفاده بأن دافينشي قام برسم نفسه على هيئة الموناليزا.

سجال جديد نشأ مؤخراً لا يتصل بمن تكون المرأة التي رسمها دافينشي، وإنما بخلفية المناظر الطبيعية المرئية في اللوحة، بعد أن قالت جيولوجية ومؤرخة للفن في عصر النهضة تدعى «آن بيزوروسو» أنّ دافينشي رسم الموناليزا في مدينة صغيرة تقع على الشاطئ الجنوبي الشرقي لبحيرة كومو، في منطقة لومباردي شمال إيطاليا، تسمى ليكو، وخلصت المؤرخة إلى هذا الرأي، من خلال الجمع بين مجالي خبرتها، الجيولوجيا وتاريخ الفن، أنها حددت الجسر في خلفية اللوحة، وربطه بجسر يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر في ليكو.

ومن شأن هذا الرأي، أن يبدد اجتهادات سابقة حول المكان الحقيقي لذلك الجسر، وعزت هذه المؤرخة تعدد الاجتهادات إلى أن مثل هذه الجسور المقوسة كانت «منتشرة في كل مكان في جميع أنحاء إيطاليا وأوروبا، وكان الكثير منها متشابهاً جداً»، مبدية تحفظها على الآراء الشائعة حول مكان الجسر، بالقول: «كلهم يتحدثون عن الجسر ولا أحد يتحدث عن الجيولوجيا». وتشير المؤرخة إلى أن الصخور في ليكو هي من الحجر الجيري، وأن دافينشي صوّر صخوره باللون الرمادي والأبيض «وهو مثالي، لأن هذا هو نوع الصخور الموجودة هناك، وأنها قامت بمطابقة سلسلة الجبال المرئية فوق كتف الموناليزا مع جبال الألب، التي تطل على ليكو وبحيرة كومو».

ومع ذلك، فإن مؤرخين آخرين يرون أن المنظر في لوحة الموناليزا خيالي، وليس تصويراً لمكان حقيقي.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد