توجد المملكة العربية السعودية في محافل دولية عالمية بما يخدم الصورة الذهنية ويساهم في نشر الثقافة السعودية وتعريف العالم عنها، وتقوم وزارة الثقافة السعودية بدور كبير في هذا المجال وهو من أهم أهدافها التي تعمل على تحقيقها، وحديث اليوم عن جناح المملكة العربية السعودية في دولة الهند في معرض الكتاب في نيودلهي.
لا شك أن العلاقات الثقافية بين السعودية والهند قديمة وممتدة ومتشابكة في العديد من النواحي، وهو ما ظهر جلياً في معرض نيودلهي للكتاب، الذي شاركت فيه المملكة كضيف شرف، ممثلة بوزارة الثقافة وشركائها، والذي شهد إقبالاً وترحيباً كبيرين من قبل رواد المعرض والمثقفين والمسؤولين، وذلك في إطار العلاقات التاريخية المتجذّرة التي تجمع البلدين الصديقين.
ولكن أكثر ما كان لافتاً في جناح المملكة هو اهتمام الباحثين والمؤرخين الهنود بمحتوياته ومعروضاته، والتي أبرزت فيه المملكة مخزونها المعرفي والتاريخي وتراثها وآثارها وثقافتها وفنونها. حيث عرضت وزارة الثقافة وشركاؤها عدداً من المخطوطات النادرة، ونسخاً عن القطع الأثرية، ومنتجات فنية، وكتباً متعددة اللغات، إلى جانب برنامج ثقافي ثري، شارك فيه أدباء سعوديون، ودور نشر محلية، للتعريف بالمواهب والإبداعات الوطنية، واستحضار الثقافة السعودية العريقة، ومساهمتها في الحراك الثقافي العالمي، بالإضافة إلى تقديم ورش عمل وجلسات حوارية في شتى صنوف المعرفة، لمد جسور التواصل الثقافي بين الحضارات.
والحقيقة أن المتتبع لتاريخ العلاقات الثقافية بين شعبي المملكة والهند، سوف يعرف أنها قديمة وتاريخية، حيث تمثل أرض المملكة حاضنة إرث الجزيرة العربية ذات الحضارات المتعددة والممتدة في عمق التاريخ، وقد تواصلت العلاقات بين الشعبين من خلال زيارات مسلمي الهند إلى الأراضي المقدسة، للحج والتجارة، كما أقاموا الأربطة والمدارس للجالية الهندية المسلمة المقيمة في مكة المكرمة، ومن أبرز ما بقي منها "المدرسة الصولتية" الشهيرة، التي تأسست في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، ولا تزال تعمل في مكة المكرمة حتى الآن.
ولعل الإقبال والترحاب والاهتمام الذي حظي به جناح المملكة في معرض نيودلهي للكتاب، عكس مكانة السعودية لدى الشعب الهندي الصديق، والذي يمثل الجالية الأكبر عدداً في المملكة والخليج العربي بشكل عام، عبر عدة عقود، وهو ما خلق لديه نوعاً من التعلق النفسي والثقافي بالمملكة، خاصة وأن جناح المملكة في المعرض عبر بشكل واضح عن الهوية السعودية الأصيلة، بما تحمله من موروث حضاري عريق، إلى جانب الفنون والآداب والتراث، والتي تمثل جميعها المكونات الثقافية للإنسان السعودي، والتي من خلالها توصل المملكة رسالتها إلى الشعوب الأخرى، محملة بالعمق الحضاري والثقافة الراسخة.