هل لتردّي العلاقات البينيّة، صلة بعدم حضور الأواصر العربية في المناهج؟ هل من المنطق السليم الحديث عن أن ما يعرفه العرب عن العرب، هو في أغلب الأحيان، ومن دون مزاح، أغانٍ ومسلسلاتٌ، وهي معرفة منحصرة في كل بلد بعدد محدود من البلدان العربية، ففي الأعمال الدرامية، اللهجات عائق من العوائق. مثلاً: المسلسلات الخليجية ليس لها رواج في المغرب العربي، بالرغم من أن العامية في دول مجلس التعاون فصيحة. في المقابل لهجات المسلسلات التونسية والجزائرية والمغربية، مشاهداتها صفر في دول المجلس. ثمّة فارق في الدول المغاربية بين اللهجات العاميّة واللغة الثالثة المستعملة بين المثقفين، هي فصحى مبسطة أوعاميّة مهذّبة.
عندما تتجه من تونس إلى الجزائر فالمغرب، تتصاعد نسبة صعوبة فهم اللهجة لدى أهل المشرق العربي، لأسباب موضوعية، فقد توارت الأمازيغيّة في تونس، لكثرة الحملات الخارجية وانعدام الجبال أو قلّتها في الشرق التونسي. القلم يسمّي الجبال «أنياب الأرض». الأمازيغ مثل الأكراد، يحبّون سكنى الجبال، يحسّون بالأمن فيها. أضف إلى اللهجات المغاربية توابل فرنسية، إسبانية، تركية، ولا تنسَ الآراميّة، فالكنعانيون (الفينيقيون) الذين بنوا قرطاج وسيطروا على الشمال الإفريقي، حملوا معهم الآرامية، التي كانت سائدة في عصرها.
لك أن تقيس الكثير من الإنتاج على ذلك. اللهجات ليست المشكلة الوحيدة. العامية الأردنية من أوضح اللهجات، ولكن انتشار مسلسلاتها لا يُذكر. كذلك الأعمال السودانية ليس لها رواج، لا مشرقاً ولا مغرباً. لم يكن الموضوع محتاجاً إلى هذا الإسهاب في توضيح الواضحات. لقد ظل السؤال يراوح مكانه: هل لتردي العلاقات البينيّة صلة بعدم حضور الأواصر العربية في المناهج؟ أنظمة التعليم هي حجر الأساس في تربية الأدمغة. طريقة التفكير تُبنى في الأسرة ثم المدرسة. حين نقيم تنشئة الأجيال على أساس «أنا أوّلاً»، فإن الرد الطبيعي يوم تهجم الذئاب هو «لستَ أوّلاً»، لأنك انطلقت من مبدأ: «كلّ طير معلّق من عرقوبه». هل على المناهج العربية أن تعود إلى النصائح المعتقة في خوابي التراث: «أخاكَ أخاكَ، إنّ من لا أخاً لهُ.. كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ».
لزوم ما يلزم: النتيجة الصوتية: عندما لا يعلو صوت فوق قصف رعود الأسلحة الثقيلة، لا يبقى مجال لهمس المواعظ