واحدة من العناصر التي تضمن سلامة وصحة الموظفين والعاملين في المنظومات الاقتصادية العامة والخاصة هي الصحة والسلامة المهنية، وهي واحدة من حقوق العاملين في الاقتصاد التي تزيد من الإنتاجية والقدرة التنافسية وذلك من خلال خفض التعرض للأخطار في بيئات العمل والحد من الأمراض المهنية المرتبطة بالعمل والقادة التنفيذيين الأكثر احترافية يحرصون على مراقبة مؤشرات الصحة والسلامة المهنية للموظفين فالتكلفة البشرية والاقتصادية التي تلحق بالاقتصاد من فشل تطبيق السلامة والصحة المهنية مكلفة على الاقتصاد العام وعلى المنظومتين الصحية والاجتماعية، إضافة إلى خسارة الاقتصاد عنصرا منتجا وهو الإنسان، إضافة إلى الممتلكات في حالات حدوث تلك الأخطار.
المملكة ومع رؤية 2030 لم تهمل أي عنصر من عناصر الاقتصادات المتطورة، والبرنامج الوطني الشامل للتبليغ والتحقيق في حوادث العمل والإصابات المهنية هو ضمن برامج التحول الوطني ويستهدف تصميم حوكمة وطنية للتبليغ عن الحوادث والإصابات التي تقع داخل بيئات الأعمال والبحث عن مسبباتها ودراستها وتطوير الإجراءات التصحيحية والوقائية.
إن مثل تلك الممارسات المتقدمة تكشف لنا مدى تطور ما وصلت له برامج رؤية 2030 من تطبيق للمعايير العالمية وتسارع كبير في ترقية الأنظمة المحلية كما أن ذلك يصب في التزامات المملكة العالمية من معاهدات واتفاقيات دولية.
أما على مستوى مؤسسات القطاعين العام والخاص فمثل هذه البرامج تسهم في توفير الدعم والتمكين لجميع المنشآت من أجل توفير بيئة عمل آمنة وصحية ومستدامة للجميع. بالنظر إلى الفرص الوظيفية التي تنشأ من السلامة والصحة المهنية فهي واحدة من الفرص الجديدة التي سيكون لها دور حيوي في جميع المنشآت ولا سيما الكبرى والمتوسطة، حيث إن هناك حدا أدنى للتوظيف والتوطين، ويمثل 2 في المائة من مجموع العاملين في القطاعات المستهدفة بالتوطين.
مفهوم السلامة والصحة المهنية أبعد من الحد من الأخطار المباشرة، المفهوم يشمل الصحة الجسدية والنفسية والذهنية ولهذا من مؤشرات نضخ المنشآت أن نجد لهذا المفهوم اهتماما من إدارات رأس المال البشري في المنظمات التي سجلت مستويات متقدمة من النضخ المؤسسي، فهو متطلب أساس في المنظمات المتطورة قبل أن يكون متطلبا تنظيميا من الجهات المنظمة والمشرفة.
إن واقع السلامة والصحة المهنية في المملكة يسير بوتيرة عالية الأداء من حيث السعي إلى تحقيق ذلك، ولهذا طرحت منصة الاستطلاع سياسات البرنامج الوطني الشامل للتبليغ في حوادث وإصابات العمل والأمراض المهنية، وتعد فرصة ملائمة للتعرف على السياسة والمشاركة من المختصين والمهتمين لوضع تصوراتهم وآرائهم المهنية.
أخيرا، المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية يمثل حجر الزاوية في أتمتة نظام وطني شامل من خلال توحيد الأنظمة والتشريعات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية تحت مظلة واحدة، إضافة إلى إسهاماته في تحقيق "رؤية المملكة" من خلال القيام بأدوار مشتركة في بيئات العمل من أجل توفير بيئة عمل، وطنية آمنة، وسليمة وصحية.