: آخر تحديث

النظام العالمي ومأساة غزة

9
9
11
مواضيع ذات صلة

سوف أتناول المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني من زاوية الأنظمة العالمية الثلاثة التي قامت خلال القرون الأربعة الماضية، حيث ساهم الواحد منها تلو الآخر بنصيبه في المأساة التي نشهدها اليوم في غزة.

 وأول هذه الأنظمة، كان النظام العالمي الذي تشكل في النصف الثاني من القرن السابع عشر، والذي ارتكز على قاعدتين: الأولى الرأسمال الربوي الذي تحول إلى رأسمال بنكي ابتداء من عام 1694.

والثانية الثورة الصناعية التي انطلقت في عام 1750. ومن ثم اندمج الرأسمال البنكي ذو الأصول الربوية، مع الرأسمال الصناعي، وبدأ تشكل الاحتكارات، التي سيطرت على العالم "استعمرته"، وكونت ما صار يعرف "باكس بريتانيكا"، فهذا قد أدى إلى دعم الحركة الصهيونية التي أسسها هرتزل وعام 1897، والتي وضعت على رأس أولوياتها إنشاء وطن قومي لليهود، وفي ظل هذا النظام قسمت الدول العربية وتم التمهيد لقيام دولة إسرائيل.

 أما النظام العالمي الثاني بزعامة الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، الذي انبثق بعد الحرب العالمية الثانية، فقد أقام دولة إسرائيل عام 1948، ولكن فيما بعد تغير موقف القطبين، فأصبح الاتحاد السوفيتي مؤيد للموقف العربي والقضية الفلسطينية، بعد أن فشل في جعل إسرائيل ركيزة اقتصادية ومنطقة نفوذ تابعة له من خلال المهاجرين، أما الولايات المتحدة فقد ساندت ودعمت إسرائيل باستمرار، لنفس الأسباب الاقتصادية تقريباً التي حضت بريطانيا للقيام بذلك.

 وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في أواخر 1991، تغير النظام العالمي، وأصبحت الولايات المتحدة هي زعيمة العالم بلا منافس في عصر "باكس أمريكانا"، وحاول النظام العالمي الجديد تدمير النظام العربي، وهذا قاد الفلسطينيين إلى مفاوضات أوسلو، الذي يطلق عليها البعض "ثغرة الدفرسوار"، وهذه المفاوضات انتهت باتفاق واشنطن عام 1993، الذي مهد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية إلى الضفة الغربية وغزة، ولكن هذه الأخيرة أصبحت تحت سيطرة حماس بعد انتخابات 2006، الأمر الذي أدى إلى تقسيم المقسم وقيام سلطتين للفلسطينيين، إحداهما في الضفة الغربية يؤيدها النظام العالمي، والثانية في غزة متمردة على النظام العالمي.  

 وقد بذل بلدنا كل ما يمكن بذله خلال هذه الأنظمة العالمية الثلاثة من أجل عودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ابتداء من حرب 1948 ومن ثم في حرب 1976، ومؤتمر الخرطوم، ومبادرة السلام العربية التي طرحهتا المملكة عام 2002 وانتهاء بالقمة العربية الإسلامية التي عقدت بداية الأسبوع الماضي في الرياض، والتي شكلت ركيزة ضاغطة على النظام العالمي من أجل إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

 إن النظام العالمي القائم حالياً هو نظام مؤيد لإسرائيل. ولكن هذا النظام يعيش الآن مرحلة انتقالية، بعد تحول الصين عام 2010 إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم. والتوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الصيني سوف يصبح الأكبر بعد 7 أعوام، وعندها يكون النظام العالمي القائم حالياً، والذي فقد الكثير من مقوماته الاقتصادية والأخلاقية قد شارف على الزوال، وهذا من شأنه أن يمهد الطريق لحل عادل للقضية الفلسطينية وقيام دولة للفلسطينيين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.