: آخر تحديث

مصر: الغاز و«الفجوة» الدولارية

16
16
16
مواضيع ذات صلة

رغم «الفجوة» الدولارية التي قدرها صندوق النقد الدولي بنحو 17 مليار دولار، تمكنت مصر من تسديد 25.5 مليار دولار كفوائد وأقساط ديون في النصف الأول من العام الجاري، ليصل مجموع ما تم تسديده من ديون إلى 52 مليار دولار خلال العامين الماليين (2021–2022) و(2022–2023)، وفق ما أعلنه وزير المالية محمد معيط. وتم ذلك في وقت تحاول فيه البلاد التغلب على آثار خروج نحو 23 مليار دولار من الاستثمارات قصيرة الأجل.
وقد تعرضت المالية العامة لضغوط تضخمية، في ظل نقص العملة الأجنبية وارتفاع المديونية إلى 165.4 مليار دولار، فضلاً عن تداعيات الحرب الأوكرانية وزيادة أسعار الواردات الأساسية من الغذاء والطاقة. ويبدو أن مسار الحكومة للوفاء بالتزاماتها المالية مستمر، حيث يتوجب عليها، وفق بيانات البنك المركزي، سداد 15.1 مليار دولار من مدفوعات الديون القصيرة والطويلة الأجل في النصف الثاني من العام الجاري، تليها 46.3 مليار دولار في السنة المالية (2024–2025).

وقد توقعت الحكومة اختفاء «الفجوة الدولارية» عندما تصل الواردات إلى 191 مليار دولار. وطمأن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي المستثمرين إلى أن حكومته تعمل لتحقيق هذا الهدف في عام 2026. إضافة إلى الاعتماد على زيادات مرتقبة في إيرادات قناة السويس، والقطاع السياحي، وتحويلات المصريين في الخارج، والحصول على تمويلات محلية ميسرة جديدة من مؤسسات دولية ودول وجهات مانحة (لاسيما دول الخليج)، فإن الحكومة المصرية تركز جهودها على زيادة الصادرات بما لا يقل عن 20% سنوياً، وعلى الانتقال بالميزان التجاري من العجز القائم حالياً إلى فائض يدعم الاقتصاد في المرحلة المقبلة، وذلك عن طريق تفعيل الاستثمار بتنفيذ برنامج طروحات الدولة الذي يشمل بيع 32 شركة للقطاع الخاص، لترتفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي من 30% حالياً إلى 65%.

وفي هذا السياق، تعوّل مصر بشكل رئيسي على الاستثمار في قطاع النفط والغاز لزيادة حصيلتها الدولارية، وقد بلغت صادراتها من الغاز في العام الماضي نحو 8.4 مليار دولار، بزيادة نسبتها 140% مقارنة بالعام 2021، وبمعدل 600 مليون دولار شهرياً. وكانت تستهدف تحقيق صادرات بنحو مليار دولار شهرياً خلال العام الحالي، لكن انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية حال دون ذلك.
وعلى خلفية تراجع الإنتاج المحلي، رفعت الحكومة وارداتها من الغاز الإسرائيلي بنسبة 21.5% على أساس سنوي إلى 903 ملايين قدم مكعبة يومياً خلال النصف الأول من العام الحالي، علماً بأن هذا الغاز لا يستخدم فقط لتلبية الطلب المحلي، بل يُوجَّه إلى محطتي الإسالة المصريتين، حيث يجري تسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا. ولوحظ أن التراجع في الإنتاج المحلي من الغاز، دفع الحكومة المصرية إلى المضي في زيادة استثماراتها في القطاع بحفر 45 بئراً بكلفة 1.9 مليار دولار، وقد أنجز منها حفر 10 آبار، وستستمر الشركات الأجنبية في العامين القادمين بحفر 35 بئراً. وإضافة لذلك قررت شركة «إيني» الإيطالية، مع شركائها، توسيعَ استثماراتها في مصر بإضافة 7.7 مليار دولار خلال السنوات الأربع القادمة.
وأعلنت شركة «بريتش بتروليوم» البريطانية أنها ستبدأ بحفر 4 آبار استكشافية جديدة قبل نهاية العام الحالي، وأبلغت الحكومةَ المصرية اعتزامها استثمار 3.5 مليار دولار في السنوات الثلاث المقبلة، خصوصاً بعد تدفق استثمارات الشركات العالمية نتيجةَ ثقتها في مناخ الاستثمار في الاقتصاد المصري بصفة عامة، وقطاع النفط والغاز بصفة خاصة.
*كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد