: آخر تحديث

معايير الانضمام إلى «بريكس»

15
13
18
مواضيع ذات صلة

سؤال قد يتبادر إلى أذهان كثيرين من المتابعين لمجموعة «بريكس» بعد قمتها الأخيرة في جنوب أفريقيا، وهو: على أي أساس تم قبول ستة أعضاء جدد، في حين تم رفض طلبات عشرات الدول الأخرى؟

نعلم أن قمة «بريكس» قررت قبول عضوية كل من الإمارات، ومصر، والسعودية، وإيران، والأرجنتين، وإثيوبيا، لكنها رفضت عضوية كل من المغرب، والجزائر، والبحرين، والكويت، وفنزويلا، وبوليفيا، وإندونيسيا، وتايلاند، وكازاخستان.

قراءة ما حدث تكشف لنا أبعاداً سياسية مهمة، ومدى قوة دبلوماسية دولة ما، وإخفاق أخرى.

صار معروفاً أنه تم اعتماد آلية تقضي بضرورة موافقة الدول الخمس المؤسسة لـ«بريكس» بالإجماع، لقبول أي عضو جديد، وبالتالي فإن روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وافقت بالإجماع على قبول الدول الست الجديدة في عضويتها.

وهكذا يحق لكل من الإمارات، والسعودية، ومصر، وإيران، وإثيوبيا، والأرجنتين، القول إنها تمكنت من إقناع الدول المؤسسة بقبول عضويتها بالإجماع، ما يعني أنها تتمتع بدبلوماسية قوية، وبجملة مزايا مختلفة.

لم يعد سراً أن الصين، ثم روسيا، كانت من أشد المؤيدين والداعمين لتوسيع «بريكس»، في حين أن الهند كانت تتحفظ على ذلك، والسبب هو خشية نيودلهي من أن أي توسيع من شأنه زيادة نفوذ الصين الراغبة في حشد وتجييش أكبر عدد من دول العالم في هذه المجموعة، استعداداً لمواجهة سياسية واقتصادية، تراها قادمة لا محالة، مع الولايات المتحدة، وبعض حلفائها الغربيين.

التي تقدمت بطلبات رسمية للحصول على عضوية «بريكس» الكاملة بلغ عددها 23 دولة، في حين أبدت 40 دولة رغبتها في الانضمام، والتي تم قبولها ست دول فقط، في حين تم رفض عضوية 17 دولة، بعضها يتمتع بالكثير من المميزات، ومتقدم اقتصادياً، وذو كثافة سكانية.

ربما إلقاء نظرة على خريطة التصويت الذي تم داخل «بريكس» فيما يتعلق بالدول التي لم يتم قبول عضويتها، يكشف لنا، إلى حد كبير، ما لعبته الدبلوماسية خلف الكواليس التي دارت قبل قمة «بريكس» وخلالها وبعدها، في جنوب أفريقيا.

طبقاً لما تسرّب من معلومات، هناك دول لم تحصل على أي صوت من الأصوات الخمسة للدول المؤسسة للمجموعة، وهي: تايلاند، وفلسطين، والسنغال، وكازاخستان، والكويت، والمغرب، والبحرين، وهندوراس، وبوليفيا، وبنغلاديش.

في حين أن هناك دولاً حصلت على صوت واحد، مثل: فنزويلا، التي حصلت على صوت روسيا، وكذلك بيلاروسيا، وهو تصويت مفهوم بالنظر إلى العلاقة الحميمة التي تربط موسكو بهاتين الدولتين. في حين أن كوبا حصلت على صوتي روسيا والصين، وهو تصويت سياسي بامتياز، ومفهوم ومنطقي، لكنها حصلت أيضاً على صوت جنوب أفريقيا، وبالتالي تكون حصلت على ثلاثة أصوات من خمسة، لتكون أكثر الحاصلين على أصوات من بين غير المنضمين. الأمر نفسه تكرر مع الجزائر، حيث حصلت على أصوات روسيا، والصين، وجنوب أفريقيا، وهو تصويت مفهوم أيضاً.

بينما حصلت نيجيريا على صوتي البرازيل، وروسيا، والمفاجأة هنا أنها لم تحصل على صوت جنوب أفريقيا، ويمكن فهم معارضة الصين هنا؛ لأنها تتعامل مع نيجيريا باعتبارها تصطف، إلى حد ما، مع أمريكا في العديد من القضايا. أما فيتنام، فحصلت على صوتي روسيا، والصين، فقط، وكذلك الأمر بالنسبة لإندونيسيا، التي حصلت على صوتي البرازيل، والهند، في حين لم تحصل على صوت الصين.

ويصعب القول إن هناك معايير واحدة ومحددة حكمت الاختيار لهذه الدولة أو تلك، وبالتالي كانت هناك مبادئ إرشادية.

مرة أخرى، الصين وروسيا أيدتا فتح الباب واسعاً أمام انضمام أكبر عدد من الدول، بينما تحفظت الهند، التي فضلت فكرة إبطاء عملية التوسيع، والاكتفاء بوضعية «الشريك» من دون العضوية الكاملة، حتى استيفاء كامل شروط الانضمام.

وطبقاً لما قاله دبلوماسي عربي سابق: «إن المعيار الأساسي للضم كان ضرورة استيفاء أي عضو شرطين أساسيين، أو واحداً على الأقل، هما: الأهمية الجيوسياسية، و/أو الأهمية الجيواقتصادية، وأن يكون للدولة دور نشط، وذو تأثير إقليمياً وعالمياً.

الملاحظة المهمة هنا هي: تقدير مجموعة «بريكس» للمنطقة العربية، فحينما يتم اختيار ثلاث دول، فهذا تقدير للعالم العربي، وللمنطقة، وللبلدان الثلاثة، كما أنه اعتراف بأهمية دورها في مجالات متعددة.

لكن الغريب هو عدم قبول عضوية إندونيسيا، أو نيجيريا، أو الجزائر، فهي بلدان مؤثرة إقليمياً على الأقل، وذات كثافة سكانية عالية، كما أن لديها موارد اقتصادية مهمة.

لكن من الواضح أن بداية توسيع «بريكس»، والآمال العريضة، التي يعلقها عدد كبير من دول وسكان وشعوب العالم الثالث، سوف تقود، عاجلاً أم آجلاً، إلى مزيد من ضم بلدان، خصوصاً الأكثر تأثيراً في محيطها.

كل السطور السابقة كانت تتعلق بمعايير القبول أو الرفض لعضوية مجموعة «بريكس»، لكن يبقى التساؤل حول مدى قدرة «بريكس» بعد توسيعها لتضم 11 دولة على تلبية تطلعات شعوبها في إقامة نظام عالمي جديد أكثر عدلاً وإنصافاً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.