: آخر تحديث

الشباب والإعلام الجديد

8
11
12
مواضيع ذات صلة

تابعتُ في الأيام القليلة الماضية ندوتين أقيمتا في البحرين، واحدة في مقر أسرة الأدباء والكتّاب عن «أدب الشباب والإعلام الجديد»، والثانية في مركز عبد الرحمن كانو الثقافي عن «الصحافة الثقافية في منصات التواصل الاجتماعي».

في الندوة الأولى تحدث شاب وشابة نشآ في الزمن الرقمي، ولم يدركا الزمن الذي كان الورق وحده، لا منافس له، صحفاً ومجلات وكتباً، هو حامل المعرفة وناقلها، قبل أن يسود الإعلام الرقمي وتصبح وسائل التواصل الاجتماعي منافساً جدياً للمطبوع على الورق. أما في الندوة الثانية فتحدث أستاذ للإعلام في جامعة البحرين، سعى لتقديم صورة بانورامية لتاريخ الصحافة الثقافية، خليجياً وعربياً عبر عقود، معرجاً على أثر وسائل التواصل الاجتماعي، ومؤخراً الذكاء الاصطناعي، على سبل نقل المعلومات والأفكار.

في الندوتين، على حدٍ سواء، دار حديث عن إيجابيات وسلبيات هذا التحوّل، ولن نكرر ما قيل في هذا الصدد، لأنه حديث الساعة، لكن نشير إلى أنه جرى حديث عما نريد وصفه ب «فوبيا» كل ما هو جديد، حيث يجري التطيّر من أي نقلة في التكنولوجيا أو اكتشاف في العلم يمس المتبع والسائد، لا عبر عقود فقط وإنما عبر قرون، رغم أن تحوّلات الحاضر لم تعد تحتاج لمثل هذه الآماد الطويلة، ففي العقد الواحد نشهد نقلات تكاد تكون جذرية، خاصة في المجال الرقمي، لكن لا بأس من التذكير بأنه حتى اكتشاف المطبعة قوبل في حينه برفض من «محتكري» العلم والمعرفة، حين يسرت طباعة الكتب لتصل إلى دوائر واسعة من المتلقين، على خلاف ما كانت عليه الحال زمن المخطوطات. شيء مشابه واجهته الإذاعة عند اكتشافها والسينما والتلفزيون وسواها، وبالتالي فإن «رعب» الحاضر من كل ما هو رقمي، لا يخرج عن هذا السياق.

مع ذلك لا يصحّ تجاهل السلبيات أيضاً. في النهاية الإعلام، أكان ورقياً أو رقمياً، هو حامل للمعلومة والفكرة، والمعلومات كما نعلم فيها الصحيح وفيها الزائف، وحتى الأفكار فيها ما يصنع المعرفة ويعمقها، وما يصنع التسطيح والتفاهة، ولا شك أن قدرات الإعلام الرقمي على الانتشار الواسع تسهل انتشار النقائض، قياساً إلى ما كان الإعلام الورقي يفعله. ومن الأشياء التي استوقفتني قول أحدهم في واحدة من الندوتين، إنه كان يتمنى قراءة الكثير من الكتب ولم يتمكن، إلى أن اهتدى إلى منصة إلكترونية تقدّم عروضاً موجزة للكتب، مكّنته أن يعرف في ساعات ما كان يحتاج منه أياماً واسابيع.

في هذا استسهال كبير لأمر القراءة، فعرض أي كتاب مهما بلغت جودة العرض، ليس بديلاً عن قراءة الكتب نفسها، وعلى هذا المثال قس الكثير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد