: آخر تحديث

معركة عين الحلوة مقدّمة لمعركة الضّفة الغربيّة... أو ما تبقّى منها!

17
16
17
مواضيع ذات صلة

مرة جديدة انفجر الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان الذي يقطنه أكثر من 75 ألف لاجئ، وهو أكبر المخيمات الفلسطينية في الشتات. لكن هذه المرة يبدو أن احتدام المعارك بين حركة "فتح" وتنظيم "جند الشام" وبعض الفصائل الصغيرة المتطرفة لمدة تجاوزت حتى اليوم أكثر من ستة أيام متتالية، سقط خلالها نحو عشرين قتيلاً وعشرات الجرحى، مختلف عما سبق.

 
في المرات السابقة كانت الصدامات المسلحة في المخيم تعكس تنافساً موضعياً على النفوذ داخل أحياء المخيم المزدحم، أما اليوم فالصدام الذي تشكل حركة "فتح" أساسه أخذ طابعاً له امتدادات خارج المخيم تصل إلى قلب الضفة الغربية. كما أن خلفياته لا تتوقف عند صراع نفوذ على حي، أو مركز أو موقع في مخيم في لبنان، بمقدار ما تتوقف على جملة معطيات طرأت على الساحة الفلسطينية عامةً، وانفجرت اليوم داخل أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين نفسها.
 
فقد تزامن انفجار الوضع الأمني مع انعقاد اجتماع الفصائل الفلسطينية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مدينة العلمين الجديدة في مصر في محاولة لتوحيد مواقفها، وقد قاطعتها "حركة الجهاد الإسلامي" المرتبطة مباشرة بإيران. وتأتي على خلفية احتدام صراع لم يعد خفياً بين السلطة الوطنية الفلسطينية وكل من حركتي "الجهاد الإسلامي" و"حماس" في الضفة الغربية، وتجلى في قيام مجموعات تابعة أو مقربة من "الجهاد الإسلامي" بعمليات كبيرة ضد الاحتلال الإسرائيلي حشرت السلطة الوطنية الفلسطينية في زاوية صعبة مع الجهات التي تدعمها. أكثر من ذلك، تنامت قوة "حماس" و"الجهاد" في مخيمات الضفة مثل "جنين" إلى حد بات يهدد سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس. لكن العنصر الذي استجد في المرحلة الأخيرة أن مسألة خلافة الرئيس الفلسطيني وضعت على الطاولة، وصارت جزءاً من صراعات حركة "فتح" الداخلية، وجزءاً من صراعات "فتح" والسلطة مع حركتي "حماس" و"الجهاد"، بما فيها من خلفيات إقليمية معروفة.
 
وإذا كان الصدام العسكري الذي انفجر في مخيم عين الحلوة قد انحصر حتى الآن بين "فتح" و"جند الشام"، فإن الصراع الفعلي هو بين "فتح" من جهة، ومن يقف خلف "جند الشام" قريباً أو بعيداً، مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وصولاً إلى "حزب الله" ومن يقف خلف "حزب الله" أيضاً. فالمعركة أخذت بعداً يتعدى حجم "جند الشام" والمجموعات المتطرفة الأخرى، إذ بدأت تكشف عن البعد الإقليمي لقرار كبير متخذ في محاولة لتصفية حركة "فتح" في أكبر مخيم فلسطيني في الشتات وله رمزية كبيرة، وتداعيات أكبر إذا نجحت تلك المحاولة.
 
الموضوع أكبر من صراع على نفوذ موضعي داخل المخيم. بل إنه صراع على مصادرة آخر معقل سياسي – أمني فلسطيني لا يزال خارج دائرة  النفوذ الإيراني. ولعل القدرات العسكرية، إن لجهة الأسلحة أو لجهة المد الهائل من الذخائر التي ظهرت بين يدي "جند الشام" المكلف الاصطدام مع "فتح"، تعزز الشكوك الكبيرة في أن جهة "كبيرة" عملت على مد "جند الشام" بما يلزم للاصطدام مع "فتح" تحت أعين خصوم السلطة الوطنية الفلسطينية الداعمة ضمناً، والتي تؤمن ظهر المجموعات المتطرفة التي تعمل تحت الطاولة لحساب "محور الممانعة".
 
من هنا الخشية من أن يتطور الصدام العسكري في مخيم عين الحلوة أكثر ويؤدي إلى نتائج، ليس فقط في لبنان، بل في الداخل الفلسطيني، لا سيما في الضفة الغربية، حيث افتتحت معركة خلافة محمود عباس وتحجيم حركة "فتح". ومن هنا فإن معركة مخيم عين الحلوة في لبنان هي وجه من وجوه المعركة على الضفة الغربية بعد غياب أبو مازن.  


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد