: آخر تحديث

نحن وثقافة آسيا

23
24
30
مواضيع ذات صلة

حين يدور الحديث عن تثاقفنا الحديث، كعرب، مع الثقافات الأخرى، سنلاحظ أن الطاغي من ترجمة الآداب الأخرى إلى لغتنا العربية، يتركز في تلك المنتجة في البلدان الغربية، فجلّ هذه الترجمات هو عن الإنجليزية والفرنسية، لتليهما لغات أوروبية أخرى، حيث بقينا متأثرين، بشكل رئيسي، بالفضاءين الأنجلو سكسوني والفرانكفوني. ولهذا أسبابه التاريخية والموضوعية المعروفة، الناجمة بدرجة أساسية عن حقيقة أن بلداننا خضعت لهيمنة واحدة من الإمبراطوريتين البريطانية أو الفرنسية في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى من جهة، ومن جهة أخرى لما للغتين الإنجليزية والفرنسية من حضور عالمي، حيث باتتا لغتي الكثير من الشعوب، وبالتالي فإن حجم ما يكتب بهما من أدب وفكر هو الطاغي في الثقافة العالمية.
في غمرة هذا، كدنا أن ننسى أننا من الشرق، وأن الروابط التي تشدّنا إلى الكثير من الثقافات الشرقية، هي من وجهة النظر التاريخية أقدم من تلك التي نشأت لاحقاً بيننا والثقافات الغربية، كما أن مصادر التكوين الروحي والثقافي للكثير من الأمم الشرقية، الآسيوية منها بشكل خاص، تتقاطع أو تتشابه مع تكويننا الروحي، ما يتطلب منّا الالتفاف شرقاً، وهو التفات، وإن جاء متأخراً، لكن هناك علامات مهمة عليه آخذة في التزايد من خلال ترجمة آداب الشرق وتراثه إلى العربية، حتى لو تمّ ذلك عبر اللغات الوسيطة، خاصة الإنجليزية والفرنسية، كون عدد المتمكنين من اللغات الشرقية قليلاً جداً، بالقياس لأعداد المتمكنين من اللغات الغربية، وهكذا بتنا نقرأ أدباً من الهند والصين واليابان وكوريا.

نشير إلى كوريا بالذات، ونحن نحتفي باستضافة الدورة ال65 من معرض سيؤول الدولي للكتاب، والتي انطلقت أمس، وتستمر حتى 18 يونيو/ حزيران الجاري، لإمارة الشارقة ضيف شرف للمعرض هذا العام، تقديراً لمشروعها القائم على اعتبار أن الثقافة، والتنمية الثقافية، مرتكز أساسي من مرتكزات التنمية، وأهم ما في هذا الحدث الثقافي أن المبادرة آتية من بلد وأمة معروفين بتراثهما الثقافي الغني، في التفاتة نحو ثقافتنا باختيار الشارقة بالذات، كراعية للثقافة، ضيف شرف لمعرض سيؤول.

هذا الحدث الذي تشارك في إحيائه وجوه ثقافية وأدبية إماراتية في مجالات الكتابة والأدب المختلفة، فرصة جيدة للتعرف والتعريف، التعرف إلى ثقافة آسيوية مهمة، والتعريف بثقافتنا العربية وآدابها انطلاقاً من تجربة مبدعي الإمارات المشاركين فيه عبر سلسلة فعاليات وجلسات حوارية، وبمشاركة 12 مؤسسة ثقافية إماراتية. وينسجم هذا التعرّف والتعريف مع رسالة الثقافة القائمة على التفاعل والإثراء المتبادلين من جهة، ومع تحوّلات المشهد الثقافي العالمي عامة، الذي تتقدم الثقافات الآسيوية لتبوؤ مركز متقدّم فيه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد