: آخر تحديث

خواطر في مراجعة التاريخ

15
15
16
مواضيع ذات صلة

كيف ستكون انعكاسات العلوم التطبيقية على العلوم الإنسانية، تحديداً ما يتعلق بالجذور؟ ما هي آثار العلوم التجريبية مستقبلاً في اللغة، التاريخ، الأنثروبولوجيا، العلوم الاجتماعية، الإحاثة وما شاكلها أو جاورها في هذه الدوائر الواسعة، المتعددة التخصصات؟ مبدئيّاً، من نزاهة البحث العلمي ألاّ نتوهم أن كل ما وصل إلينا إنما هو حدائق حقائق، وشموس معارف. إنّا إذاً لفي ضلال مبين، فلن تستقيم الظلال والعيدان عوجاء.

مقولة ذلك الفيلسوف رائعة: «حادث وقع أمام عيني قبل أسبوع، مع ذلك كثرت فيه الروايات واختلفت، فماذا عن الوقائع التي جرت قبل ثلاثة آلاف سنة؟» نزار كان على نيّاته، يظنّ أن التاريخ نصف حوادثه تزوير. نصفه فقط؟ لكن المعضلة المأساوية في الحقيقة عقبتان، إحداهما أن جهود البحث العلمي في المجالات المعنيّة قليلة وبطيئة في النطاق العربي الإسلامي، ولا حاجة إلى دليل على أن ما يجري في مراكز البحث الجامعية وغيرها، في الغرب والشرق، يفوق بكثير، كمّاً وكيفاً، ما يقدّمه الباحثون العرب والمسلمون. العقبة الأخرى أن في العالمين العربي والإسلامي أوساطاً أو فئات عدّة لديها اعتراضات ومواقف شديدة الصرامة إزاء القول بغير ما ورد في كتب التراث.

تلك المواقف حسنة النيّة، لكنّ لها سلبيات، والأدلة القاطعة وفيرة في وسائط التواصل، ومنها يوتيوب، التي فيها أعداد هائلة من الحسابات والبرامج التي تتناول تاريخ العربية والإسلام، بتشويهات وتزييفات في منتهى الجهل والحقد والإسفاف والبذاءة. المعنيون بهذه القضايا في العالم العربي، يجب أن يدركوا أن المستهدفين بتلك الحبائل المتثاقفة المتعالمة، ليسوا نخبة أهل الفكر والمعرفة الذين لديهم مناعة مكتسبة ضد الفيروسات الفتاكة والسموم، فالمرمى والمرام هم تلك الحشود الملايينية التي لم يحرّرها العرب من أغلال الأمّية، فباتت سهلة لسوء الاستغلال. هذه المواقع لا تحصى بالعربية والفارسية والإنجليزية والفرنسية، وغيرها ولا شك.


المواجهة المدروسة لا تكون عنترية: «وإذا بُليتَ بظالمٍ كن ظالماً.. وإذا لقيتَ ذوي الجهالة فاجهلِ». الردود الحصيفة تكون في مستويين. الأوّل وهو الأهم: أن يقوم مشروع حضاري ثقافي كبير، تضطلع به مجامع اللغة العربية والألكسو، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، لإعادة كتابة تاريخنا بطريقة علمية حديثة. فمعيب أن تكون دراسات مراكز البحث العلمي الجامعية وغيرها، في دول أجنبية كثيرة، أعمق وأبعد مدى، بينما الكثير من المطروح في دنيا العرب، كأنه قصائد فخر، أو استعراض عضلات بلاغة. الأمر الآخر: أن يحترم العالم العربي البحث العلمي، فلا يظل سيف داموكليس مسلّطاً عليه. الباحثون ليسوا قُصّراً في حاجة إلى أوصياء.

لزوم ما يلزم: النتيجة التمثيليّة: ههنا التطبيق المثالي للمثل: «بيدي لا بيد عمرو». نحن أولى بمراجعة ماضينا. ظهورنا أولى بأظفارنا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد