: آخر تحديث

مجلس التعاون الجديد

20
18
20
مواضيع ذات صلة

أود بدايةً تهنئة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون بالذكرى الثانية والأربعين لإنشاء مجلس التعاون، هذه الذكرى التي تحمل عناوين بارزة للإرادة والطموح للقادة المؤسسين للتكامل والوحدة الخليجية وحفظ السيادة الوطنية ووحدة الصف عبر سلسلة من الإنجازات وتعزيز المصالح المشتركة والبناء الحضاري وترسيخ القيم وتثبيت دعائم السلم والأمن والاستقرار واحترام المجتمع الدولي، وعلى إيمان أصحاب الجلالة والسمو الحاليين بالمجلس وبرسالته منذ قيامه وأهمية استمراره رغم كل ما تعرض له خلال فترة مسيرته من مخاطر وتهديدات ومشاكل ومطبات متعددة كادت أن تنهيه كأنجح كيان وحدوي عربي؛ كالخلافات بين بعض دوله والحرب العراقية الإيرانية 1980 وغزو صدام حسين للكويت 1990 والغزو الأمريكي للعراق 2003 والتدخلات الإيرانية في دول المجلس منذ نجاح ثورة الخميني 1979 والمقاطعة الثلاثية لدولة قطر 2017.

ولكي نكون أكثر وضوحًا حول هذا الكيان الوحدوي الذي ظل صامدًا أمام التهديدات والتدخلات والضغوطات وأعطى الأمل الوحيد باستعادة الأمة العربية لأمجادها ومكانتها ودورها التاريخي العظيم، نجد أن هذا الكيان وبعد مرور 42 عامًا من النجاح والفشل، لم يحقق الهدف الذي نص عليه نظامه الأساسي بالوصول إلى الوحدة بين دوله الأعضاء لأسباب متعددة رغم أنه حقق جميع متطلبات الوحدة أو الاتحاد، إلا أن بعض دوله الأعضاء رأت أن التوقيت غير مناسب فيما رأت دول أخرى أن الوقت مناسب جدًا خاصة والمنطقة العربية تعاني من تحديات الربيع العربي 2011.

أما اليوم فأستطيع القول وفي هذه اللحظة بأننا أمام قيادات خليجية شابه خلعت عنها عباءة الماضي وأصبحت لها رؤية جديدة من اجل استكمال مجلس التعاون لدوره المهم دوليًا وإقليميًا وبما يرتقي بحياة مواطنيه ويجعله في مصاف الدول المتقدمة وفقًا لآخر التطورات التي تمر بالعالم وبناء العلاقات مع الدول الكبرى انطلاقًا من أهدافهم كمجموعة مع الأخذ في الاعتبار مصالح دولهم ومواطنيهم بالدرجة الأولى؛ فلم تعد هناك املاءات في اتخاذ القرارات السيادية التي اصبح اتخاذها وفقًا للمصالح السياسية والاقتصادية.

وإذا كنا أمام تطور بهذا الحجم من القوة، فنحن بحاجة إلى مجلس تعاون جديد مواكب بأفكار ورؤى جديدة ولديه صلاحيات واسعة خاصة وأن الأمانة العامة لمجلس التعاون يقودها الآن أمين عام جديد محنك له من الخبرة الدبلوماسية ما يساعده على التجديد والابتكار، خاصة بعد عودة المياه إلى مجاريها وجسور الثقة بين الدول الأعضاء بعد فترة من التوتر في العلاقات الثنائية كاد فيها هذا الصرح من السقوط والانهيار، إلا أنه تمكن من تجاوز الأزمة والعبور إلى مرحلة جديدة من التعاون الخليجي المشترك واستكمال المجلس لمسيرته المباركة وتحويل أهدافها إلى واقع ملموس لتعزيز اللحمة الخليجية والجبهة الداخلية والوقوف حصنًا حصينًا ضد أي تهديدات ومخاطر خارجية وتثبيت أركانه كمنظومة رائدة لها دور مهم ومسموع في المحافل الدولية والعربية.

لذلك فإن قيام مجلس تعاون خليجي جديد متماسك، يسير حسب التطور المهم في دوله الأعضاء الذي يحتم على:

1. التجاوب مع دعوة إنشاء الاتحاد الخليجي التي دعا إليها الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله في قمة الرياض عام 2011 ووجدت ترحيبا من جلالة الملك المعظم وتضمنها خطابه للقمة ذاتها في الجلسة التالية للمجلس الأعلى، وتوسعة صلاحيات الأمانة العامة بقيادة أمينها العام جاسم البديوي.

2. سرعة استكمال المواطنة الخليجية من النقطة التي وصلت إليها فيما يخص العمل والنشاط الخليجي المشترك بين دوله الأعضاء ويستشعرها المواطن الخليجي للاطمئنان على أمنه واستقراره ومستقبل الأجيال القادمة خاصة مشروع السكة الحديد الذي سيربط دول المجلس من الكويت شمالاً إلى مسقط جنوبًا.

3. الحد الأدنى من الاتفاق حول السياسة الخارجية مع الدول الأخرى وخاصة الدول الكبرى والتعامل الحذر مع الصراعات والتهديدات المحيطة بدول المجلس ومراقبة نتائجها خاصة تلك القائمة والمتوقعة وانعكاساتها واتخاذ موقف الحياد منها لضمان أمنها واستقرارها.

4. استكمال مسيرة بناء المجتمع الخليجي الجديد القائم على التعددية والمشاركة الوطنية في إدارة الحكم باتخاذ الخطوات المكملة لما هو قائم على ارض الواقع من إنجازات مهمة لترسيخ التعددية وبناء المجتمع التعددي، فقد اثبتت دول المجلس إدراكا سليما مصالح مواطنيها مما كان له دور في تحقيق العديد من إنجازاتها المدنية والحضارية التي هي من اهم أسباب نجاح المسيرة الرائعة لمجلس التعاون التي تعمل على تحقيق رؤية متقدمة لحماية حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير والعدالة والمساواة وإتاحة الفرص للجميع والقبول بالآخر والقضاء على الفساد طبقًا للعديد من الرؤى التي طرحتها دول المجلس في القمم الخليجية المختلفة كرؤية البحرين 2009 والسعودية وقطر والكويت.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد