: آخر تحديث

مصر.. والاستثمار الآسيوي

13
13
16
مواضيع ذات صلة

حمل تقييم وزارة المالية المصرية لأداء النصف الأول من الموازنة للعام المالي 2022–2023 سلسلةَ مؤشرات تبشر بتحقيق المستهدفات في يونيو المقبل. وتشير الأرقام إلى أن نسبة الإيرادات المحقَّقَة إلى الأرقام التقديرية للعام بأكمله بلغت 38%.

وتوقعت الوزارةُ أن تساعد النتائجُ على وضع الموازنة والدَّين العام في مسار نزولي، وتحقيق فائض أولي بنحو1.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يصل العجز المالي الكلي إلى 6.8%. وإذا كانت نسبة الدَّين إلى الناتج قد بلغت 85.3%، فإن مصر تستهدف خفض هذه النسبة إلى أقل من 80% خلال العام المالي 2025-2026، وهو أدنى معدل منذ عام 2010.

ورغم التضخم وخسائر الجنيه مقابل الدولار، توقع صندوق النقد الدولي الذي منح مصر قرضاً بثلاثة مليارات دولار، أن يسجل الاقتصادُ نمواً بنسبة 4% العام المالي الحالي، ثم بنسبة 5.3% العام المقبل، وبنسبة 5.7% العام المالي 2024-2025. لكن، ومع الأخذ في الاعتبار موافقةَ دول الخليج على عدم سحب ودائعها في البنك المركزي المصري (والبالغة نحو 28 مليار دولار) قبل سبتمبر 2026، وهو نهاية برنامج قرض الصندوق، تواجه مصر«فجوة مالية» بقيمة 17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.

فكيف يمكن تغطية هذه «الفجوة»، مع الالتزام بدفع أقساط الديون المستحقة في مواعيدها؟ يبدو أن مصادر التمويل الخارجية مؤمَّنة، ولذا فقد أبدى وزير المالية محمد معيط ارتياحه لنجاح الإصدار الأخير للصكوك السيادية الإسلامية والحصول على 1.5 مليار دولار، حيث بلغ الاكتتاب 6.1 مليار دولار، أي بزيادة بلغت أربعةَ أضعاف، بما يعكس أهميةَ الثقة الدولية للجهات المستثمرة في الاقتصاد المصري، وقدرته على نيل مزيد من القروض. وهذا مع العلم بأن وزارة المالية أنشأت برنامجاً لإصدارات الصكوك الإسلامية لأعوام مقبلة بقيمة خمسة مليارات دولار، تم تسجيله في بورصة لندن.

وذلك إضافةً إلى قرض مرتقب من البنك الدولي للأمن الغذائي بمليار دولار. بينما تهدف الحكومة إلى استقطاب نحو 13 مليار دولار حتى العام المالي 2025-2026، يأتي قسم كبير منه من بيع حصص مملوكة للدولة في شركات مصرية لاستثمارات خليجية. وفي هذا السياق، تركز مصر على أسواق جديدة للإصدارات الحكومية بالعملات الآسيوية، والتعامل مع أهم المراكز المالية بدول شرق آسيا، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، والحصول على قرض بقية مليار دولار من بنك التنمية الصيني.

وكذلك تتطلع بقوة (كما يقول وزير المالية) إلى تعزيز سبل التعاون مع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وترسيخ الشراكة معه، لا سيما لجهة الاستفادة من موقعها الجغرافي الحيوي الذي يصل بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، وبما يؤهلها للقيام بدور استراتيجي في ضمان بنية تحتية جيدة ومستدامة، وتعبئة الموارد المالية وترويج الفرص الاستثمارية، وتوسيع دور البنك في التمويل التنموي للقطاع الخاص.

ولتحقيق هذه الأهداف، سيُعقَد لأول مرة اجتماعٌ لمجلس محافظي البنك في مدينة شرم الشيخ المصرية في سبتمبر المقبل. وتبقى الإشارة إلى أن مصر إحدى الدول المؤسسة للبنك الآسيوي للاستثمار، وقد بلغت محفظة تعاونها معه أكثر من مليار دولار، وهو من أهم مؤسسات التمويل العالمية، خصوصاً بالنسبة لدوره المرتقب، حيث يمثل الآلية التمويلية لمشروعات المبادرة الصينية «الحزام والطريق» التي تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أهم استثماراتها، الأمر الذي يبرز أهميته في التنافس الدولي والصراع على مناطق النفوذ بين الشرق والغرب، مع استمرار الحرب الاقتصادية بين القوى الاقتصادية الدولية الكبرى.
*كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.