: آخر تحديث

تسويق فاشل

11
13
12
مواضيع ذات صلة

بعد فترة توقف عن قراءة الأدب الروسي، عدت قبل أيام إليه عبر قصة "المعطف" لنيكولاي جوجول الموصوف بأنه "أبو الواقعية الروسية"، وتعد قصصه من أعمدة الأدب الروسي.

هي قصة طويلة أو لعلها رواية قصيرة، أفسدها علي المترجم فيما سماه "توطئة" حيث بدأ باستعراض سيرة المؤلف وعلاقته بألكسندر بوشكين وهذا كان حسنا جدا، لكنه استرسل في التوطئة، وربما اندمج لدرجة أنه حكى الحكاية كلها في صفحتين، ففقدت وفقد من اقتنى هذه النسخة من هذه الدار لهذا المترجم، متعة القص ومتابعة أو توقع الأحداث، ومتعة المفاجأة أيضا.

عندما تقوم بنقد أو استعراض عمل إبداعي يمكنك الإشارة إلى تفاصيل المحتوى ومختصر القصة، لكن لا يمكنك كناشر أو مترجم أن تضع في مقدمة القصة أو الرواية مختصرا للأحداث، لأن القصة والرواية بالذات ترتكز على فعل القص والسرد، أي توالي الأحداث التي تشدك وتثير مخيلتك أو حنقك أو مقارناتك أو أي انفعال آخر.

ذكرني المترجم بكثير من الأخطاء التسويقية، والاتصالية، فخطر في بالي - مثلا- من يقدمون المناسبات ويلقون كلمات مطولة تحرق على الحضور أو المشاهدين تفاصيل يفترض أن يرونها بشكل إبداعي أو مختلف.

أيضا تذكرت من يكتبون مختصرات الأفلام أو المسلسلات، بعضهم يجعلك تزهد في المشاهدة، لأنه أعلمك بكل شيء تقريبا، وبعضهم ينجح في زيادة اهتمامك وحماسك، وهو يفعل ذلك في الأغلب عبر الأسئلة، والأسئلة دوما محفزة للاهتمام، بحثا عن إجابات، أو حتى اشتقاق أسئلة أخرى منها.

أحسب من تجربة متوسطة في القراءة للأعمال المترجمة أن بعض دور النشر والمترجمين يفشلون في التسويق الذي يهدفون إليه، يفشلون من حيث لا يعلمون، تستطيع معرفة ذلك من شيئين، ما يكتب على الغلاف الأخير، وما يكتب في مقدمة الناشر أو مقدمة المترجم.

هناك نظرية أن بعض الأعمال لا تحتاج إلى شيء، لأنها من الأعمال الخالدة، أو لأن مؤلفيها من الأسماء البارزة جدا، وهذا كان صحيحا للأجيال التي عاشت أو لحقت على الفترات التي كانت القراءة البوابة الأولى أو الوحيدة للمعرفة، أو الاطلاع، أو حتى الاستمتاع.

اليوم هناك جيل لا يعرف، أو ربما ببداهة تفرضها المرحلة لا يقر بخلود بعض الأعمال، أو بأهمية وبروز بعض الأسماء، وهذا الجيل يحتاج إلى تسويق يناسب مرحلته، ويحاول أن يجعل العمل المراد بيعه عليه جزءا من اهتماماته.

النشر صناعة وقطاع اقتصادي مهم، وعليه تبني الحداثة وما بعدها في التسويق والتشويق ليصل بمنتجاته إلى قراء/ مستهلكين جدد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد