: آخر تحديث

احترمني ولا تحبني

11
10
12
مواضيع ذات صلة

هكذا تكون العلاقة الصحيحة النقية، فبناء العلاقات لا بد أن يقوم على الاحترام الذي سيولد الحب، وإن لم يكن الحب فسيكون التقدير والعدل في التعامل، وحسن الخلق في التواصل، ويقال انتقدني عدلا ولا تطعمني، ونحن بين الاحترام والانتقاد ماذا نكون؟

وديننا الحنيف القويم أتى بمفهوم أكبر من تلك العبارة، وأسمى من هذا الكلام، وأنقى من ذلك الحديث فقد دعا إلى مفهوم العلاقة الحقيقية بين الناس في المجتمع المسلم وأكد على علاقة المحبة في الله والكره فيه، فالمسلم يحب أخاه المسلم هكذا ليست محبة في مصلحة أو منفعة أو مقابل مادي، العلاقة هكذا تكون علاقة سامية ونقية يسودها الود والاحترام الفعلي وحسن الظن، وغفران الزلات، وتبرير الخطأ، واحترام الذات، وتقديم الفأل، والتكريم وغير ذلك.

كما دعا إلى الدعوة والمجادلة بالحسنى وإظهار الأخطاء لتقويمها وليس لإعلانها أو التشفي بأصحابها، وأن نعطي كل ذي حق حقه، فليس حبنا لشخص ما يجعلنا نغفل الخطأ عنه، ولا يكون موقفنا من شخص ما سببا يجعلنا نظهر ونصطاد كل زلة وتقصير ونضعها في أكبر من حجمها.. ولا نكون كما قال الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة

وعين السخط تبدي المساويا..

وعودة إلى بعض مجتمعنا المغرم بالنقد وليس النقد بمفهومه الأدبي والأخلاقي إنما النقد العشوائي المؤلف من بث الإحباط، أو صنع الإحراج، وجمع السلبيات، أو صيد الأخطاء إظهارها بافتتان وزهو بلا مبالاة، ولا احترام، ولا تقدير، ولا فهم لشعور الآخر، فالمشرف على أمر ما لا يحترم مهنة الإشراف لأنه يأتي لموظف أو عامل ما مظهرا للنقائص، وحاصرا للتقصير أكثر منه موجه ومدير ومقيم ومفيد ومستفيد.

حقيقة إن الفرد في بعض مجتمعنا يفتقد التوازن في ذكر الإيجابية مقارنة بالسلبية في نظرته للأشياء ويحكم بما تحمله نفسه قبل أن يرى ما يتطلبه الموقف أو ما تكون عليه الحال أساسا، كما أن مفهوم النقد الملتزم باحترام الحال والظرف والشخص والنظرة الشاملة مفقود لدى الكثير.

في أحد المسلسلات الأجنبية وفي إحدى حلقاته كان هناك مشهد لاجتماع عائلة يقبل عليها زميل عمل للزوج فيدخل البيت ويتحدث إلى زميله بقول لو سمعناها في بعض مجتمعنا لساءت الأمور، حيث قال زميل لزميله أنا حقيقة لا أطيق رؤيتك لأجل كذا وكذا ولكني أحترمك وأقدرك لأنك شخص مبدع وذكي في العمل، انظروا إلى تلك المقولة اشتملت على الصراحة والصدق وإبداء الرأي بحسب ما يراه الزميل، فهو لا يحب الزوج ولكنه لم يترك احترامه ولم يسقط عنه صفاته الحسنة.

ويبقى القول: مكارم الخلق وأحسنها بني عليه التعامل في ديننا، فماذا يمنعنا أن نصدق في حكمنا ولا ننجرف وراء مشاعرنا، فنركن إلى ما تحمله عاطفتنا إيجابا أو سلبا ليكن حكمنا عادلا محترما؟، وما الذي يمنعنا أن نذكر الإيجابية قبل السلبية أو على الأقل نذكرهما جميعا؟، وهذا مفهوم «احترمني ولا تحبني»، هذا مفهوم حسن الخلق، هذه تعاليم ديننا القويم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد