: آخر تحديث

بلد يكبر بقائده

19
14
20
مواضيع ذات صلة

البحرين صغيرة سكانياً وجغرافياً، ولا تملك الموارد التي تملكها كثير من الدول، واحتياطيها وانتاجها من النفط والغاز هو الأقل على مستوى دول الخليج العربي، لكنها دولة كبيرة بحضورها الإقليمي والعالمي، وأحد المفاتيح المهمة للاستقرار والأمن في المنطقة، وتشهد تقدماً وانجازات وتنمية تضاهي بها الدول المتقدمة.

ليس هذا الأمر وليد الصدفة، بل نتاج قيادة حكيمة ورؤية ثاقبة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، حيث أثبت جلالته أنه واحدة من بين أهم قادة العالم تميزا وقراءة للمستقبل، ومعرفة باحتياجات شعبه من التنمية والرفاهية، وتلبيتها، ووضع كل الأمور في نصابها الصحيح.

أقول ذلك عن دراية وخبرة ومتابعة عن قرب للتطور الذي تشهده البحرين منذ بدأت حياتي المهنية والأسرية في هذا البلد الكريم في العام 1976 وحتى اليوم، فالبحرين بلد حضاري متقدم اكتسب مع تسلم جلالة الملك مقاليد الحكم زخماً غير مسبوق على صعيد التنمية السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها، وتحول البلد إلى ورشة عمل بإسهامات جميع أبنائه، فتسارعت معدلات الإنجاز غير المسبوق.

فمنذ تسلم جلالته مقالد الحكم، أطلق الملك المعظم مشروعاً إصلاحياً شجاعاً وجريئا شد انتباه المنطقة والعالم، وحرص جلالته على تضمين هذا المشروع في دستور حضاري متقدم صدر في العام 2002، واندمجت مختلف مكونات الشعب في الحياة العامة ووفق ما ينص عليه الدستور والتشريعات الناظمة لذلك والتي يقرها مجلسان ممثلان لإرادة الشعب وخياراته وقراراته، هما مجلسا الشورى والنواب، وتمكنت البحرين من تعزيز مكانتها الحقوقية المرموقة في مختلف منصات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية المرموقة، وتأكد ضمان حرية الرأي والتعبير أو حرية التجمع السلمي أو حرية تأسيس الجمعيات الوطنية أو غيرها من الحقوق الدستورية المشروعة والمقررة هي حق مشاع لجميع أفراد الشعب يترتب عليه واجب المسؤولية الوطنية والأخلاقية في استخدامه.

وفي كل مرة تواجه فيها البحرين أو المنطقة أو العالم تحدياً كبيراً من نوع ما، يظهر أثر المبادرات النوعية الاستباقية في الحفاظ على الأمن والاستقرار. هذا الأمر مكن البحرين أيضاً من اتخاذ مواقف سديدة وحاسمة على الساحة الدولية، خاصة في خضم الصراعات التي يشهدها العالم حالياً، والتي برزت في أوضح صورها مع الأزمة الأوكرانية.

وكلما ارتفعت أصوات المدافع، احتاج العالم إلى زعماء عقلاء حكماء، يعيدون الأمور إلى نصابها الصحيح. وهنا رأينا حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى وقد كثَّف من أنشطته الدبلوماسية ولقاءاته الخارجية التي ترمي بمجملها إلى حفظ الأمن والاستقرار والتنمية.

فقد شارك جلالة الملك بثلاث قمم مهمة في الفترة الأخيرة، بدأها بقمة جدة للأمن والتنمية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق بالإضافة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقد عكس الخطاب السامي لجلالته في هذه القمة حرص مملكة البحرين على ترسيخ الأمن والاستقرار والسلم الإقليمي والدولي، ومعالجة الأزمات بالحوار المباشر في تسوية النزاعات، وتنبع أهمية هذا القمة من أنها القمة الأولى على مستوى العلاقات العربية الأمريكية منذ انتخاب الرئيس الأمريكي، وقد جاءت مضامين جلالته أيده الله لتعكس أهمية تعزيز الشراكة العربية الأمريكية، خاصة وأن جميع الدول المشاركة بالقمة هي شريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية.

كما شارك جلالة الملك المعظم في اللقاء التشاوري الأخوي بمدينة العلمين المصرية مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، في قمة عكست عمق العلاقات التاريخية الوثيقة بين هذه الدول، وبرهنت على حرص جلالته على توطيد أواصر التعاون والأخوة، وتعزيز العمل العربي المشترك، وتوحيد المواقف، والدفع من أجل الشراكة للمحافظة على أمن الدول العربية واستقرارها ووحدتها وسلامة أراضيها، والتعاون من أجل محاربة الإرهاب ومواجهة التطرف العنيف، ورفض التدخلات الأجنبية في شئون الدول العربية، وتكريس السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط.

 ومن البوابة الأوروبية، فرنسا، حيث عقد جلالته مؤخراً اجتماعا مع الرئيس إيمانويل، جدد جلالة الملك موقف مملكة البحرين الداعم للسلام والتعايش والتسامح في العالم أجمع، وإيمانها بالحوار وحل القضايا بالطرق الدبلوماسية السلمية، ونبذ الإرهاب والعنف والتطرف، لما من شأنه تلبية تطلعات وآمال شعوب العالم لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار.

إن القمم الثلاث التي شارك فيها جلالة الملك المعظم تعكس اهتمام جلالته على تعزيز العلاقات والشراكة والتعاون، والمساهمة في معالجة القضايا الإقليمية والدولية، وهو الأمر الذي يدعو له جلالته في كل المحافل، وأن البحرين موقفها دائماً وأبداً من السلام والتعايش والتسامح، وأن جلالته مع حل القضايا بالطرق الدبلوماسية السلمية، ونبذ الإرهاب والعنف والتطرف، وأن الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجة القضايا، ومنها قضية الشعب الفلسطيني من خلال حل الدولتين والمبادرة العربية، والملف النووي الإيراني والحرب في أوكرانيا وقضايا الطاقة والماء والأمن الغذائي والتغيرات المناخية.

يقدم جلالة الملك من خلال تلك المشاركات البحرين كنموذج لدولة حضارية تزدهر فيها ثقافة المحبة والتآخي والتعايش بين مختلف الأعراق والمذاهب والأديان وواحة للحقوق الإنسانية، ومثالاً يحتذى في الحضور المسؤول على الساحة الدولية. ولقد حققت البحرين في العقدين الأخيرين قفزات نوعية من التطور الكبير، وأصبح الإنسان البحريني يضاهي نظيره في الدول المتقدمة علما وثقافة ورفاهية وذكاء وخبرة، والأهم أنه يواصل هذا التقدم، ويشد انتباه العالم إلى إنجازاته على مختلف الأصعدة.

نحن فخورون بالنهج الدبلوماسي الحكيم للمملكة البحرين ومسيرتها التنموية والحضارية بقيادة جلالة الملك المُعظم وتوجهات الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والتعاون البناء مع دول العالم على أسس من الود والاحترام المتبادل والتعايش السلمي والمصلحة المتبادلة، والعمل على توفير بيئة إقليمية ودولية يسودها السلام والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والتضامن والتعاون لما فيه الخير والنفع لشعوب العالم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد