: آخر تحديث

الابتكارات كعلامات مميزة للدول

35
20
23
مواضيع ذات صلة

عالم اليوم هو عصر التقدم والتطور التكنولوجي التقني المتسارع، ولا شك أن ذلك أصبح يعتمد بشكل كبير وملحوظ على مفهوم سرعة تنفيذ الابتكار والتصنيع والإنتاج لهذه الابتكارات النوعية بمختلف أنواعها، ونشاهد اليوم أثر تغييرها الجذري العميق والملموس في جميع نواحي ومناشط حياتنا، سواء الاجتماعية منها أو الاقتصادية أو الدفاعية، وغيرها، وأصبحت كثير من الدول تسعى إلى الاستفادة فقط من هذا التقدم والتطور الذي لا يستطيع أحد التنبؤ بمنتهاه، والآخر من هذه الدول يسعى إلى صنع هذا التقدم والتطور والمساهمة في تسريع عجلة التنمية، ولن تستطيع الدول ذلك إلا من خلال تميز مجتمعاتها وإبداعها فيما يتم ابتكاره من منتجات ذات قيمة نوعية تفيد به البشرية وتتميز بها كعلامة فارقة خاصة بها، ولذا سيكون حديثنا في هذا المقال عن أهمية التميز في عالم الابتكارات النوعية والإبداع مع ذكر بعض الأمثلة الدولية في هذا المطاف، وكيفية السير في مسار يحقق علامة مميزة خاصة بنا "سعودية" حتى نستطيع بذلك تحقيق الصدارة والحفاظ على التنافسية المستدامة في ذلك.
الأغلب يتفق على أن الابتكار هو أساس لنمو اقتصادي مستدام ومزدهر، فعالم الابتكارات الحديثة التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي والعالم الافتراضي والمعزز وما تشمله من تقنيات إلكترونية وحساسة وإنترنت الأشياء حتى الطاقة المتجددة وعالم التقنيات المتقدمة المدنية أو الدفاعية كالطائرات المسيرة والروبوتات وغيرها، وما يشمله ذلك من تطور حياتي واجتماعي وأمني ودفاعي، أصبح حقيقة فهو عالم تنافسي بين عديد من الدول، من خلال ما تنتجه أو ما تتميز به أو ما تقدمه من منتجات صناعية في عالم التقنية والتكنولوجيا على سبيل المثال، من خلال مجتمعاتها المميزة في الإبداع والابتكار المعتمد بلا شك على البنية التحتية والتهيئة والظروف والتعليم في المقام الأول، ويظهر ذلك في المهارات التي يتميز بها باحثوها وعلماؤها والأيادي العاملة الماهرة ذات التخصص المتقن، وهو ما يميز دولة عن دولة ومجتمع عن غيره، وقبل ذلك كله فالأمر يحتاج إلى خطط استراتيجية واضحة الأهداف والمسارات وخطط زمنية مدروسة لتحقيق النجاح والتميز المنشود، كحقلة متكاملة.
ومن الأمثلة على تميز بعض الدول في مسيرة الابتكار والإبداع ولها باع طويل في ذلك، نجد على سبيل المثال أن في الولايات المتحدة على ما فيها من الابتكارات والمجالات المتنوعة من الإبداع والتطوير في كثير من المجالات سواء كانت المدنية منها أو الدفاعية، إلا أنها تتميز أيضا بعلامة فارقة ومميزة بشكل كبير بوجود وادي السيليكون في منطقة شمال كاليفورنيا في الجزء الجنوبي من منطقة خليج سان فرانسيسكو، الذي أصبح كمركز عالمي للتقنيات المتقدمة والابتكارات النوعية والإبداع المتجدد، وأصبح هذا الوادي مركزا رائدا ونظاما بيئيا لبدء تشغيل لأي من الابتكارات عالية التقنية والدقة، حيث يتم فيه تطوير الدوائر المتكاملة القائمة على السيليكون والمعالجات الدقيقة والحاسبات الصغيرة، ويعمل فيه نحو نصف مليون عامل في مجال تكنولوجيا المعلومات، وأصبح مقرا لعديد من أكبر شركات التكنولوجيا الفائقة والمتقدمة في العالم، وآلاف الشركات الناشئة، وذلك جعله يمثل ثلث إجمالي استثمارات رأس المال الاستثماري في الولايات المتحدة، ومن الأمثلة أيضا جمهورية تايوان التي تحتل اليوم مركز الريادة في الابتكار الصناعي، حيث تمتلك قوة عاملة متعلمة وذات تكنولوجيا وقيمة مهارية عالية وأصبحت تمتلك أكبر مصنع لأشباه الموصلات "الرقائق الإلكترونية" في العالم كعلامة فارقة ومميزة لها، وسويسرا أصبحت صناعة ابتكار الساعات السويسرية منتجا مميزا لهذه الدولة اشتهرت به وله الأثر في اقتصادها، وقد ذكرت أيضا عديدا من الأمثلة لابتكارات نوعية تميزت بها دولة عن أخرى في مقالات سابقة، وهناك عديد من الابتكارات تشترك فيها كثير من الدول والفارق سيكون هو مدى جودة ودقة صناعة هذا الابتكار.
وفي المملكة، يعد الابتكار والإبداع والبحث والتطوير جزءا لا يتجزأ من مستهدفات برنامج التحول الوطني، حيث يهدف إلى تطوير البنية التحتية اللازمة، وتهيئة البيئة الممكنة للقطاعات "العام والخاص وغير الربحي" وتحقيق التميز في الأداء ودعم التحول الرقمي، والإسهام في التنمية والتطوير، والإسهام في تحقيق رؤية المملكة 2030، ونجد أن الاهتمام بالتعليم لنشر ثقافة الابتكار أصبح ضروريا وكذلك توجيه القطاعات البحثية في المراكز الوطنية والجامعات والهيئات والمدن الصناعية والشركات، إلى أهداف واضحة بخطط مدروسة ومحكومة بفترات زمنية محددة لنطاقات بحثية معينة مبينة على الحاجة الفعلية سواء كانت على الصعيد المدني أو الدفاعي، أي إنه لا بد من تفعيل المسارات والحلقات التكاملية الخاصة بالابتكار وأعني بذلك، تكامل الجهات المعينة بالاستراتيحيات والخطط مع مراكز الأبحاث الخاصة بالبحث والابتكار والتطوير وتستمر هذه العجلة بوجود الهيئات الأخرى التي توكل لها العملية التصنيعية سواء كانت داخليا أو عن طريق الشراكات الدولية أو الشركات العالمية التي لديها مسارات لابتكارات مشابهة، ذلك سيسرع من عجلة الابتكار ويقلص الفارق الزمني المهم في مثل هذه الأمور وسيحقق لنا اقتصادا تنافسيا معرفيا مستداما أساسه ابتكار بعلامة مميزة محلي بأياد وطنية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد