: آخر تحديث

الخليج المتوازن

28
31
28
مواضيع ذات صلة

مهمّ جداً ما طرحته افتتاحية «الخليج» يوم أمس، وهي تعلق على الزيارة الوشيكة للرئيس الأمريكي بايدن إلى المنطقة؛ كونها رسمت الخطوط العريضة للسياسة التي تتبعها دول الخليج في علاقاتها الدولية في الظرف الدولي والإقليمي الراهن، خاصة على خلفية الجاري من تحوّلات في مناخ الحرب الروسية الأوكرانية، وما ترتب عليها من أزمات عالمية في الغذاء والطاقة،  كما أن الافتتاحية حددت، بوضوح تام، الرسائل التي تريد دول المنطقة أن توصلها إلى الغرب وإلى العالم عامة.
دول الخليج، كما حددت الافتتاحية، حريصة على أن تستمرعلاقات التعاون بينها وبين الولايات المتحدة، ولكن على قاعدة المصالح المشتركة للطرفين،  وأن تكون هذه العلاقات موجهة نحو ما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وهناك آفاق تعاون كبيرة بين دول المنطقة والولايات المتحدة، ولكن بمراعاة ما شهده ويشهده العالم من متغيرات حاسمة.
إن نظام الأحادية القطبية الذي قام عليه العالم هو إلى انتهاء. وحدهم المكابرون من يغفلون حقيقة أن نظاماً دولياً جديداً متعدد الأقطاب آخذ في التشكل؛ بل لعله قد تشكل بالفعل، ومن مصلحة دول الخليج أن تقيم علاقات متوازنة مع كافة الأطراف الوازنة في النظام الدولي الجديد، فدول المنطقة بما هي عليه من موقع «جيوسياسي» مهم، وما تملكه من ثروات وإمكانيات، وما حققته من إنجازات في بناها التحتية وفي اقتصاداتها مؤهلة لأن تفعل ذلك.
وعلى الولايات المتحدة والدول الغربية عامة أن تغادر النظرة المتوارثة عن كون هذا الخليج تابعاً لها في سياساتها، فدولنا اليوم تقيم علاقات تعاون متعدد الأوجه مع كافة الأطراف الدولية المؤثرة، وأمريكا والدول الأوروبية من ضمنها، ومن ضمنها أيضاً الصين وروسيا والهند وسواها من القوى الصاعدة، وهي تعتمد سياسة الحياد في الصراعات الدولية، وهذا ما رسم نهجها تجاه النزاع الروسي الأوكراني، وهو نهج متوازن، فنأت بنفسها عن العقوبات الغربية على روسيا، وزار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعض دول المنطقة، وكل ذلك في إطار تبني دولنا للدعوة للتسوية السلمية لهذا النزاع عبر المفاوضات. كما أن دول الخليج طرف أساسي ومؤثر في منظمة «أوبك» و«أوبك بلاس»، وملتزمة بقراراتهما، وليس مطلوباً منها أن تعوض النفط والغاز الروسيين.
دول الخليج التي عبرت عن حرصها على تطوير العلاقات الخليجية الأمريكية، يهمها أيضاً أن يدرك الطرف الأمريكي أن دول المنطقة تأخذ بعين الاعتبار (وهي تصوغ سياساتها)، المتغيرات والتحولات في عالم اليوم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد