: آخر تحديث
توقع مبادرة ملكية لطمأنة الشباب المحتجين

"جيل z" تعلّق احتجاجاتها احترامًا لخطاب الملك محمد السادس الجمعة

0
0
1

إيلاف من  الرباط: في موقف يعكس نضجًا سياسيًا ووعيًا وطنيًا متقدمًا، أعلنت حركة "جيل z" بالمغرب عن تعليق جميع الأشكال الاحتجاجية التي كانت مبرمجة يوم الجمعة، وذلك احترامًا لمقام الملك محمد السادس، وتقديرًا لرمزية خطابه بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة.

وأوضحت الحركة، في بيان للرأي العام، أن هذا القرار يأتي "انطلاقًا من إيمان عميق بثوابت الأمة ومؤسساتها الدستورية، وحرصًا على نهج الحوار الهادئ والبناء كخيار حضاري لتحقيق المطالب المشروعة، وترسيخ قيم العدالة والكرامة والإنصاف في المجتمع المغربي".

وأكدت الحركة أن الخطاب الملكي سيشكّل بوصلة وطنية تدعو إلى الإصلاح المتدرج والمسؤول في إطار دولة المؤسسات، مشددة على أن الحركة ستظل وفية لروح المواطنة الإيجابية، ومنفتحة على كل المبادرات الوطنية الرامية إلى الإصغاء للشباب وإشراكهم في صياغة القرار العمومي.

ويأتي هذا الموقف ليؤكد أن وعي الشباب المغربي بلغ مرحلة من النضج السياسي، والقدرة على التفاعل الإيجابي مع التحولات الوطنية، بما يجسد عمق الانتماء للوطن والوفاء للملك، في انسجام تام مع الشعار المملكة "الله، الوطن، الملك".

في غضون ذلك ، يسود الشارع المغربي هدوء حذر وترقب واسع. 

وقال العباس الوردي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بارباط، في تصريح لـ "إيلاف المغرب"، "تتجه الأنظار نحو المؤسسة الملكية باعتبارها الضامن الأعلى لاستقرار البلاد واستمرار المؤسسات الدستورية"، مشيرا إلى أن المبادرة الملكية ستعيد الطمأنينة إلى الشارع وترتب المشهد السياسي في أفق تجاوز أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع.

وأوضح الوردي أن مخرج الأزمة قد يكون عبر حل دستوري متوازن، يبعث برسائل طمأنة إلى المواطنين، ويعيد الثقة في المسار الديمقراطي.

وبحسب هذه القراءة، فإن الملك محمد السادس قد يوجّه خطاباً إلى الأمة يتضمّن تشخيصاً دقيقاً للوضع الراهن، وأن الاحتجاجات الشبابية تعبّر عن خلل في النموذج التنموي، وعن قصور في الوساطة السياسية والاجتماعية.

بدوره، يتوقع عصام العروصي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن يحمل الخطاب رسائل طمأنة قوية، تؤكد أن صوت الشباب مسموع، وأن الدولة لا تتعامل بعقلية القمع أو الإقصاء، بل تنصت وتُصلح، وأن الاستقرار لا يتناقض مع الإصلاح، بل هو شرط أساسي له.

في هذا السياق، يسود اعتقاد بأن يفتح الخطاب الملكي لانطلاق مرحلة سياسية جديدة، عنوانها التجدد داخل الاستمرارية، وفق صلاحياته الدستورية المنصوص عليها في الفصل 47، وذلك بإعفاء الحكومة الحالية أو رئيسها، استناداً إلى فقدانها للثقة الشعبية والسياسية، وهو ما يجعل استمرارها عامل توتر أكثر من كونه ضماناً للاستقرار.

رينغو الوردي والعروصي على أن هذه الخطوة، إن حدثت ستكون بمثابة إعادة ترتيب للمشهد السياسي على قاعدة المسؤولية والمحاسبة، وتهيئة الأجواء لتشكيل فريق حكومي جديد بمهام محددة ومحدودة زمنياً.

وفي مرحلة لاحقة، يمكن أن يُكلّف الملك رئيس حكومة جديد من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات الماضية (التجمع الوطني للأحرار) ومن كفاءات وطنية مستقلة، لتشكيل ما يمكن تسميته بـ"حكومة إنقاذ وطني".

مهمتها الأساسية ستكون التهدئة الاجتماعية وفتح حوار مباشر مع ممثلي “جيل Z” والحركات الشبابية، مع إطلاق إصلاحات عاجلة في التعليم والتشغيل والصحة، واستعادة الثقة في المؤسسات.

هذه الحكومة، بحسب السيناريو المحتمل، لن تكون حكومة شعارات، بل فريقاً تقنياً وسياسياً بخريطة طريق دقيقة، تشرف عليها رئاسة الدولة وتتابعها مؤسسات الرقابة، لضمان الفعالية والنجاعة.

في هذا السيناريو، لا تقتصر الحكومة الجديدة على القرارات القانونية، بل تبعث برسائل رمزية وسياسية إلى الشباب، مفادها بأنهم ليسوا خصوماً، بل شركاء في صناعة المستقبل، وأن الشارع، مهما كان غاضباً، يبقى جزءاً من الشرعية الوطنية، ما دام ملتزماً بالسلمية وبالثوابت الوطنية تحت شعار "الله، الوطن، الملك".

تفعيل الإصلاح من داخل الدستور
إنّ اللجوء إلى الصلاحيات الملكية، كما يضمنها الدستور في فصوله 47 و51 و59 و96، لا يعني القفز على المؤسسات، بل تفعيل آليات الإصلاح من داخل الشرعية الدستورية، وإعادة التوازن بين الدولة والمجتمع.

فالملك، بصفته حكماً أعلى وضامناً لوحدة البلاد واستمرارها، يظلّ الجهة الوحيدة القادرة على تحويل لحظة الغضب الشعبي إلى فرصة لإعادة بناء الثقة وتجديد العقد الاجتماعي.

أما "جيل Z"، بما يحمله من طاقة ووعي مدني، فهو ليس تهديداً للاستقرار، بل فرصة تاريخية لبناء مغرب جديد يليق بأحلام أبنائه وطموحاتهم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار