أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أنه اختار روبرت إف. كينيدي جونيور، الناشط البيئي "المعادي" للقاحات، لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.
سيجعل هذا التعيين كينيدي، مسؤولاً عن وزارة تشرف على أمور كثيرة، بدءاً من سلامة الأدوية واللقاحات والأغذية، إلى الأبحاث الطبية. لكن من هو روبرت إف. كينيدي جونيور؟
بماذا تخبرنا الوثائق التي تم الافراج عنها بشأن حادث اغتيال الرئيس كينيدي؟
من أطلق النار على روبرت كينيدي؟
عائلة كينيدي
تقول دائرة المعارف البريطانية، إن روبرت إف. كينيدي جونيور، هو من مواليد 17 كانون الثاني (يناير) من عام 1954 في العاصمة الأميركية واشنطن، وهو محامٍ بيئي وعضو في عائلة كينيدي السياسية البارزة، وناشط أصبح شخصية بارزة بين المشككين في اللقاحات.
وفي نيسان (أبريل) من عام 2023، أطلق حملة تسعى للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، لكنه أعلن في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أنه سيترشح كمستقل.
وعلّق كينيدي محاولته للترشح في آب (أغسطس) 2024 وأيّد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وبعد فوز ترامب في الانتخابات، اختار كينيدي لشغل منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية في إدارته القادمة.
الحياة المبكرة والتعليم
روبرت جونيور هو الثالث من بين 11 طفلاً ولدوا لروبرت إف. كينيدي وإثيل سكاكيل كينيدي، وكان والده مستشاراً في اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات بمجلس الشيوخ، وقت ولادته.
أصبح كينيدي الأب خلال حياته السياسية، المدعي العام الأميركي في إدارة شقيقه الرئيس جون إف. كينيدي، كما شغل منصب عضو في مجلس الشيوخ الأميركي عن نيويورك.
أما والدة كينيدي جونيور، فهي من عائلة ثرية بنت ثروتها في صناعة الفحم، وأصبحت مدافعة قوية عن حقوق الإنسان، حيث أسست منظمة روبرت إف. كينيدي لحقوق الإنسان غير الربحية بعد اغتيال زوجها أثناء حملته الانتخابية للرئاسة عام 1968.
التحق كينيدي جونيور بمدارس داخلية مختلفة أثناء نشأته، وبعد وفاة والده، عانى بفعل تعاطي المخدرات، فاعتقل بتهمة حيازة الماريجوانا في سن السادسة عشرة، كما تم طرده من مدرستين داخليتين.
بعدما التحق بجامعة هارفارد، حيث حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ والأدب الأميركي في عام 1976، كما درس بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.
وبعد حصوله على شهادة في القانون من جامعة فرجينيا عام 1981، بدأ كينيدي العمل في عام 1982 كمساعد للمدعي العام في مانهاتن.
إلا أنّ سمعته المهنية شُوّهت في العام التالي، عندما فشل في اجتياز امتحان نقابة المحامين وتم القبض عليه بتهمة حيازة الهيروين بعد جرعة زائدة من المخدرات.
التحق بعدها ببرنامج علاج وحُكم عليه بالخدمة المجتمعية والمراقبة لمدة عامين.
اجتاز كينيدي امتحان نقابة المحامين في محاولة لاحقة وتم قبوله في نقابة محامي ولاية نيويورك عام 1985.
النشاط البيئي
خلال فترة الخدمة المجتمعية، تطوّع كينيدي مع جمعية صيادي نهر هدسون (المعروفة الآن باسم المحافظ على النهر أو ريفر كيبر)، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لتنظيف نهر هدسون الذي يمر عبر نيويورك واتخاذ إجراءات قانونية ضد الكيانات الحكومية والشركات التي لوثته.
وأصبح مكرساً وقته للقضايا البيئية، حيث عمل محامياً رئيسياً في ريفر كيبر، فضلاً عن مشاركته في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية. وفي عام 1987، حصل على درجة الماجستير في القانون البيئي من جامعة بيس.
وفي عام 1997، لعب كينيدي دوراً رائداً في أحد أهم إنجازات ريفر كيبر، وهو التفاوض على مذكرة اتفاقية خزانات المياه في مدينة نيويورك. وقد عملت الاتفاقية بشكل أساسي على حماية نظام الخزانات في شمال ولاية نيويورك وبالتالي جودة مياه الشرب في المدينة.
وفي نفس العام الذي تم فيه إبرام الاتفاقية، نشر كينيدي كتاباً بعنوان "المحافظين على النهر" (ريفر كيبرز)، مع زميله الناشط البيئي جون كرونين، حول عملهما مع جمعية ريفر كيبر.
في عام 1999، تناولت مجلة "تايم" الأميركية، عملهما وأطلقت عليهما لقب "بطلي الكوكب". كما أطلق كينيدي في نفس العام تحالف "ووتر كيبر"، وهي مجموعة مناصرة للمياه النظيفة.
وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، برز كينيدي كشخصية بارزة في قضايا البيئة وحقوق الإنسان .
وفي عام 2001، ألقي القبض عليه في جزيرة فييكيس في بورتوريكو، بتهمة التعدي على ممتلكات الغير أثناء مشاركته في احتجاج على تدريبات القصف التي كانت البحرية الأميركية تجريها في الجزيرة، وكان أيضاً من بين المدعين الذين رفعوا دعوى قضائية ضد البحرية نيابةً عن سكان الجزيرة.
وفي عام 2004 ، نشر كينيدي كتاباً بعنوان " الجرائم ضد الطبيعة: كيف ينهب جورج دبليو بوش وأصدقاؤه من رجال الأعمال البلاد ويختطفون ديمقراطيتنا" وقد انتقد في هذا الكتاب بشدة سجل جورج دبليو بوش البيئي خلال فترة رئاسته .
وكان كينيدي يمثل الجماعات الأصلية بشكل متكرر في الدعاوى القضائية المتعلقة بالمعاهدات وجهود الحفاظ على البيئة.
وفي عام 2013، تم القبض عليه في واشنطن العاصمة أثناء احتجاجه على خط أنابيب كيستون إكس إل، الذي عارضته العديد من جماعات السكان الأصليين في الولايات المتحدة وكندا، كما شارك في الاحتجاجات ضد خط أنابيب داكوتا أكسيس في محمية ستاندنغ روك في عام 2016.
وانتصر كينيدي في تسويتين ضخمتين في قضايا ضد الإغراق السام والتلوث من قبل شركة "دوبونت"، وهي شركة مصنعة للمواد الكيميائية والأدوية، في عامي 2007 و2017.
كما كان جزءاً من فريق المحاكمة الذي فاز بدعوى قضائية جماعية في عام 2018 ضد شركة "مونسانتو"، وهي شركة مواد كيميائية زراعية، لاستخدامها الجليفوسات وهي مادة مسرطنة محتملة، وفقاً لتقييم منظمة الصحة العالمية.
تشكيكه بهوية قاتل عمه جون
أعرب كينيدي أحياناً عن آراء جعلته على خلاف مع نشطاء يساريين آخرين وكذلك الديمقراطيين وأفراد عائلة كينيدي.
ففي عام 2006، زعم أن الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2004 بين الجمهوري جورج دبليو بوش والمرشح الديمقراطي جون كيري قد تم تزويرها من قبل الحزب الجمهوري.
وفي عام 2013، شكك في نتائج لجنة "وارن" بشأن اغتيال عمه جون إف كينيدي عام 1963. وذكر لاحقاً أن سرحان سرحان، الذي أدين بقتل والده عام 1968، قد أُدين ظلماً.
وفي عام 2021، أيد هو وشقيقه دوغلاس التوصية بالإفراج المشروط عن سرحان، على خلاف مع أشقائهم الآخرين ووالدتهم إيثيل كينيدي.
وفي عام 2023، ادعى في مقابلة على إذاعة دابلو إيه بي سي 77 في نيويورك: "أن هناك أدلة دامغة على تورط وكالة المخابرات المركزية في مقتل عمه جون إف كينيدي".
جدل اللقاحات
كما أثارت تعليقات كينيدي حول اللقاحات والصحة العامة الجدل الأكبر. ففي عام 2005، كتب مقالاً في مجلتي "رولينغ ستون" و"صالون" زعم فيهما وجود صلة بين اضطراب التوحد والثيميروسال، وهو مطهر يحتوي على الزئبق ويستخدم في بعض اللقاحات.
وتجاهل المقالان البيانات التي أشارت إلى خلاف ذلك، وتمت إزالتهما لاحقاً من على الإنترنت. في عام 2011، أصدرت مجلة "صالون" تراجعاً، قالت فيه إن النظرية قد تم فضح عدم صحتها تماماً في السنوات التي تلت نشر المقال، وبالتالي لا يجب الترويج لها.
وفي عام 2016، أصبح كينيدي المستشار القانوني الرئيسي ورئيس مجلس إدارة مشروع الزئبق العالمي، وهي منظمة تأسست في عام 2007 للترويج لنظرية وجود صلة بين التوحد والثيمروسال.
وكانت المجموعة تكافح من أجل العثور على الكثير من الدعم، لكن نفوذ كينيدي واتصالاته جلبت لها الكثير من الإيرادات والاهتمام، وفي عام 2018، حصلت المنظمة على اسم أكثر قبولاً، وهو الدفاع عن صحة الأطفال.
كما كتب كينيدي العديد من الكتب المتعلقة بالنشاط المناهض للقاحات، بما في ذلك الثيمروسال، ومن بينها كتاب "دع العلم يتحدث: الأدلة الداعمة للإزالة الفورية للزئبق من اللقاحات" في عام 2014، و"رسالة إلى الليبراليين..الرقابة وكوفيد: هجوم على العلم والمثل الأميركية" في عام 2022.
وبات الخلاف العام مع الأعضاء آخرين من عائلة كينيدي واضحاً في عام 2019، عندما نشرت أخت كينيدي وأخ له وابنة أخته إدانة مشتركة في مجلة "بوليتيكو" لتشكيكه في اللقاحات.
وخلال جائحة كوفيد-19، روّج كينيدي بشكل متكرر لمعلومات مضللة حول لقاحات كوفيد-19، مدعياً أنها تسببت في إصابات ووفيات.
كما طرح نظريات مفادها أن أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، في السنوات الأولى من الوباء، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، وهي منظمة غير ربحية تروّج لجهود التحصين في جميع أنحاء العالم، كانا يحاولان الاستفادة مادياً من الوباء.
وفي عام 2021، نشر كينيدي كتاب "أنتوني فاوتشي الحقيقي: بيل غيتس، وشركات الأدوية الكبرى، والحرب العالمية على الديمقراطية والصحة العامة".
وفي نفس العام، تم تعليق حسابه على إنستغرام لمشاركته بشكل متكرر منشورات تتعلق بادعاءات مفضوحة حول اللقاحات وكوفيد-19. (أعيد تنشيط الحساب في يونيو/حزيران من عام 2023).
الحملة الرئاسية
في نيسان (أبريل) من عام 2023، أعلن كينيدي ترشحه للانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، وتحدي الرئيس الحالي جو بايدن على ترشيح الحزب الديمقراطي.
وقد حظي في البداية، باستطلاعات جيدة بين الناخبين الديمقراطيين نتيجة لشعبية عائلة كينيدي، لكن الدعم انخفض بسرعة حيث أثارت التغطية الإعلامية الوعي بمبادراته السياسية المثيرة للجدل.
ففي يوليو/تموز من عام 2023، تعرض لانتقادات بسبب اقتراحه أن فيروس كوفيد-19 ربما تم هندسته لاستهداف القوقازيين والسود وأن اليهود الأشكناز والصينيين كانوا "الأكثر مناعة" بشكل ملحوظ.
وبعد تداعيات ذلك، قال إن تصريحاته قد تم تفسيرها بشكل خاطئ.
وخلال الشهر نفسه، أصر في مقابلة مع مجلة "نيويوركر" على أنه ليس ضد اللقاحات، ولكنه يريد "اختباراً جيداً للقاحات"، من دون تحديد كيف يعتقد أن تدابير الاختبار الحالية لا تفي بمعاييره.
وعندما سُئل عن مكانه في الحزب الديمقراطي، أجاب: "أنا ديمقراطي كينيدي، أؤمن بالنقابات العمالية، وأؤمن بطبقة متوسطة قوية ومتينة، وأؤمن بالعدالة العرقية في السياسات التي ستساعد الناس بالفعل".
مع ذلك، بدا كينيدي وكأنه بعيد عن التيار الديمقراطي السائد، وفي يوليو/تموز من عام 2023، حصل على نسبة تأييد أعلى بكثير بين الجمهوريين .
كما اجتذبت حملة كينيدي الدعم من عدد محدود من المانحين، بما في ذلك تيموثي ميلون، وريث عائلة ميلون المصرفية التي دعمت أيضاً حملة دونالد ترامب، ونيكول شانهان، رائدة الأعمال في وادي السيليكون التي كانت تدعم المرشحين الديمقراطيين في السنوات الماضية.
وبقراره الترشح كمستقل، كان يُنظر إلى كينيدي على أنه يلعب دور المفسد في مباراة العودة المحتملة بين بايدن (الذي انسحب لاحقاً وحلت محله كامالا هاريس) وترامب.
وبدا كينيدي على ما يرام مع هذا الوصف، عندما أعلن عن تغيير خططه، قائلاً في تجمع حاشد: "نيتي هي إفساد الأمر لكليهما".
لكن في الأشهر التي تلت ذلك، واجهت حملة كينيدي صعوبات، فبصفته مرشحاً مستقلاً، واجه معركة صعبة ومكلفة لإدراج اسمه في بطاقات الاقتراع.
وفي 23 آب (أغسطس) من عام 2024، أعلن كينيدي تعليق حملته الرئاسية، ثمّ أيد ترامب، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري فاز ترامب بالانتخابات، وأعلن بعد ذلك أن كينيدي سيكون مرشحه لمنصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية، ويتطلب الترشيح موافقة مجلس الشيوخ.
الحياة الشخصية
تزوّج كينيدي 3 مرات وأنجب 6 أطفال من زيجتيه الأوليين حيث تزوج أولاً من إميلي بلاك، التي درس معها في كلية الحقوق في عام 1982 وأنجب الزوجان ابن وابنة هما روبرت وكاثلين ثم انفصلا في عام 1994.
وبعد فترة وجيزة، تزوج كينيدي من صديقة إحدى شقيقاته، وهي ماري كاثلين ريتشاردسون، التي كانت حاملاً بطفلهما الأكبر كونور، وأنجبا 3 أبناء آخرين، وهم ويليام، وأيدان، وكايرا، قبل تقديم طلب الطلاق في عام 2010.
وشنقت ماري ريتشاردسون كينيدي نفسها في عام 2012، قبل انتهاء معاملات الطلاق.
وفي عام 2014، تزوج كينيدي من الممثلة تشيريل هاينز، التي نأت بنفسها عن بعض آرائه المثيرة للجدل.