واحد من كل 5 قتلى إسرائيليين في غزة، أو 17 في المئة، لم سقط بنيران حماس، بل بنيران صديقة
إيلاف من بيروت: في 8 يناير الجاري، وبينما كان جنود إسرائيليون يستعدون لتدمير منشأة تابعة لحماس في غزة تستخدم لبناء الصواريخ، كان المهندسون منشغلين بتبطين الموقع بالعبوات المتفجرة، وإجراء الاستعدادات النهائية للتفجير. بعد ذلك، وفقًا لبيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، فتح طاقم دبابة قريب النار معتقدًا أنه رصد أحد مقاتلي حماس، فأصابت القذيفة عمود كهرباء فسقط، وانفجرت العبوات الناسفة.قتل في هذا الحادث ستة جنود وأصيب 14 آخرون.
يقول تقرير نشره موقع "أن بي سي نيوز" الأميركي، من بين 170 جنديا إسرائيليا قتلوا في غزة في العام الماضي، 29 منهم قتلوا برصاص زملائهم الجنود أو ماتوا في حوادث، وفقا لأحدث بيانات الجيش الإسرائيلي. وهذا يعني أن ما يقرب من 1 من كل 5، أو 17 في المئة، من إجمالي خسائر إسرائيل لم تأت بنيران حماس، بل بنيران صديقة.
قال جيمس ستافريديس، الأميرال المتقاعد بالبحرية الأميركية والقائد الأعلى السابق لقوات حلف شمال الأطلسي للموقع: "هذا معدل مرتفع، حتى مع وقوعه في مناطق حضرية كثيفة. أعتقد أن الإسرائيليين سينظرون بجدية شديدة إلى كل من هذه الحوادث لمحاولة استخلاص الدروس وتقليل هذا المستوى من النيران الصديقة القاتلة".
قتل الأخوة
يتم الإبلاغ عن حوادث النيران الصديقة التي يشار إليها أحيانا باسم "قتل الأخوة"، والتي تلاحق حتى الجيوش الأكثر تدريبا على مستوى العالم. وجدت الكلية الحربية البحرية الأميركية في دراسة أجريت في عام 1999 أن "حالات قتل الأخوة تميل إلى الارتفاع مع التقدم التكنولوجي"، حيث تضرب الجيوش أهدافًا من مسافات أبعد من دون أن تكون قادرة دائمًا على التمييز بين صديق وعدو.
وردا على سؤال حول معدلات قتل الأخوة في الحرب الحالية مع حماس، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الجنرال دانييل هاغاري، إن ذلك "أمر فظيع"، مضيفًا أن القوات الإسرائيلية تعمل في ظروف صعبة في غزة، حيث يتنكر مقاتلو حماس في زي مدنيين ويستخدمون شبكة أنفاق واسعة لنصب الكمائن. وقال: "نحن نتعلم من كل حدث من أجل تقليل هذه الحوادث المروعة".
خلص تحقيق منفصل للجيش الإسرائيلي إلى أن الظروف في غزة ساعدت في تفسير واحدة من أسوأ حوادث الحرب المتعلقة بالخطأ في تحديد الهوية. عندما قُتل ثلاثة رهائن إسرائيليين، ألون شامريز ويوثام حاييم وسامر تلالكة بعد خروجهم من مبنى في غزة، عراة الصدر للإشارة إلى عدم حيازتهم أسلحة أو متفجرات يحملون علماً أبيض مؤقتاً، اشتعل الغضب في إسرائيل. لكن التحقيق خلص إلى أن الجنود "نفذوا الإجراء الصحيح بحسب فهمهم للحدث في تلك اللحظة"، على الرغم من أنه "كان يمكن منع وقوع الحادث".
قالت جماعات حقوق الإنسان إن قتل الرهائن يشير إلى ممارسة أوسع نطاقاً تتمثل في قيام القوات الإسرائيلية بفتح النار من دون غنذار، حيث يدفع المدنيون الفلسطينيون في غزة الثمن الباهظ.
قال أفنير جفارياهو، المدير التنفيذي لمنظمة "كسر الصمت" غير الحكومية: "لقد قُتل الرهائن الثلاثة بهذه الطريقة، لكننا حصلنا على لمحة عن الطريقة التي نقاتل بها في غزة وقواعد الاشتباك عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين"، وهو يجمع شهادات من جنود إسرائيليين حول خدمتهم العسكرية.
حادث غريب
في أمسية باردة من الأسبوع الماضي، تجمع عشرات المدنيين وحفنة من الجنود تحت خيمة بيضاء نصبت خارج منزل في مدينة هود هشارون بوسط إسرائيل. وضعت أطباق الطعام على الطاولة، وسكب الويسكي في أكواب بلاستيكية.
تجمع الحشد للاحتفال بفترة الحداد اليهودية التقليدية، على روح النقيب رون إفريمي، وهو أحد الجنود الستة الذين قُتلوا في انفجار مصنع الصواريخ في غزة. قال شقيقه الأصغر عمري: "قبل ساعات من وصول المسؤولين العسكريين إلى المنزل لإبلاغهم بنبأ مقتل رون، أصيبت العائلة بالذهول عندما رأته في نشرة أخبار التلفزيون الإسرائيلي. وعلى الرغم من أنه كان يرتدي قناعا، إلا أنهم تعرفوا عليه على الفور عندما أجرى الصحفيون مقابلة معه".
أضاف عمري، الذي شغل منصب قائد دبابة، إنه لم يلوم الطاقم الذي أطلق القذيفة التي أدت إلى مقتل شقيقه. وقال: "أعتقد أنني كنت سأفعل الشيء نفسه. هذا حادث غريب للغاية، وليس خطأً بشرياً. حتى لو كان خطأ بشريًا، سأعانق الرجال الذين ارتكبوا هذا الخطأ، لأنني أفهم الضغوط التي يتعرضون لها"
وقال ستافريديس إن مفتاح تجنب النيران الصديقة هو ضمان التواصل بين الوحدات المختلفة التي تعمل ضمن الحدود الضيقة لغزة. فبعد أن تفاجأت إسرائيل في 7 أكتوبر، حشدت أكثر من 300 ألف جندي احتياطي، بعضهم لم يخدم في الخدمة الفعلية منذ سنوات. أضاف ستافريديس: "لم يكن لإسرائيل الوقت الكافي لتجهيز تلك القوة التي كانت ستذهب إلى غزة"، مضيفًا: "كبار الضباط على الأرض بحاجة إلى تذكير القوات باستمرار بعدم التسرع أثناء القتال. يبدو هذا غير بديهي، لكن بمجرد إطلاق النار، فتلك الرصاصة لن تعود".
المصدر: "أن بي سي نيوز"