: آخر تحديث
اشاد في ابو ظبي بمواقف ملك المغرب الداعمة للتسامح والتعايش

بن عيسى: التنشئة والتربية والتعليم وسيلة فعالة لبناء عقلية تؤمن بالتسامح

20
15
19
مواضيع ذات صلة

إيلاف من ابو ظبي: قال محمد بن عيسى، وزير الشؤون الخارجية والتعاون سابقا وأمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، إن"مسؤوليتنا كعرب وكمسلمين، في الإيمان بقيم التسامح والتعايش السلمي، قد لا تزيد ولا تنقص عن مسؤولية الأمم الأخرى، لكن مع فارق أساسي هو أن مسألة التعايش والتسامح، ليست مطروحة علينا في علاقتنا بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة علينا أيضا على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين".

وشدد بن عيسى، خلال مشاركته في الدورة ال11 لمنتدى الفكر والثقافة العربية في ابو ظبي ، المنظمة تحت عنوان "التسامح والتعايش السلمي"، على أن ذلك هو "ما يجعل دورنا وواجبنا في إرساء قيم التسامح  والتعايش، يتسم بمسؤولية مضاعفة تجاه بعضنا البعض، وإزاء غيرنا من الأمم والأعراق، والأديان والثقافات والحضارات".

ودلل بن عيسى على رأيه بما تشهده المنطقة العربية والإسلامية، من "تنامي النزاعات والتوترات، ومظاهر العنف والاحتراب والاقتتال، وما يخيم عليها من استمرار سلوكيات الغلو والتشدد، مع استفحال النزوعات الطائفية والمذهبية الضيقة، إلى درجة لم يعد بإمكان المراقب المتتبع أن يتنبأ بمآلات هذا الوضع المؤسف والمؤلم".

وأضاف بن عيسى: "لقد شاهدنا كيف تشتت كيانات في منطقتنا العربية، وكيف تمزقت وحدة شعوبها وتحولت إلى فصائل وطوائف متحاربة، على أرض الوطن الواحد. وشاهدنا كيف تتمدد الفوضى، أمام حالة من التخاذل الكبير في معالجتها من لدن أبناء الوطن الواحد".

وزاد: "مهما يكن من حقيقة الأسباب والدوافع السياسية، التي أدت الى هذه الحالة التراجيدية، المتنكرة لقيم التسامح والتعايش، فإن هناك برأيي عاملا أساسيا وجوهريا قد يفسر جانبا مما جرى ويجري، ويتمثل في طبيعة التنشئة التي تلقتها الأجيال، في مناطق من جغرافية العالم العربي والإسلامي، تنشئة كانت بعيدة كل البعد عن ثقافة التسامح والتعايش، والقبول بالآخر، سواء كان هذا الآخر طائفة من طوائف نفس الوطن، أو كان يمثل ثقافة أو دينا أو عرقا أجنبيا".

وخلص بن عيسى إلى أنه "لا أمل في بناء عقلية تؤمن بفكرة التسامح، وتحترمها وتتقيد بها، إلا عبر وسيلة فعالة وناجعة، هي التنشئة والتربية والتعليم". لذلك يتعين علينا، يضيف بن عيسى، أن "نبدأ من هنا، كي ننشئ ونصنع  أجيالا عربية، مشبعة بمبادئ التسامح والتعايش، تحملها في عقلها وضميرها، وتنضبط لمتطلباتها، وتجعل منها خطا أحمر، في سلوكها الاجتماعي والمدني والسياسي".

وشدد بن عيسى على أن "المطروح علينا اليوم وبإلحاح، هو كيف يمكننا أن نطور قيمنا ومدركاتنا وتصوراتنا ومناهجنا التربوية والتعليمية، حتى تصبح متناغمة مع قيم التسامح وثقافة التعايش، لأنها مع ثقافة الحوار والتواصل، هي الأساس الحقيقي والمتين، لكل حياة ديمقراطية، إذ لا ديمقراطية بدون إرساء قواعد التعايش بين أبناء الأمة الواحدة، وبينهم وباقي البشرية".

وقال بن عيسى إن "الديمقراطية لا يمكن اختزالها فقط في الأحزاب، والنقابات، والانتخابات، ووجود برلمانات ومجالس وهيآت منتخبة، وإنما هي قبل كل شيء سلوك مدني، يقوم على مبادئ التعايش والتسامح، والتساكن والرحمة، ورسوخ القناعة بفضيلة تحمل الآخر والقبول به. ومن ثمة تصبح فكرة التسامح، نقيضا للعنصرية والتسلط".

ورأى بن عيسى أنه "إذا كان من المسلم به أن العمل على إرساء هذه الثقافة، هو من صميم عمل الحكومات والمؤسسات الرسمية بأقطارنا العربية والإسلامية، فإن هذا لا يعفي المواطن من مسؤولياته في إشاعة قيم التسامح والتعايش مع غيره، سواء من أبناء وطنه الأم، أو زواره أو المرتبطين معه بعلاقات اقتصادية وتجارية، أو سياحية أو سياسية أو المنخرطين معه في تحالفات استراتيجية، اقتضتها ضرورة حماية السيادة الوطنية، وأمن البلاد وازدهارها، وتموقعها في صدارة دول العالم  الوازنة، وهو ما يتمناه كل مواطن غيور على بلده ومصالحه العليا".

وبدأ بن عيسى كلمته بالترحم على روح الدكتور الشيخ خالد خليفة آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي. كما نوه بالاختيار الموفق لموضوع الندوة، وبالمستوى الرفيع للشخصيات المشاركة. وقال إنه حين توصل الدعوة للمشاركة في هذا الملتقى الفكري، تداعت إلى ذهنه جملة أفكار ونظرات متشابكة، لكنه وجد نفسه ميالا إلى مساءلة الذات قبل الآخر.

وحيث أن المناسبة شرط، فقد اغتنم بن عيسى الفرصة للإشادة بمبادرات المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الوجيهة، التي اتسمت بالشجاعة الفكرية، في الدعوة عبر كل الوسائل المتاحة، إلى إشاعة ثقافة التسامح والتعايش، سواء لدى المواطن، أو لدى المقيمين على أرضهما من مختلف الأجناس والديانات والثقافات. وقال إنها يعطيان بذلك المثال ويجسدان القدوة، فيما يتعين القيام به، حكومات وشعوبا، من أجل تعزيز آليات الحوار مع الآخر، والحرص على حسن التواصل والتعايش والتفاهم، بين الأديان والأجناس والثقافات.

وعبر بن عيسى عن اعتقاده أن الدور الطليعي، الذي يضطلع به البلدان الشقيقان، في خدمة المقاصد النبيلة، كل بأسلوبه وخصوصيته، هو دور سيكون له أثره العميق، في مد الجسور، وتنمية ثقافة التسامح، وتعزيز مبادئ التعايش السلمي بين أبناء البشرية، من كل الأعراق والأديان والحساسيات الفكرية.

وفي هذا الإطار، قال بن عيسى، إن المبادرات الرائدة للملك محمد السادس، ومواقفه الإنسانية الداعمة لمبادئ التسامح والتعايش، تستحق كل الإشادة والثناء والتنويه.

وفي نفس السياق، عبر بن عيسى عن معاني التقدير والإكبار، لمواقف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي "واصل بشجاعة وثبات، دعم قيم التسامح، ونجح في أن يجعل من وطنه، مثالا للتعايش في عالم اليوم"، محققا بذلك الامتداد والاستمرارية،  لرؤية والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي "كان مشبعا  إلى حد بعيد، بروح التسامح والنبل ومحبة السلم. وعلى هدي تلك الروح  المتسامحة  المسالمة، وحد الإمارات وشيد لها مجدا شامخا،  يفتخر به اليوم كل عربي".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار