إيلاف من لندن: أعلن في بغداد الأربعاء عن تلقي مكتب حقوق الإنسان في رئاسة الحكومة 3 حالات شكوى خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة عن عمليات تعذيب وانتهاكات لحقوق الانسان في سجون ومعتقلات البلاد.
وكشف مكتب مستشار رئيس الوزراء العراقي لحقوق الإنسان محمد السوداني تلقي المكتب حوالى ثلاثة آلاف شكوى رسمية لحالات تعذيب وانتهاكات لحقوق الانسان في السجون والمعتقلات العراقية منذ دعوة المواطنين في 11 من الشهر الماضي لتقديم شكاواهم بهذا الصدد الى المكتب معززةً بالأدلة الثبوتية.
وقال المكتب أن "مستشار رئيس الوزراء لحقوق الانسان عقد اجتماعاً مع رئيس جهاز الادعاء العام لبحث آليات التعاون المشترك وإمكانية تحريك الشكاوى بحق منتهكي حقوق الانسان في السجون والمواقف فيما يخص حالات ادعاءات التعذيب التي تم استلامها عبر البريد الالكتروني لمكتب المستشار والتي بلغت حوالى 3 ألاف شكوى لحد الآن.
ضمانات قانونية
وأضاف المكتب أنه" تم بحث توفير جميع الضمانات القانونية للمتهمين".. مؤكداً أنه "سيتم الإعلان عن جميع الإجراءات وتصنيف الشكاوى خلال الفترة المقبلة من دون تحديد موعد بعينه.
وكان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء قد اعلن الشهر الماضي إنه "لأهمية توفير جميع الضمانات القانونية للمتهم أثناء مراحل التحقيق ومنها عدم انتزاع الاعترافات منه بالإكراه أو قسراً وفقاً لما جاء بالدستور نهيب بمن تعرض لأي صورة من صور التعذيب أو الانتزاع القسري للاعترافات بتقديم شكواه إلى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان معززةً بالأدلة الثبوتية".
وخصص المكتب بريداً إلكترونياً للمستشار وبريداً آخر للسكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة لاستقبال الشكاوى.. مؤكداً أن "ذلك يأتي من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في العراق".
تعرضوا لتعذيب ممنهج
وتؤكد مصادر حقوقية محلية ودولية أن 90 بالمائة من المعتقلين في العراق خضعوا للتعذيب الممنهج وقضوا في السجون بسبب وشاية المخبر السري الكاذبة وقانون الإرهاب رقم 4 الذي يقضي باعدام المتهمين بالإرهاب وفق معلومات غالبيتها كيدية وهو أمر يتطلب عمليات تحقيق عالية المستوى بشأن هذه الاعتقالات وحالات التعذيب التي شهدها العراق بشكل خاص خلال ولايتي رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي بين عامي 2006 و2014 .
وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي قد فجر الأسبوع الماضي قضية المغيبين والمتوفين تحت التعذيب في المعتقلات قائلاً في تصريحات متلفزة "يجب أن نُصارح الناس بحقيقتهم ونغيّر اسمهم أولاً إلى المغدورين وليس المغيبين: مغدورين فارقوا الحياة".
وأشار الى أنه من غير الصحيح الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ عام 2014 ولغاية الآن بعد أن غُيّبوا أوتمّ اغتيالهم في تلك الفترة" داعياً السلطات الى اعتبارهم شهداء ومنح عائلاتهم حقوقهم.
عائلات تبلغ بفقدان ذويها
ومن جهته أعلن المرصد العراقي لحقوق الإنسان السبت الماضي أن 11 ألف عائلة قد تم إبلاغها عن فقدان ذويها خلال الأعوام الثمانية الأخيرة .. مشيراً الى أنه ربما هناك عدد أكبر من المفقودين والمغيبين قسراً لكن عائلاتهم لم تتخذ الإجراءات القانونية للإبلاغ عنهم.. مؤكداً أن "هذه القضية تضع العراق في صدارة الدول التي تشهد عمليات فقدان وتغييب قسري".
420 مكاناً للاعتقال السري
ورجح أن يكون الآلاف من المفقودين والمختفين قسراً في أماكن احتجاز بعيدة عن أعين مؤسسات الدولة العراقية في أماكن لا تستطيع حتى السلطات العراقية الرسمية الوصول إليها.
وأشار الى أنه قد وجهت اتهامات كثيرة لمليشيات مسلحة في الحشد الشعبي وخارجه حول إدارة هذه الأماكن.
ونوه الى أن معلومات نشرتها اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري في الأمم المتحدة تشير الى أن "هناك 420 مكاناً للاحتجاز السري في العراق" وهذه المعلومات تتطابق نوعاً ما مع مصادر حكومية قابلها المرصد العراقي لحقوق الإنسان وتشير إلى أن "السلطات العراقية تعترف في اجتماعاتها الخاصة بوجود أماكن احتجاز سرية".
وأضاف أن أماكن الاحتجاز متعددة وليست في مناطق معينة فهي في بغداد والأنبار ونينوى وبابل.
سلطات ضعيفة
واعتبر أن "السلطات العراقية بوضعها الضعيف الحالي لا تستطيع فتح ملف المفقودين والمخفيين قسراً، ولا يبدو أنه سيُفتح فأن الأماكن الاحتجاز قد لا تكون سجون كبيرة، أو معتقلات ضخمة ربما مجموعة منازل أو سراديب تحت الأرض أو حتى منزل واحد كبير وليس بالضرورة أن تكون هذه الأماكن شبيهة بالسجون الرسمية".
وأشار الى أنه برغم وجود خيوط واضحة في القضية، قد يفضي تتبعها إلى الوصول لمصيرهم من خلالها إلّا أن السلطات لم تكن جادة أبداً في القيام بواجبها في هذه المسألة الهامة واكتفت بإطلاق وعود وتعهدات دون أي خطوات على أرض الواقع كما يعتقد ذوي الضحايا وهم يعبّرون عن هذا الموقف علناً، فضلاً عن بعض المسؤولين في الدولة العراقية.
وبين أن ملف المختفين قسراً والمفقودين تحول من كونه ملفاً إنسانياً إلى ملف سياسي، واستغل الملف من قبل سياسيين في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم "داعش" وتحول إلى ورقة تحقيق مكتسبات سياسية، متجاهلين ما حدث للمدنيين طيلة السنوات الماضية من عمليات إخفاء وتغييب وفقدان.