: آخر تحديث
420 مكاناً للاحتجاز لم تكشف عنها أي حكومة

مرصد: آلاف العراقيين المغيبين في سجون سرية للمليشيات المسلحة

25
29
22

إيلاف من لندن: بعد أن فجر قضيتهم رئيس البرلمان العراقي فقد كشف مرصد حقوقي عراقي الاحد عن عدد صادم للمفقودين والمغيبين قسراً في البلاد مؤكدا ان مليشيات مسلحة تعتقلهم في سجون سرية.

وقال المرصد العراقي لحقوق الانسان ان 11 الف عائلة قد تم ابلاغها عن فقدان ذويها خلال الاعوام الثمانية ألماضية .. مشيرا الى انه ربما هناك عدد أكبر من المفقودين والمغيبين قسراً لكن عائلاتهم لم تتخذ الإجراءات القانونية للإبلاغ عنهم .. مؤكدا ان "هذه القضية تضع العراق في صدارة الدول التي تشهد عمليات فقدان وتغييب قسري".
وجاء الكشف عن هذه المعلومات بعد ان فجر رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي الاربعاء الماضي قضية المغيبين قائلا في تصريحات متلفزة "يجب أن نُصارح الناس بحقيقتهم ونغيّر اسمهم أولاً إلى المغدورين وليس المغيبين: مغدورين فارقوا الحياة".
واشار الى انه من غير الصحيح الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ عام 2014 ولغاية الآن بعد ان غُيّبوا أوتمّ اغتيالهم في تلك الفترة" داعيا السلطات الى اعتبارهم شهداء ومنح عائلاتهم حقوقهم .   

العراق من أكثر البلدان التي شهدت حالات اختفاء

واضاف المرصد في تقرير اليوم تابعته "ايلاف" إن أكثر من 11 ألف عائلة عراقية أبلغت عن مدنيين فقدوا خلال الثماني سنوات الماضية، خاصة في الفترة بين عامي 2017 و2022  وهي الفترة التي شهدت سيطرة تنظيم "داعش" على ثلث الأراضي العراقية قبل أن تحررها القوات الأمنية العراقية أواخر عام 2017.
وأوضج انه وفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر "يوجد في العراق أكبر عدد من الأشخاص المفقودين في العالم نتيجة عقود من النزاعات والعنف".

 دور الارهاب والمليشيات المسلحة

واضاف المرصد العراقي لحقوق الانسان وهو منظمة غير حكومية مستقلة ويقول ان شبكته متواجدة في جميع المحافظات العراقية باستثناء إقليم كردستان ان الحرب على العراق عام 2003 وغياب سلطة إنفاذ القانون وانتشار الجماعات المسلحة والإرهابية قد لعبت أدواراً كبيرة في اختفاء وفقدان عشرات الآلاف من العراقيين خلال العقدين الماضيين  يُضاف إلى ذلك إهمال الحكومات العراقية الذي ساعد في ازدياد أعداد المفقودين والمختفين بسبب إهمال السلطات لأي شيء يمكنه ملاحقة ومحاسبة الجناة.
 

صورة تعبيرية لامهات عراقيات يحملن صور ابنائهن المغيبين داعيات الى الكشف عن مصيرهم (المرصد)

لاجهود للحكومات العراقية لمعرفة مصير المغيبين

 وشدد على ان الحكومات العراقية المتعاقبة لم تبذل جهداً حقيقياً لمعرفة مصير المفقودين والمختفين قسراً.. نوضحا ان ذلك يدل على أن ملف المفقودين والمختفين قسراً ليس من أولوياتها ولا يبدو أنه سيكون من أولويات مؤسسات الدولة العراقية نظراً لمرور ثمانٍ سنوات على فقدان آلاف المدنيين دون معرفة مصير أي منهم.
وبين المرصد انه وفقاً لمعلومات حصل عليها فإن "أكثر من 11 ألف عائلة عراقية أبلغت عن أفراد فيها فقدوا واختفوا خلال السنوات الثمانية الماضية" وكانت أكثر البلاغات تتعلق بالفترة بين عامي 2017 و2022 .  2022.

شهادات

 واشار المرصد الى العديد من شهادات ذوي المفقودين والمغيبين بينها فيديو لامرأة في عقدها السادس وهي تقول في 10 تشرين الاول اكتوبر 2022 انها والدة شاب يُدعى بلال مؤيد مضيفة "ذهبت إلى كل مكان، ولا أحد أعطاني أي معلومة عن ابني. أين أجدك ابني بلال. كيف تركتني وأنت الذي قلت لي لن أتركك".
وتشير أم بلال وهي تبكي "لم يبق لي غير صورتك يا أمي. أين أجدك. الذي يحب الله ورسوله ليدلني على طريق ابني. تعبت يا ابني. خذوا عين واحدة واتركوا لي الثانية لرؤية ابني بها. من الذي أخذك مني يا ابني. أتمنى الموت بعدك يا ابني".

الحكومات لم تسأل ابدا

وأكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان انه يتابع هذا الملف عن كثب منذ سنوات، واتضح له أن السلطات العراقية لم تسأل ولو لمرة واحدة قواتها أو تلك الجماعات المسلحة المساندة لها عن مصير الأشخاص الذين اعتقلوا بعشوائية وبمجرد الاشتباه، ولم تلتقِ بذويهم أو ترسل لجاناً إلى المناطق التي اقتيدوا منها لجمع الشهادات والأدلة التي تكشف عن مصيرهم. للأسف كانت الحكومات العراقية تكافئ الجناة بإهمال هذا الملف.
وأوضح ان العمليات العسكرية لتحرير المدن من تنظيم "داعش" في تشرين الأول اكتوبر 2016 وتشرين الأول 2017 شهدت اختفاء آلاف المدنيين في محافظات نينوى (شمال) والأنبار وصلاح الدين غرب وهي محافظات ذات أغلبية سنية .. مبينا انه في محافظة نينوى لوحدها أكثر من 250 حالة لأشخاص لا يُعرف مصيرهم حتى الآن.
ونوه الى انه خلال هذه الفترة التي شهدت قتالاً ضارياً ضدّ تنظيم "داعش" وثّقت مقاطع مصوّرة انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي اقتياد مئات الأشخاص المدنيين في مناطق متفرقة من قبل قوات رسمية أو مليشيات تقاتل إلى جانب الدولة، وغالبية أولئك الأشخاص لم يعرف مصيرهم بعد.

أخذتهم القوات الأمنية

وأجرى المرصد مقابلة فيديوية مع رجل في عقده السابع وهو يتحدث عن فقدان ابنيه وليد وسعيد حيث قال الرجل "اثنان من أولادي فقدوا في 24 تشرين الأول 2017 من منطقة وادي حجر بمدينة الموصل. أخذتهم القوات الأمنية ولا يُعرف مصيرهم. لدينا معلومات بأن القوات الأمنية أخرجتهم من المدينة القديمة وكنيسة قريبة بالقرب من جامع النوري".
وأضاف "تصلنا معلومات بأنهم لدى القوات الأمنية لكن حتى اللحظة لا نعرف مصيرهم ولا نعرف أي شيء عنهم. نطالب الحكومة بمعرفة مصيرهم فليس من المعقول أن نفقدهم بهذه الطريقة".

420 مكانا للاحتجاز السري

ورجح المرصد أن يكون الآلاف من المفقودين والمختفين قسراً في أماكن احتجاز بعيدة عن أعين مؤسسات الدولة العراقية في أماكن لا تستطيع حتى السلطات العراقية الرسمية الوصول إليها .
وأشار الى انه قد وجهت اتهامات كثيرة لمليشيات مسلحة في الحشد الشعبي وخارجه حول إدارة هذه الأماكن.
ونوه الى ان معلومات نشرتها اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري في الأمم المتحدة تشير الى أن "هناك 420 مكاناً للاحتجاز السري في العراق" وهذه المعلومات تتطابق نوعاً ما مع مصادر حكومية قابلها المرصد العراقي لحقوق الإنسان وتشير إلى أن "السلطات العراقية تعترف في اجتماعاتها الخاصة بوجود أماكن احتجاز سرية".
وأضاف ان أماكن الاحتجاز متعددة وليست في مناطق معينة فهي في بغداد والأنبار ونينوى وبابل.

استخدام ملف المغيبين سياسيا

وأضافت أن "السلطات العراقية بوضعها الضعيف الحالي لا تستطيع فتح ملف المفقودين والمخفيين قسراً، ولا يبدو أنه سيُفتح فأن الأماكن الاحتجاز قد لا تكون سجون كبيرة، أو معتقلات ضخمة، ربما مجموعة منازل أو سراديب تحت الأرض أو حتى منزل واحد كبير وليس بالضرورة أن تكون هذه الأماكن شبيهة بالسجون الرسمية".
وقال مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان مصطفى سعدون إن "ملف المختفين قسراً والمفقودين، ملف أكبر من أي حكومة، ويحتاج إلى جرأة حكومية وقرار سياسي، وفي ظل الظروف التي يعيشها العراق في آخر ثلاث سنوات على الأقل، لا يبدو أنه سيكون من أولويات أي حكومة".
وأضاف "للأسف استخدم هذا الملف سياسياً وهناك من يسعى إلى إخفائه بشكل نهائي  اذ ان تغييب مصير هؤلاء الأشخاص طمس للحقيقة".
 
ملف لتحقيق مكاسب سياسية

واضاف المرصد انه رغم وجود خيوط واضحة في القضية، قد يفضي تتبعها إلى الوصول لمصيرهم من خلالها إلّا أن السلطات لم تكن جادة أبداً في القيام بواجبها في هذه المسألة الهامة واكتفت بإطلاق وعود وتعهدات دون أي خطوات على أرض الواقع، كما يعتقد ذوي الضحايا وهم يعبّرون عن هذا الموقف علناً، فضلاً عن بعض المسؤولين في الدولة العراقية.
واشار المرصد الى ان ملف المختفين قسراً والمفقودين تحول من كونه ملفاً إنسانياً إلى ملف سياسي، واستغل الملف من قبل سياسيين في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم "داعش" وتحول إلى ورقة تحقيق مكتسبات سياسية، متجاهلين ما حدث للمدنيين طيلة السنوات الماضية من عمليات إخفاء وتغييب وفقدان.

 احتجاجات تشرين

وبين المرصد انه قابل مسؤولاً حكومياً في حزيران ٢٠٢٢يونيو 2022 فأبلغه بأن "الحكومة لا تمتلك أي قاعدة بيانات عن هؤلاء المختفين والمفقودين، وليس لديها رؤية واضحة حول قضيتهم".
وقال المرصد ان ملف الاختفاء القسري والفقدان لايتعلق بالمناطق المحررة أو العمليات العسكرية فحسب، فخلال الاحتجاجات التي شهدها العراق عام 2019 والتي عرفت باسم احتجاجات تشرين، سجل فقدان العشرات من النشطاء والمتظاهرين فوفقاً لمفوضية حقوق الإنسان العراقية فُقد حتى كانون الأول ديسمبر 2019 فقد نحو 68 متظاهراً، أطلق فيما بعد سراح 12 منهم في محافظة كربلاء، لكن لم يعرف مصير البقية.

تصفية محتجزين
واضاف المرصد العراقي لحقوق الإنسان الى ان معلومات وردت له ولم يتمكن من التحقق منها، فإن قسماً من المغيبين منذ عام 2014 جرى التخلص منهم بقتلهم خارج نطاق القانون وبعد استجوابات بسيطة جرت في مناطق نائية لا تستطيع حتى قوات الجيش والشرطة دخولها.
وشدد المرصد على انه يتحتم على السلطات اتخاذ إجراءات حقيقية وجادة لكشف مصير المختفين قسراً ومحاسبة المتورطين في تغييبهم أياً كانوا وعدم التوقف أمام الخطاب الذي يوحي أن فتح هذا الملف يقود لاضطرابات سياسية وأمنية على اعتبار أنه سيطيح بشخصيات عسكرية كبيرة.
وأشار أيضا الى انه يتحتم على السلطات العراقية إدراك أن بقاء هذه القضية معلّقة هو أحد أسباب الاضطراب المجتمعي في المناطق التي كان يسكنها الضحايا وهذا الاضطراب يؤدي لنتائج وخيمة ظهر بعضها سابقاً وربما ستتعقد في المستقبل ولو على سبيل الشعور العام وفقدان الثقة بالدولة وأجهزتها.

ودعا المرصد العراقي لحقوق الإنسان، مجلس النواب العراقي إلى تشريع قانون يلزم السلطات التنفيذية القيام بواجباتها إزاء ملف المغيبين والمختفين قسراً وتشكيل لجنة بصلاحيات واسعة تتولى المراجعة والتحقيق وجمع شهادات حية لإنصاف الضحايا في حقهم بالحياة وإنهاء معاناة عائلاتهم وتعويضهم أيضاً.
 يشار الى ان عائلات المفقودين والمغيبين ما تزال على أمل في عودتهم مع معلومات لم تؤكد رسميا بعد بوجودهم في معتقلات سرية للمليشيات في مناطق تسيطر عليها فيما اعتبر مراقبون للشأن العراقي ان هذا الملف يمثل احدى القضايا الملحة التي تتطلب من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني التصدي لها والكشف عن مصير المغيبين والجهات المسؤولة عن احتجازهم ومصائرهم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار