الرياض: عقد الرئيس الصيني محادثات مع قادة السعودية في ثاني أيام زيارته للرياض الخميس، قبل أن يشهد توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات بين القوتين الاقتصاديتين الطامحتين لتعزيز تقاربهما رغم تحذيرات واشنطن من تصاعد نفوذ بكين.
وصافح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرئيس الصيني شي جينبينغ عندما خرج من سيارته لدى وصوله إلى قصر اليمامة في الرياض، المقر الرسمي للملك ومقر الديوان الملكي، بحسب لقطات بثتها وسائل الإعلام الحكومية.
وفي وقت لاحق، اجتمع الرئيس الصيني مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ووقعا بحضور ولي العهد على "اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين المملكة والصين"، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية. وأتفقا كذلك على عقد اجتماع لقادة الدولتين كل عامين.
آفاق التعاون الصيني السعودي
وقال شي حسبما نقل عنه الاعلام الرسمي الصيني "التعاون الصيني السعودي له آفاق مستقبلية واسعة، وينظر الجانب الصيني إلى الجانب السعودي كقوة مهمة في عالم متعدد الأقطاب ويولي أهمية كبيرة لتطوير شراكة استراتيجية شاملة مع المملكة العربية السعودية".
وأكد الرئيس الصيني أن بكين مستعدة لتوسيع تجارة النفط مع الرياض وستقوم "بإدراج السعودية كمقصد للسياحة الخارجية" للمواطنين الصينيين.
ومُنح شي شهادة الدكتوراه الفخرية في الإدارة من جامعة الملك سعود "استحقاقاً وتكليلاً لإنجازاته وجهوده الكبيرة في الإدارة والقيادة، وعرفاناً للعلاقة المزدهرة والتعاون المستمر بين البلدين الصديقين"، وفقا للوكالة.
اتفاقيات بثلاثين مليار دولار
وذكرت وسائل إعلام سعودية حكومية، أن الزيارة تشهد توقيع اتفاقيات بنحو 29,3 مليار دولار في مجالات عدة، في وقت تريد فيه الصين تعزيز اقتصادها المتضرر من فيروس كورونا، بينما يسعى السعوديون، حلفاء الولايات المتحدة التاريخيون، إلى تنويع تحالفاتهم الاقتصادية والسياسية.
يشارك الرئيس الصيني خلال الزيارة في قمتين خليجية-صينية وعربية-صينية يحضرهما قادة دول المنطقة الذين بدأوا بالفعل بالتوافد إلى العاصمة السعودية وبينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس حكومة تصريف الإعمال اللبنانية نجيب ميقاتي.
وتعمل الصين، أكبر مستهلك للنفط السعودي، على تقوية علاقاتها التجارية والسياسية مع منطقة تعتمد منذ فترة طويلة على الولايات المتحدة في الحماية العسكرية لكنها أعربت عن مخاوفها من تراجع الوجود الأميركي.
وبعد ساعات من وصوله الأربعاء، أعلنت وسائل الإعلام الحكومية السعودية عن 34 اتفاقية استثمار في قطاعات تشمل الهيدروجين الأخضر وتكنولوجيا المعلومات والنقل والبناء.
مشاريع في نيوم
ولم تدرج وكالة الأنباء السعودية الرسمية تفاصيل أضافية، لكنها قالت إن إجمالي التجارة بين البلدين بلغ 304 مليارات ريال سعودي (80 مليار دولار) في عام 2021 و103 مليارات ريال سعودي (27 مليار دولار) في الربع الثالث من عام 2022.
ويرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن الصين شريك مهم في "رؤية 2030" الاقتصادية الاصلاحية، حيث يسعى إلى إشراك الشركات الصينية في مشاريع ضخمة وطموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
تشمل هذه المشاريع مدينة نيوم المستقبلية التي تبلغ قيمة الاستثمارات فيها 500 مليار دولار وستعتمد بشكل كبير على تقنية التعرف على الوجه والمراقبة.
وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إن زيارة شي ستسهم في رفع وتيرة التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين إذ تقدم الزيارة للشركات والمستثمرين الصينيين "عوائد"، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
أفاد دبلوماسيون مقيمون في الرياض أن الرئيس الصيني قد يجري محادثات ثنائية الخميس مع زعماء عرب آخرين وصلوا إلى السعودية قبل قمتي الجمعة.
رؤساء وأمراء
ويصل الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الرياض الخميس أيضا. كذلك، سيحضر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش حضورهما.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن برنامج شي يمثّل "أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية".
ولم يغب ذلك عن أعين البيت الأبيض الذي حذر من "النفوذ الذي تحاول الصين تنميته حول العالم".
قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين الأربعاء "نحن مدركون للنفوذ الذي تحاول الصين توسيعه حول العالم. الشرق الأوسط هو بالتأكيد من بين هذه المناطق حيث يرغبون بتعميق مستوى نفوذهم"، مضيفا "نعتقد أن العديد من الأمور التي يسعون إليها، وطريقة سعيهم إليها، لا تتلاءم مع الحفاظ على النظام الدولي الذي تحكمه قواعد" محددة.
وتابع كيربي "لا نطلب من الدول الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لكن كما قال الرئيس مرّات عدّة، نعتقد أن الولايات المتحدة بالتأكيد في وضع يتيح لها القيادة في إطار هذه المنافسة الاستراتيجية".
لطالما كانت واشنطن شريكًا وثيقًا للرياض، لكن العلاقة توترت مؤخرا بسبب الخلافات حول سياسة الطاقة والضمانات الأمنية الأميركية لدول المنطقة وحقوق الإنسان.
يقوم شي بثالث رحلة له إلى الخارج منذ دفعت جائحة كوفيد-19 الصين إلى إغلاق حدودها والشروع في سلسلة من عمليات الإغلاق، مما أضر باقتصادها العملاق.