: آخر تحديث
رؤية مشتركة باتجاه إزالة التاثير الغربي عن العالم

تقارب حقيقي بين بكين وموسكو لكن تبقى الخلافات استراتيجية

10
11
12

باريس: هل هو تكتل أم تحالف أم شراكة؟ التقارب الذي تجلى الخميس بين الصين وروسيا في سمرقند في أوزبكستان يمثل بداية ظهور بديل للغرب، لكن معالمه وقواه الدافعة ما زالت غير واضحة نظرًا للاختلافات الاستراتيجية بينهما.

تجمع بين الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين أمور كثيرة من التقارب الأيديولوجي والمصالح الاقتصادية والعسكرية إلى الرغبة في تجاوز النظام المتعدد الأطراف الذي أقامه الغرب ويشعران بأن قيمه تهددهما. لكنهما ليسا حليفين، فكل منهما يتحرك في مجال مختلف وله مصالحه الخاصة بالطبع، كما يشير بعض الخبراء.

يقول الباحث سيريل بريت من معهد جاك ديلور في باريس "إنها ليست كتلة بل شراكة حقيقية، غير متوازنة وغير متجانسة".

ولكن الأمر لا يتعلق فقط بمسألة "زاوج مصلحة" كما تقول الباحثة أليس إيكمان، المحللة المسؤولة عن شؤون آسيا في معهد الدراسات الأمنية التابع للاتحاد الأوروبي (EUISS)، إذ إن بينهما "نقاط تلاقٍ كثيرة".

وتوضح أن "لدى الصين قراءة متقاربة إلى حد ما مع قراءة روسيا للتوترات القائمة مع الولايات المتحدة ومع حلف شمال الأطلسي وما تشير إليه بعبارة - الغرب - بالمعنى الواسع. ... إنها ليست كتلة محددة جيدًا، لكن من الواضح أننا أمام حالة استقطاب للعالم".

ويقول بريت "لا يوجد رابط أيديولوجي بين البلدين، ولكن هناك رؤية مشتركة للعلاقات الدولية باتجاه إزالة التاثير الغربي عن العالم".

من جانبه، يفضل إيمانويل دوبوي، رئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا (IPSE) الحديث عن "كتلة مرنة"، مع التأكيد على "الواقع الاستراتيجي لهذا التقارب" الذي يتضح من التدريبات العسكرية المشتركة التي تتكرر وتيرتها.

يتعاون البلدان كذلك في مجالات الطاقة والفضاء، وينسقان تحركاتهما ومواقفهما في الهيئات الدولية.

في النهاية، يرى دوبوي أن هيكلية تتشكل من خلال العديد من المنظمات، بما في ذلك منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) وهي الإطار الذي جمع شي مع بوتين الخميس، مما يؤكد على توجه نحو "شرقنة" (orientalisation) العلاقات الدولية.

ويضيف أن هذا "سيتم التعبير عنه بلا شك بطريقة يتجلى من خلالها الموقف الموحد على نحو أوضح في الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة"، بينما دُعي إلى قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند قادة بيلاروسيا وإيران والهند وباكستان والعديد من دول آسيا الوسطى الذين تمكنوا من مشاركة وجهات نظرهم مع شي جينبينغ وفلاديمير بوتين قبل أيام قليلة من اجتماع قادة العالم في نيويورك.

لا حلفاء ولكن شركاء

لكن بكين وموسكو ليستا على قدم المساواة، لا بل إنهما بعيدتان كل البعد عن ذلك.

يقول دوبوي "كان على روسيا أن تتقرب ذليلة من هذه المنظمة التي أنشأتها الصين في الأساس للحد من تحركات روسيا في آسيا الوسطى. وهذا يوضح مدى حاجة بوتين إلى الصين".

ويلخص بريت الوضع بقوله إن روسيا المعزولة والخاضعة لعقوبات غربية "عليها أن تتطلع نحو الشرق علمًا أن خياراتها محدودة".

ويقول إيفان فيغنباوم من مركز كارنيغي للسلام الدولي إن "الصين أقوى من روسيا. ومصالحها أشمل وأكثر تنوعًا. هدف بكين هو الحفاظ على تفاهمها مع روسيا على المستوى الاستراتيجي، لمواجهة القوة الأميركية. ... لكن دونما الحاجة إلى تقديم الدعم لموسكو على المستوى التكتيكي، لأن بكين تستفيد من الوصول إلى الأسواق العالمية، وتتجنب العقوبات وتبني علاقات مع دول تخشى روسيا، مثل تلك الموجودة في آسيا الوسطى".

وتذكر إيكمان بأن "الصين ليس لديها حلفاء بل شركاء، وهي تعتمد استراتيجية التحالفات".

ويقول المؤرخ بيير غروسيه إن دعم شي جينبينغ لبوتين قد يكون "فخاً للصين". ويضيف في مقال في مجلة السياسة الخارجية الصادرة عن المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية Ifri إن العداء الروسي للغرب "يفرض السير في منحدر خطير من المواجهة يجعل التعايش السلمي صعبًا، بينما ما زالت الصين بحاجة للتبادلات الاقتصادية والتكنولوجية مع الدول الرأسمالية الكبرى".

ومع ذلك، تقول إيكمان إن "في سياق توتر شديد وطويل الأمد بين بكين وواشنطن، ... ترى (الصين) أن لديها مصلحة في تسريع تقاربها مع روسيا".

وهو وضع مقلق، خاصة في تايوان التي قالت حكومتها الجمعة إن تعزيز العلاقات بين موسكو وبكين يضر بالسلام الدولي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار