: آخر تحديث

زيارة بيلوسي تايوان... تقلق بايدن وتستفزّ الصّين؟

76
73
57
مواضيع ذات صلة

تتسارع خطى التصعيد بين الصين والولايات المتحدة حول تايوان. والأنظار كلها تتجه إلى الزيارة المحتملة لرئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تايبه في آب (أغسطس) المقبل. والسؤال: هل يمكن أن تكون منطلقاً لعمل عسكري صيني ضد الجزيرة؟   
 
ونظراً إلى خطورة النتائج التي يمكن أن تترتب على زيارة بيلوسي، ربما تتدخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في اللحظة الأخيرة لإقناع رئيسة مجلس النواب بإرجاء هذه الخطوة، كي لا يشهد الوضع في منطقة المحيط الهادئ تدهوراً دراماتيكياً، في ذروة الانشغال الأميركي بالحرب الروسية - الأوكرانية، وما أفرزته من أزمات في مجالي الغذاء والطاقة.   
 
وتنظر الصين بحذر شديد إلى المناورات التي تجريها تايوان على صد هجمات صينية محتملة من الجو والبحر، وكذلك إلى جولة رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي على كل من إندونيسيا وأستراليا، واتهام الأخير بكين بأنها باتت "أكثر عدوانية" في منطقة المحيطين الهادئ والهندي. وأتبعت نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا يانغ باك، ما قاله ميلي، باتهامات أخرى للصين عن زيادة "الاستفزازات" ضد البلدان التي تطالب بحقوق لها في بحر الصين الجنوبي والدول الأخرى العاملة هناك.   
 
وتعمل القوات الأميركية في المنطقة وكأن المواجهة مع الصين حاصلة لا محالة، وهي تكرّس الكثير من مواردها ترقباً لهذا اليوم. ومن قبيل ذلك، أفاد تقرير للبحرية الأميركية، بأنها تتوقع أن يتألف أسطولها في المستقبل، من أكثر من 350 سفينة مأهولة ونحو 150 سفينة غير مأهولة، وسط آمال بأن تسهم التكنولوجيا في خفض تكاليف التشغيل بينما تستعد لمواجهة الأسطول الصيني المتنامي.
 
وتوحي التحركات الدبلوماسية والعسكرية الأميركية بأن الصراع الدائر في أوروبا اليوم على خطورته، لن يعدو سوى مرحلة عابرة، لن تعيق الولايات المتحدة عن الإعداد للمواجهة الفعلية على زعامة العالم في منطقة المحيط الهادئ والهندي. 
 
وهذا التوجه الأميركي لا ينطلق من عبث، بل هو يأخذ في الاعتبار أن منطقة آسيا هي مستقبل العالم، نظراً إلى غناها الاقتصادي والتجاري بأضعاف مضاعفة عما هي عليه أوروبا. وإذا لم تفز أميركا في التنافس على هذه المنطقة، فإن موقعها كزعيمة للعالم، يمكن أن يهتز.
 
ولا تجد إدارة بايدن أن من مصلحتها تصعيد النزاع مع الصين في الوقت الحاضر إلى نقطة الغليان. صحيح أن ثمة تحذيرات متبادلة وعدم ثقة متزايدة من الجانبين بكل ما يفعله الجانب الآخر في آسيا، لكن الإدارة الأميركية تراعي مسألة تجنب صراع مسلح في هذه اللحظة التي لا تزال روسيا فيها تواصل هجماتها في أوكرانيا، ولم تفعل العقوبات الغربية غير المسبوقة عليها فعلها بعد في إضعاف الآلة الحربية الروسية.   
 
وقد يقود الحذر الأميركي حيال فتح جبهة ثانية إلى محاولة ثني بيلوسي عن عزمها على زيارة تايوان، تجنباً لاستفزاز الصين ودفعها إلى خطوة غير متوقعة رداً على هذه الزيارة. وإذا لم ترد بكين على نحو مباشر على الزيارة، فإنها قد ترد رداً غير مباشر، عبر توثيق العلاقات أكثر مع روسيا.
 
ولا تحتاج آسيا إلى زيارة بيلوسي كي ترفع من منسوب التوتر في القارة، لكن الحسابات الداخلية للحزب الديموقراطي قبل انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، قد تتغلب على سياسة الحذر للبيت الأبيض. وهذا الأمر إذا ما حصل، يؤكد نظرية البعض التي تقول بأن السياسات المحلية هي التي تملي السياسة الخارجية للولايات المتحدة.   
 
وما يزيد من حراجة زيارة بيلوسي، أنها تأتي في وقت عصيب في العلاقات الدولية، ولا يتحمل مزيداً من شد حبل التوترات في هذه المنطقة أو تلك. 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.