نيقوسيا: اكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء تمسّكه بحل يقوم على دولتين في قبرص، في كلمة شديدة اللهجة ألقاها خلال زيارة للشطر الشمالي من قبرص في الذكرى الـ47 للاجتياح التركي الذي أدى إلى تقسيم الجزيرة المتوسطية.
وقال أمام حشد خلال عرض عسكري في الشطر الشمالي من العاصمة "ليس لدينا خمسون عاما لنضيعها" في إشارة إلى عقود من جولات التفاوض برعاية الأمم المتحدة باءت بالفشل في توحيد الشطرين اليوناني والتركي القبرصي من الجزيرة.
وأضاف "لا يمكن إحراز تقدم في المفاوضات من دون التسليم بوجود شعبين ودولتين".
أساس الحل
واعتبر أنه "لا يمكن استئناف عملية تفاوض جديدة إلا بين دولتين"، مضيفاً "من أجل هذا، يجب تأكيد السيادة والمكانة المتساوية للقبارصة الأتراك. وهذا أساس لحل".
ووسط هتافات مؤيدة من الجموع التي كانت تلوح بالأعلام التركية، اتهم إردوغان السلطات القبرصية اليونانية ب"الحؤول دون أي طريق نحو حل" بتبني "موقف متطرف ... منفصل عن الواقع".
ورفض تحذيرا هذا الشهر من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بأن بروكسل "لن تقبل" بحل الدولتين في قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي.
لكن وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل اعرب الثلاثاء عن "قلقه" لاعلان إردوغان، معتبرا أنه "غير مقبول".
وقال بوريل في بيان "يشدد الاتحاد الاوروبي مجددا على ضرورة تفادي الخطوات الاحادية المنافية للقانون الدولي، والاستفزازات الجديدة التي يمكن أن تزيد التوترات في الجزيرة وتهدد استئناف المفاوضات بهدف التوصل الى تسوية شاملة للمسألة القبرصية".
صفارات إنذار
وعلى نقيض الاحتفالات في الشطر الشمالي، دوت صفارات الإنذار في الشطر الجنوبي من نيقوسيا عند الساعة الخامسة والنصف (2,30 ت غ) تذكيراً ببدء الغزو التركي في 20 تموز/يوليو 1974.
وقبرص مقسّمة منذ غزو الجيش التركي لثلثها الشمالي عام 1974. وانضمّت جمهورية قبرص عام 2004 إلى الاتحاد الأوروبي الذي تنحصر مكتسباته بالشطر الجنوبي من الجزيرة حيث يقطن قبارصة يونانيون وتحكمه سلطة هي الوحيدة المعترف بها في الأمم المتحدة. أمّا في الشمال، فلا تعترف سوى أنقرة بـ"جمهوريّة شمال قبرص التركيّة".
وفي مستهل زيارته التي بدأت الإثنين، تعهد إردوغان "عدم تقديم تنازلات" في ما يتعلق بجهود أنقرة التوصل لاعتراف دولية ب"جمهورية شمال قبرص التركية".
وأمام مجلس ممثلي "جمهورية شمال قبرص التركية" قال "على هذه الجزيرة دولتان وشعبان".
أضاف "لن نقدم أي تنازل على هذا الصعيد".
وتؤكد تصريحات إردوغان على الدعوة لاعتراف دولي أطلقها زعيم القبارصة الأتراك إرسين تتار، الذي انتخب في تشرين الأول/أكتوبر بعد حملة وعدت بالسعي لحل قائم على دولتين وليس دولة فدرالية.
وأعلن تتار الذي كان يجلس إلى جانب إردوغان الثلاثاء، عن بدء "المرحلة الثانية من خطة توسعة" فاروشا، المدينة التي تشكل رمزا لتقسيم قبرص، والتي غادرها سكانها القبارصة اليونانيون في أعقاب الاجتياح.
"الحياة ستُستأنف في فاروشا"
وشدد إردوغان على أن "الحياة ستُستأنف في فاروشا"، مجدداً دعوته للمالكين القبارصة اليونانيين إلى المطالبة، عبر لجنة قبرصية تركية، بتعويض عن خسارة ممتلكاتهم في 1974.
وفاروشا التي كثيرا ما كانت وجهة للسياح الذين كانوا يقصدونها للاستمتاع بمياهها الصافية وأمسياتها الصاخبة، باتت منذ عقود مدينة مقفرة محاصرة بالأسلاك الشائكة، وتستخدم ورقة تفاوض.
وإعادة فتحها خط أحمر بالنسبة للسلطات القبرصية اليونانية.
لكن الجيش التركي أعاد فتح أجزاء من شاطئها العام الماضي، قبل أسابيع على انتخاب تتار.
وكان إردوغان قد زار فاروشا في خطوة نددت بها جمهورية قبرص واعتبرتها "استفزازا غير مسبوق".
مذاك، تم تنظيف طريق رئيسي هو جادة ديموكراتياس، وانهمك العمال في إجراء تحسينات عليه تحسبا لزيارة ثانية محتملة.
وشدد إردوغان على أن تدابير إعادة إحياء البلدة ستحترم حقوق الملكية.
"لن يُظلم أحد"
وقال "لن يُظلم أحد من جديد" مضيفا "على العكس، ستُعالج المظالم الحالية. لسنا طامعين بأراضي أي شخص أو حقوقه أو ممتلكاته، لكن لا أحد يستطيع أن يمس حقوق تركيا أو جمهورية شمال قبرص التركية ".
وغرد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الثلاثاء قائلا إن "إراقة الدماء" حول قبرص "رفضها المجتمع المتمدن".
وأضاف "الوقت يمضي لكن لا أحد ينسى" وتابع "الرسالة التي تنادي بحل عادل مع جزيرة موحدة ومن دون أي جيش محتل، لا تزال قوية وصامدة وناشطة".
ومن المقرر أن يصل وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس إلى قبرص الأربعاء غداة زيارة إردوغان.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن الوزير سيرغي لافروف كرر في اتصال هاتفي الثلاثاء بوزير الخارجية القبرصي نيكوس خريستودوليدس التمسك "بالتطبيق الكامل للقرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي".