موسكو: أعلنت بيلاروسيا الاثنين تعليق مشاركتها في مبادرة "الشراكة الشرقية" الرامية لتعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول الاتحاد السوفياتي السابقة المجاورة، ردا على عقوبات فرضتها بروكسل عليها مؤخرا إثر تحويلها مسار طائرة ركاب أوروبية.
وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا عقوبات على بيلاروسيا بعدما أجبرت طائرة تابعة لشركة "راين اير" كانت متوجّهة من أثينا إلى فيلنيوس على الهبوط في مينسك أواخر الشهر الماضي، لتعتقل السلطات الناشط المعارض رومان بروتاسيفيتش وصديقته اللذين كانا على متنها.
وكانت الخطوة الأخيرة ضمن سلسلة عقوبات فرضت على نظام الرئيس ألكسندر لوكاشنكو، الذي يحكم بيلاروسيا منذ نحو ثلاثة عقود وأطلق حملة أمنية استهدفت المعارضة في أعقاب تظاهرات حاشدة هزّت البلاد بعد فوزه في انتخابات العام الماضي.
الوفاء بالالتزامات
وجاء في بيان للخارجية البيلاروسية أن مينسك "لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها بموجب هذا الاتفاق في غمرة العقوبات والقيود التي فرضها الاتحاد الاوروبي".
وأعلنت استدعاء سفيرها لدى الاتحاد الاوروبي "للتشاور" و"دعوة" رئيس البعثة الاوروبية في بيلاروسيا للعودة الى بروكسل "ليبلغ مسؤوليه الطابع غير المقبول للضغوط والعقوبات".
وشددت الوزارة على أن تعليق العمل بالاتفاق "سيؤثر سلبا" على مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة إذ تتشارك بيلاروس الحدود مع البلدين العضوين في الاتحاد الأوروبي -- بولندا وليتوانيا.
وفي وقت سابق من حزيران/يونيو، أعلنت قوات حرس الحدود في ليتوانيا ارتفاع عدد المهاجرين الوافدين عبر الحدود من بيلاروسيا بشكل كبير، مشيرة إلى اشتباهها بأن تكون السلطات البيلاروسية سمحت بمرورهم.
ورأى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الاثنين أن قرار بيلاروسيا التخلي عن "الشراكة الشرقية" يمثّل "خطوة أخرى إلى الوراء" من شأنها أن "تصعّد التوتر بدرجة إضافية".
واعتبر رئيس ليتوانيا المجاورة لبيلاروسيا جيتاناس نوسيدا أن لوكاشنكو "يواصل إنكار حق" مواطنيه في "تحديد مستقبلهم".
وأطلق الاتحاد الأوروبي مبادرة "الشراكة الشرقية" في 2009 مع ست جمهوريات سابقة في الاتحاد السوفياتي هي بيلاروسيا واوكرانيا ومولدافيا وارمينيا واذربيجان، عارضا توثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية مقابل اصلاحات.
وأكدت بروكسل على الدوام أن هذه الشراكة -- التي ترى فيها بعض الدول تمهيدا لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي -- "لا تستهدف أي بلد"، لكن روسيا ترى فيها محاولة للتدخل في منطقة لطالما كانت ضمن دائرة نفوذها.
ودعي لوكاشنكو إلى قمة مرتبطة بالمبادرة لأول مرة في 2017، بعدما رفعت العقوبات المفروضة عليه وعلى مسؤولين آخرين في مسعى للتشجيع على تحسين وضع حقوق الإنسان في بيلاروسيا.
لكنه أوفد وزير خارجيته حينها فيما تبددت الآمال بشأن أي إصلاحات ديموقراطية بعدما تم اعتقال شخصيات معارضة بارزة العام الماضي في بيلاروسيا قبيل انتخابات الرئاسة، لضمان فوز لوكاشنكو بولاية سادسة.
أقوى خصوم لوكاشنكو
وكان المصرفي السابق فيكتور باباريكو (57 عاما)، الذي اعتبر بين أقوى خصوم لوكاشنكو، ممن تم توقيفهم قبل الانتخابات.
ويواجه عقوبة بالسجن لمدة 15 عاما بتهم تلقي رشاوى وغسل أموال. ونفى أمام المحكمة الاثنين في مينسك التهم الموجّهة إليه والتي يعتقد أنصاره بأنها مدفوعة سياسيا.
وكانت سفيتلانا تيخانوفسكايا، التي لا تملك خبرة مسبقة في السياسة وحلّت مكان زوجها المسجون، المنافسة الوحيدة للوكاشنكو في الانتخابات. وسرعان ما ازدادت شعبيتها.
ورغم إعلان لوكاشنكو فوزه، تعتقد المعارضة بأن تيخانوفسكايا التي أجبرت على الهرب إلى ليتوانيا، كانت الفائزة الفعلية وبأن الانتخابات مزورة.
وأفادت تيخانوفسكايا على قناتها في "تلغرام" الاثنين بأن تخلي مينسك عن "الشراكة الشرقية" "لا يكشف إلا مدى ضعف وقصر نظر" النظام الحاكم.
وأقرت واشنطن والاتحاد الأوروبي سلسلة عقوبات على لوكاشنكو وحلفائه لكن يبدو أن تأثيرها لا يزال محدودا إذ تحظى بيلاروس بدعم الكرملين.