القدس: جرح أكثر من مئة فلسطيني وعشرون شرطيا إسرائيليا في مواجهات في القدس ليل الخميس الجمعة جاءت بعد مسيرة قام بها يهود متشددون.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني أن 105 فلسطينيين على الأقل جرحوا نقل نحو عشرين منهم إلى المستشفى، بينما ذكرت الشرطة الإسرائيلية أنها أحصت عشرين جريحا في صفوفها.
وتعود آخر صدامات كبيرة بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية الى آب/اغسطس 2019 عندما تزامن عيد الأضحى مع احتفال يوم التاسع من آب اليهودي. وأسفرت عن جرح نحو ستين فلسطيني في ساحات المسجد الاقصى.
واندلعت المواجهات الليلة الماضية عند مدخل البلدة القديمة في القدس حيث كانت الشرطة الإسرائيلية نشرت مئات العناصر لمواكبة مسيرة نظّمتها في القدس الغربية حركة "لاهافا" (لهب) اليهودية اليمينية المتطرّفة.
ومنعت الشرطة وصول المشاركين في المسيرة الذين كانوا يهتفون "الموت للعرب" إلى بعض المناطق التي يتجمع فيها الفلسطينيون عادة بأعداد كبيرة خلال شهر رمضان.
ونظّم شبّان فلسطينيون بعد صلاة العشاء والتراويح في القدس الشرقية المحتلة تظاهرة مضادّة للاحتجاج على تلك المسيرة التي اعتبروها استفزازية. وما لبثت أن اندلعت صدامات بينهم وبين عناصر الشرطة استمرت حتى الفجر.
وقالت الشرطة إنها نشرت وعززت قواتها على مداخل باب العمود، البوابة الرئيسية للقدس القديمة، والأحياء المجاورة.
وقالت الشرطة إن "المئات من المشاغبين (...) رشقوا القوات الأمنية بالحجارة".
ورشق المتظاهرون من اليمين المتطرف أيضا قوات الأمن الإسرائيلية بالحجارة.
وقال فلسطيني كان بالقرب من مكان حصول الاشتباكات خارج البلدة القديمة لوكالة فرانس برس "كانت أشبه بساحة حرب، كانت خطيرة (...) لهذا غادرت المكان".
ونشر شهود صورا لمواجهات عنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، بينها مشاهد لإسرائيلي يتعرض للضرب على أيدي فلسطينيين محيطين به.
وحاولت الشرطة تفريق المتظاهرين الفلسطينيين باستخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، كما استخدمت خراطيم المياه.
ووصفت الشرطة التظاهرة ب"العنيفة".
ولاحق رجال وخيالة الشرطة وحرس الحدود المدججون بأىسلحة وبخوذاتهم العسكرية، المتظاهرين الذين كانوا يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا أقصى".
وأغلقت الشرطة المداخل المحيطة بباب العمود، ولم تسمح للقادمين من الخارج بالدخول بعد اشتداد المواجهات.
وكانت مواجهات جرت الأربعاء في القدس. وأظهرت مقاطع فيديو تناقلتها وسائل إعلام وشبكات التواصل الاجتماعي موظفين عرباً يعملون في متاجر وسط المدينة وصحافيين يتعرّضون لاعتداءات من شبّان يهود يهتفون "الموت للعرب".
وقالت الشرطة إنها اعتقلت سبعين شخصا من العرب واليهود تم تمديد توقيف 64 منهم.
وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي فلسطينيين يهاجمون يهودا متشددين في الساعات الأولى من يوم الجمعة، مع معلومات عن رشق مركبات إسرائيلية بالحجارة في القدس الشرقية وبالقرب منها.
وتحدثت الشرطة عن "عدد من الحوادث خلال الليل تعرض فيها مدنيون للاعتداء، وكان بعضهم بحاجة إلى علاج طبي".
ودانت الرئاسة الفلسطينية "التحريض المتزايد من مجموعات المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين على قتل العرب الذي تجلى في الأيام الأخيرة في موجة من الهجمات ضد المدنيين الفلسطينيين في البلدة القديمة".
وحث بيان نشر في وقت متأخر الخميس على وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" المجتمع الدولي على حماية الفلسطينيين من هجمات "المستوطنين".
وحمّلت وزارة الخارجية الأردنية السلطات الإسرائيلية مسؤولية ما حصل.
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير ضيف الله الفايز "تتحمّل السلطات الإسرائيلية، القوة القائمة بالاحتلال في القدس الشرقية المحتلة وفق القانون الدولي، كامل المسؤولية لسماحها لهذه المجموعات بالوصول إلى البلدة القديمة وإطلاق شعارات وهتافات عنصرية والاعتداء على المقدسيين".
وطالب الفايز السلطات الإسرائيلية ا"حترام حرمة الشهر الفضيل، وحق المصلين بالوصول بكل سلاسة وحرية للمسجد الاقصى المبارك، واحترام الوضع القائم التاريخي والقانوني بالتقيد بالتزاماتها وفق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
ودعت الأمم المتحدة عبر تغريدة على تويتر"جميع الأطراف إلى اتخاذ خطوات لتهدئة التوترات والحفاظ على الهدوء".وقالت "منذ بداية رمضان، اندلعت اشتباكات متكررة بين الفلسطينيين وقوى الأمن ومدنيين إسرائيليين في القدس البلدة القديمة، ما أدى إلى وقوع إصابات واعتقالات".
وعبرت السفارة الاميركية في القدس عن قلقها، وقالت في بيان "نعبّر عن قلقنا إزاء أحداث العنف في القدس خلال الأيام القليلة الماضية"، مضيفة "نأمل من جميع الأصوات المسؤولة أن تعزز إنهاء التحريض والعودة الى الهدوء واحترام سلامة وكرامة الجميع في القدس".
وقال رئيس بلدية القدس موشيه ليون إنه حاول إلغاء مسيرة "لاهافا"، لكن الشرطة أبلغته أنها قانونية، مشيرة إلى أن "العشرات" من اليهود الذين هاجموا عربا اعتقلوا خلال الأسبوعين الماضيين.
وفي حديث مع الإذاعة العامة، قال ليون إنه يجري محادثات مع قادة أحياء القدس الشرقية الفلسطينية "لإنهاء هذا العنف الذي لا طائل منه".