أمام الاستقبال الحار الذي خصصته شبيبة حزب العدالة والتنمية المغربي في الجلسة العامة لمؤتمرها الوطني السادس، أمس السبت بالرباط، لزعيم الحزب وأمينه العام السابق، عبد الإله ابن كيران، ألقى هذا الأخير كلمة نارية أمام قيادات وشباب الحزب، وجّه فيها رسائل مباشرة وغير مباشرة إلى خصومه السياسيين وجهات في الدولة.
إيلاف من الرباط: استعاد ابن كيران قاموسه الخطابي في مهاجمة الخصوم، حيث وجّه انتقادات حادة إلى رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، إذ قال: «هل لسي عزيز أخنوش أن يقول لنا من هي العرافة التي قالت له من الآن أن حزبه سيفوز بانتخابات 2021، ومن أعطاه الضمانة».
أضاف متسائلًا «هل يريد أن يكرر التجربة الفاشلة والبئيسة للحزب المعلوم؟، اشتغل ولا ترهبنا من الآن، لأننا لا نخاف»، وذلك في إشارة إلى فشل تجربة حزب الأصالة والمعاصرة.
مضى ابن كيران في هجومه على رجل المال والأعمال، قائلًا: «زواج المال والسلطة خطر على الدولة»، وزاد مؤكدًا أن زواج المال والسلطة خطر حذر منه العلماء في السابق «لن يمنعكم أحد من أن تمارسوا السياسة، ولكن الشعب المغربي مازال يحنّ إلى سياسييه الصالحين وإلى أحزابه الأصيلة، وهي موجودة».
أضاف «نحن لا نحسد الأغنياء. عندك الغاز.. الله يزيدك»، لكننا أصبحنا «نشاهد نوعًا من الأغنياء لم نكن نعرفهم قبل 10 سنوات، أصبحوا اليوم من كبار أغنياء العالم . مبارك عليكم، ولكن لا تجمعوا السلطة السياسية مع السلطة المالية».
ومضى ابن كيران ساخرًا من أخنوش: «أنصحك بمتابعة برنامج وثائقي أميركي حول إنقاذ الرأسمالية، ونحن نريد منكم إنقاد الرأسمالية. الأميركيون يشتكون من تحالف السلطة والمال، ويعتبرونها خطرًا على المجتمع، وبما أن الأميركيين يعجبونكم فاتبعوهم في هذا الأمر».
زاد ابن كيران "رجال المال يسيرون أفضل من رجال السياسية، ممكن، لكن عندما يكونون يسيرون مع الشركات والأعمال والبورصة»، قبل أن يضيف بأن «التعامل مع المواطنين لا يحسنه إلا السياسيون»، مذكرًا بواقعة حدثت له مع وزير التربية الوطنية السابق، رشيد بلمختار.
لشكر وتقاعد البرلمانيين
خص ابن كيران رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، والفريق البرلماني للحزب بتحية خاصة على موقفه من قضية تقاعد البرلمانيين، التي رفض العثماني تقديم دعم إلى الصندوق بعد إفلاسه، والمقترح الذي قدمه الفريق لحل الصندوق وإلغائه، وقال «من المستحيل سياسيًا أن نتراجع عن هذا المبدأ».
وأضاف ابن كيران موجّهًا نيرانه تجاه حزب الاتحاد الاشتراكي وأمينه العام إدريس لشكر، حين قال: «أسمع عن بعض الجهات في الغالبية تحتج بطريقة أقرب ما تصل إلى البلطجة»، واسترسل: «أنا أريد أن أقول لهم إنكم لا ترهبوننا، وإذا كانت هذه الحكومة ستبقى، لأنها تخاف من التشتت بأي ثمن، وإذا كان يجب أن تغادر فنحن مستعدون للمغادرة».
وزاد قائلًا «عندما تكون عندنا ظروف كبرى يتدخل جلالة الملك مباشرة، يتكلم معنا ونجد حلًا، هذا شيء، وهذه الدولة.. وجلالة الملك يعرفنا جيدًا، ويعرف حزبنا، لكن لا يمكن داخل غالبيتنا يكون عندنا 125 نائبًا برلمانيًا، ويأتي حزب لم يكمل فريقه إلا بصعوبة ويفرض علينا إرادته، هذا لا يمكن»، وذلك في انتقاد صريح إلى لشكر وحزبه الذي يضغط من أجل دعم الحكومة لتقاعد البرلمانيين.
وأعرب ابن كيران عن مساندته للعثماني، حيث قال: «الدكتور العثماني ليس وحده، رغم أنه نحيف يعرف كيف يغضب»، واسترسل ساخرًا من لشكر «من أراد أن يلعب رياضة السومو فليذهب ليلعبها، إسمحوا لنا.. احترمونا بعض الشيء»، وأضاف «نحن نراعي، وتجرعنا عددًا من المصائب، وصبرنا، ودخل الاتحاد رغمًا عنا، ولكن لا تبالغوا لأن (العدالة والتنمية) لن يتغير وسيبقى هو (العدالة والتنمية) ولن يغير جلده».
كما خاطب ابن كيران العثماني قائلًا: «الله يخليك اسي سعد، إذا قال لك سيدنا (الملك) حلوا هذا الحزب فلتأت لنحله، ولكن سيدنا، أما الآخرون فليكفوا عن البسالة (المبالغة في الشيء)»، وذلك في رسالة مبطنة إلى المحيط الملكي.
عودة ابن كيران
وقال ابن كيران، الذي بدا مزهوًا بحفاوة الاستقبال التي حظي بها، ردًا على شباب الحزب الذين رددوا شعار «الشعب يريد ابن كيران من جديد»، «إذا كان الشعب بالفعل يريد ابن كيران من جديد، فسيرجع إن شاء الله ولو كان في قبره. إرادة الشعوب لا تقهر»، وذلك في إشارة إلى إمكانية عودته بقوة في المرحلة المقبلة.
وأضاف ابن كيران «هذه أجواء بهجة وفرحة وعرس رغم أن الظروف صعبة، أعرف بأن عندي مكانة كبيرة في قلوبكم أشكركم، وأعرف أنني لم أعد أمينكم العام، ومازلت في قلوبكم، ومازلتم تريدون أن أتحدث إليكم»، وزاد «أطمئنكم إنني بخير وعلى خير ولا ينقصني أي شيء إلا النظر في وجهكم العزيز».
وأقر رئيس الحكومة السابق بأن «الظروف صعبة»، معتبرًا أن كلامه في هذا الوقت صعب، و«أحاول ما استطعت أن أترك التجربة تكتمل في ارتياح، لأننا لسنا حزبين.. نحن كنا وسنبقى ويجب أن نبقى جسدًا واحدًا»، مؤكدًا أن الحزب انتصر على «الذين كانوا يريدون تشتيت الحزب» في المؤتمر وخرج موحدًا.
وأكد ابن كيران في كلمته على ضرورة «التئام القلوب والإحساس والعواطف بين أعضاء الحزب»، مشيرًا إلى "أن المستقبل يلزمنا لإعطاء انتصار المؤتمر المعنى الحقيقي بالالتئام كحزب واحد لمواجهة الفساد والاستبداد».
وعاد رئيس الحكومة السابق إلى واقعة إعفائه من تشكيل الحكومة، معتبرًا ذلك «ضربة قاسية أو زلزالًا أصاب حزب العدالة والتنمية، استطعنا أن نخرج من المرحلة، ولم نتجاوزها بشكل تام». وزاد قائلًا "ليس معقولًا أن نتراجع بعدما وقعت حادثة سير"، مؤكدًا «ليس من حقنا أن نتخلى عن المواطنين وثقتهم.. وعندما تنجح لا بد أن تؤدي الثمن».
وشدد رئيس الحكومة على ضرورة استمرار الحزب في أداء دوره وثباته على المبادئ نفسها، وقال: «لم أرتح لكلمة التكريم، وطلبت من البوقرعي والأخ الأمين العام إراحتنا منها»، وأضاف «أقبل هذا التكريم بالمعنى الاستمرار بالإصرار والصمود والقيم والمبادئ نفسها من أجل تحسين أوضاع المواطنين».
وبخصوص القضايا الاجتماعية التي تعيشها البلاد، قال ابن كيران، إن حزبه يدعم ويساند المطالب الاجتماعية وتحقيقها، معربًا عن أمله في تحسين أوضاع المواطنين وتلبية مطالبهم، ودعا المواطنين إلى منح الحكومة فرصة لإصلاح الأوضاع، بما في ذلك «ملف حراك الريف الذي نتمنى بعد إنهاء المسار القانوني أن يمتعهم جلالة الملك بالعفو»، وزاد قائلًا «هذا من حقنا أن نتمنى عليه لأنه ملكنا، هل ستمنعوننا من الكلام مع الملك أم ماذا؟».