إيلاف من جدة: أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن قائمة الأفلام القصيرة العربية المشاركة في المسابقة الرسمية للدورة الخامسة، التي تنطلق في الفترة من 4 إلى 13 كانون الأول (ديسمبر) 2025، وتُعرض في قلب جدة التاريخية، ضمن برنامج يكرّس رؤى سينمائية جديدة ويمنح الموهبة العربية الناشئة منصة سردية بارزة.
تتضمّن القائمة أحد عشر فيلمًا من المملكة العربية السعودية، فلسطين، لبنان، مصر، المغرب، العراق، والإمارات العربية المتحدة، وتشير اختيارات هذا العام إلى اتجاه فني يُجسّد تعدد الأصوات السردية في المنطقة، ويقدّم رؤى إنسانية عميقة حول الهوية، الفقد، الاضطراب النفسي، والواقع الاجتماعي المتحوّل.
سرديات تتقاطع مع التحولات الاجتماعية والداخلية
تنوع الموضوعات والمقاربات السردية في الأعمال المختارة يعكس رغبة صانعيها في مساءلة الواقع، واستكشاف المساحات المنسيّة من الحياة اليومية:
-
«مهدّد بالانقراض» للمخرج سعيد زاغة (فلسطين): تروي القصة لحظة حاسمة تعيشها جرّاحة فلسطينية في الضفة الغربية، حين تعترضها ظروف استثنائية خلال عودتها من مناوبة ليلية، لتتحوّل الطريق إلى نقطة تحول شخصية مصيرية.
-
«الأراضي الفارغة» للمخرج كريم الدين الألفي (مصر): ضابط وزوجته ينتقلان إلى منزل في منطقة مهجورة كمكافأة، لكن ظهور أثر لفتاة مفقودة يُعيد ماضي المكان إلى السطح، ويُحوّل الهدوء الظاهري إلى قلق متصاعد.
-
«إلى أين، مريم!» للمخرج أمين زريوح (المغرب): رحلة لامرأة تواجه هشاشة علاقتها بزوجها إثر زيارة لصديق يحتضر، لتنكشف أمامها أسرار عائلية قديمة تؤدي بها إلى إعادة تقييم ذاتها ومحيطها.
-
«حبل سُرّي» للمخرج أحمد حسن أحمد (الإمارات): فيلم بصري يتتبع مسارًا شعريًا يمزج القلق بالأمل، عبر يوم مشحون يخوضه رجل وسط أصوات متداخلة من الخوف والحنين.
-
«مع الريح» للمخرجة إناس لحير (المغرب): لقاء غير متوقع يعيد لبائع زهور عجوز مشاعر دفينة، لحظة قبل أن يغلق متجره الأخير، في وداعٍ شفاف بين الحياة والذاكرة.
-
«ما وراء العقل» للمخرجة لنيا نورالدين (العراق): عمل رمزي عن "ميخاك"، حمار طيب يُقصى من عائلته ثم يُضحي بنفسه للبقاء قريبًا منهم، في استعارة سينمائية عن الأمل والخذلان.
-
«ارتزاز» للمخرجة سارة بالغنيم (السعودية): في جنازة، تدخل امرأة مطلّقة في صراع ضمني لإثبات حضورها الاجتماعي كزوجة مستقبلية، في نقد اجتماعي يعكس ديناميات التقييم الطبقي والنظرة إلى المرأة.
-
«حفل افتتاح» للمخرج حسين المطلق (السعودية): يُختار طفل لحمل المقص في حفل رسمي، لكنه يجد نفسه ممزقًا بين براءة الطفولة وتكليف غامض أوكلته إليه والدته.
-
«البحر يتذكّر اسمي» للمخرج حسين حسام (مصر): توأمان، أحدهما غرق، والآخر يحاول أن يعيش باسمه طمعًا في اعتراف والده، في قصة تفتح أسئلة عن الفقد والهوية والاعتراف العاطفي.
-
«وإن قصفوا هنا الليلة؟» للمخرج سمير سرياني (لبنان): زوجان في ليلة متوترة من الأرق بين الخوف من القصف والحنين لحياة عادية، وسط سؤال معلّق بين البقاء والرحيل.
-
«عم تسبح» للمخرجة ليليان رحّال (لبنان): بعد فقدان ابنة عمها في تحطم طائرة، تنطلق المخرجة في رحلة تأملية حول الحزن، وتطرح أسئلة بصرية عن الدورات الطبيعية للغياب.
التنوّع الجغرافي والنغمي في السينما القصيرة
يُبرز البرنامج كيف باتت السينما القصيرة في العالم العربي مساحة خصبة للتجريب وطرح تساؤلات جمالية واجتماعية معقدة. ويمنح مهرجان البحر الأحمر في دورته الخامسة هذه الأعمال فرصة للعرض في حي "البلد" بجدة، حيث تتقاطع الأصالة التاريخية للمكان مع لغة سينمائية جديدة تُعبّر عن جيل يتطلع إلى رواية واقعه بأساليب معاصرة ومباشرة.
في اختيار هذه الأفلام، تظهر ملامح موجة عربية متجددة تحاول تخطي السرديات التقليدية وتقديم مشاهد داخلية كثيفة ومشحونة، بعيدًا عن المباشرة، عبر شخصيات تعيش على حافة تحولات أو في صراعات خفية، فردية وجماعية.