إيلاف من عمان: تواصل الأميرة ريم علي رئيسة ومؤسس شريك لمهرجان عمان السينمائي الدولي دورها في مهرجان عمان السينمائي الذي يعتبر أبرز مهرجان سينمائي تشهده الأردن سنوياً، محاولة وضع خبرتها ومواكبتها لصناعة السينما العالمية في بلدها الأردن لتنقل الخبرات العالمية لصناع السينما الأردنيين.
المهرجان الذي يختتم فعاليات نسخته الجديدة مساء اليوم، تؤكد الأميرة ريم علي حرصها على جعل نسخته بمثابة فرصة للسرد عن مجتمعنا وواقعنا العربي خصوصاً الواقع الفلسطيني، فيما تعتبر دعم المواهب الأردنية الشابة في السينما بمثابة التزام باستثمار طويل الأمد بدأت نتائجه تظهر في التواجد السينمائي الأردني بالمهرجانات العالمية، وإلى نص الحوار
*دعينا نبدأ في الحديث من اهتمامك بمهرجان عمان وحديثك عن تركيزه على المحتوى وليس منافسة المهرجانات الأخرى، ما هو المحتوى الذي تريه مهماً ويضيف للمهرجان؟
- بعد دعم الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، التي أنشأها زوجي، الأمير علي، قبل 21 عامًا، جاء اهتمامي بإنشاء "مهرجان عمان السينمائي الدولي" المعني بالتجارب السينمائية الأولى، مع الإدراك أن المهرجان أصبح ضرورة للمساعدة في تقديم المزيد من الدعم لصناع الأفلام لأول مرة، وللاعتراف بالتطور المستمر والجودة العالية للأفلام الأردنية والعربية التي نمت في السنوات الأخيرة.
يتماشى المهرجان، وخاصة موضوع هذا العام، مع اعتقادي الراسخ بأن السرد القصصي هو جزء أساسي من كوننا بشرًا ذوي أفكار ومشاعر وقدرة على فهم بعضنا البعض وإظهار التضامن لبعضنا البعض والتواصل مع بعضنا البعض من خلال الثقافة وهو أمر إنساني أساسًا.
أجد أن كل المحتوى مهم طالما أنه يعكس الفن والهموم والأفكار للفنانين، ولكن بالطبع أعتقد أن الأفلام التي تسمح بالهروب وتلك التي تضع مرآة أمام مجتمعاتنا مهمة بنفس القدر، ما يضيف من قيمة المهرجان هو أنه يجمع أصوات العرب اليوم بتنوعها الغني، هذا المحتوى هو حقًا في الصميم.
*ما الجديد الذي حرصت على وجوده في المهرجان بنسخة هذا العام؟
شعرنا أنه من المهم أن نولي اهتمامًا للوضع الإقليمي، لذا بالطبع تميزت هذه النسخة بتركيزنا على "قصصنا، رواياتنا" تحت شعار "احكيلي" الذي كان يهدف إلى إسماع أصوات من منطقتنا، ولكن أيضًا بشكل خاص من فلسطين التي تمر بمأساة رهيبة. لذا، إعطاء مساحة للروايات (الروائية أو الوثائقية) من هناك، مثل فيلم الافتتاح "باي باي طبريا" والفيلم القصير الذي شاهدته من الأنثولوجيا الرائعة "من المسافة صفر" - الذي عُرض عالمياً لأول مرة هنا في مهرجان عمان السينمائي الدولي - كان مهمًا للغاية، وكذلك تقديم فرصة لصناع الأفلام لفهم كيفية التعامل مع الأرشيف وتعريفهم بالتوثيق الغني للأونروا الذي يروي قصة النكبة الفلسطينية والتهجير المستمر منذ 75 عامًا كان مهمًا أن يتم تضمينه. وهذا العام، سيتم زيادة عدد جوائز الجمهور لتشمل جميع الفئات.
*كيف ترين توقيت إقامة المهرجان بهذه الظروف السياسية؟
توقيت المهرجان لم يكن ليتغير، لأن الظروف تظل مأساوية لجيراننا وإخواننا وأخواتنا في فلسطين، وبصراحة، للمنطقة ككل. الشعب السوداني يعاني بشدة والشعب اللبناني يعيش حياة معلقة، لا يعرف ما إذا كانت حرب أخرى ستندلع قريبًا. الإحباط ملموس هنا في الأردن، حيث يشعر الجميع، بغض النظر عن أصولهم، بشعور عميق تجاه الشعب الفلسطيني، وكثيرون فقدوا أقاربهم، ويشعرون أيضًا بتبعات الحرب اقتصاديًا.
لكن المهرجان، ليس عن السياسة، بل عن الثقافة وكما قلت، الثقافة والأحداث الثقافية هي إنسانية بشكل أساسي، لا يمكننا تجاهل ما يحدث لإخواننا في فلسطين وأماكن أخرى في منطقتنا، وقد تم عكس ذلك بوضوح في دورة هذا العام. الثقافة لها القدرة على تحقيق ما قد لا تستطيع السياسة تحقيقه، وهي تقديم منصات للتعبير من خلال الفن السابع في هذه الحالة، لنتمكن من التواصل، ولنشارك رسائلنا مع العالم ولٍنُرى كبشر متساوين. لذا أقول إن عقد المهرجان هذه السنة كان أكثر أهمية من أي وقت مضى سماع هذه الأصوات بوضوح وبشكل قوي والتذكير بأننا جميعًا بشر متساوون.
*كيف ترين دور السينما في التعريف بالقضية الفلسطينية؟
أعتقد أنها يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا، أحيانًا أكثر من أي وسائل تعبير أخرى. يكفي مشاهدة فيلم "من المسافة صفر" لتفهم ما أعنيه. ربما ما هو أكثر إثارة مع هذه الأنثولوجيا من أفلام غزة هو ما يظهر من الإرادة لمواصلة الحياة ومشاركة القصص والتواصل مع العالم من خلال هذه القصص، بينما يستمر العدوان على غزة.
*هل ترين أن التجارب السينمائية النسائية التي قدمت في السنوات الأخيرة أصبحت تدعم المرأة بشكل كبير؟
أعتقد أنها فعلت، لأن هناك الكثير من التأملات حول دور النساء في مجتمعاتنا العربية المختلفة. بعضهن تعرض للنقد، لكن كان لهن فضل في فتح نقاشات اجتماعية مناسبة. دعونا نتذكر بأن العالم العربي فيه غالبية من الإناث، وخاصة صانعات الأفلام في صناعة السينما، على عكس الغرب، حيث تكافح النساء غالبًا لكسر الحواجز خلف الكاميرا.
*لو تطرقنا إلى فكرة دعم الهيئة للعديد من الاعمال وصناع السينما في الأردن، كيف ترين نتائجها اليوم؟
أود أن أقول إن النتائج واضحة للجميع. كان استثمارًا طويل الأمد وهو مستمر. في الواقع نرى المزيد من الأفلام الأردنية في المهرجانات، وتحصُل على جوائز، تدل على الدعم الذي يحصلون عليه في الوطن. ليس دائمًا الدعم المادي – كما تعلم أن لدينا صندوق الأفلام وهو مهم للغاية على الرغم من صغره – ولكن الحقيقة تكمن في أن إنشاء الهيئة الملكية الأردنية للأفلام والعمل الذي تقوم به بدعم من المؤسسات الحكومية المختلفة ومن جلالة الملك، يوفر بيئة تمكينية مؤاتيه تسمح لصناعة الأفلام أن تزدهر.
*تتولين رئاسة المهرجان للعام الخامس كيف ترين ما تحقق في النسخ الماضية؟
أنا فخورة جدًا بما تم تحقيقه والكثير من الفضل يعود إلى المؤسس المشارك للمهرجان، المديرة ندى دوماني، وبالطبع إلى فريقها الصغير، ولكنه فعال للغاية. أعتقد أن المهرجان نجح في ترسيخ نفسه في المنطقة كمهرجان للمحتوى، ومهرجان يشجع ويرحب بالمواهب الشابة، وهو ما كنا نهدف إليه عندما بدأناه. كما حقق سمعة طيبة لجوه الودي الحميمي وهو الجانب الجيد من كونه مهرجانا صغيرا، أو مهرجان "بوتيك" كما صنفه البعض.
*هل يمكن أن يكون هناك تعاون بين المهرجان وباقي مهرجانات المنطقة؟
نتعامل دائما مع جميع الأطراف بذهنية التعاون بعيدا عن عقلية التنافس. نأمل أن يكون الأمر نفسه بالنسبة للمهرجانات الأخرى في المنطقة لأننا جميعًا لدينا ما نكسبه من خلال التبادل المهني الحقيقي.
*كيف ترين أهمية دعم الإعلام الأردني للمهرجان من واقع خبرتك العملية في مجال الإعلام؟
بالطبع دعم الإعلام الأردني ضروري – لدينا العديد من الشركاء داخل وسائل الإعلام ونعتمد عليها للترويج للمهرجان وبرامجه وقد رأينا كيف انعكس ذلك في زيادة الجمهور محليا، وأيضا في الضجة التي أحدثها المهرجان في عمان وخارجها. والجدير ذكره أننا نظمنا ورشة خاصة لتدريب المزيد من نقاد الأفلام.
*تطور كبير في المنطقة في السينما الأردنية وكذلك السينما السعودية. كيف ترين سبل التعاون ما بين الأردن والسعودية؟
أعتقد أن هناك الكثير من المجالات للتعاون. لدينا خبرات في مجالات معينة، ونحن سعداء جدًا برؤية التغييرات الملفتة التي تمر بها السعودية. لديهم القدرة والإمكانيات المالية للقيام بأشياء لا يستطيع الآخرون القيام بها. ونحن نرحب بهم كشركاء. يمكننا جميعًا الاستفادة من تحقيق الأهداف التي ستجعل منطقتنا أقوى ثقافيًا. نجاح السعودية هو نجاحنا. يمكننا أن نكمل بعضنا البعض - لقد حان الوقت لرؤية العرب يتحدون في مكان ما، ويبدو أن السينما هي المنصة المثالية لذلك.
يمكن أن يكون ذلك بطرق متعددة، على سبيل المثال إذا رأينا استثمارات في الأفلام في الأردن والمنطقة. لكن هناك طرق أخرى وأنا سعيدة بوجود ممثلين عن صناعة الأفلام في السعودية معنا هنا في المهرجان هذه الأيام وأتطلع إلى سماع المزيد من الأفكار حول كيفية العمل معًا.