وصلت المفاوضات بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي إلى طريق مسدود منذ بدء الحرب على غزة التي أعقبت أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، فكلا الطرفين يتمسك بشروطه كاملة من أجل وقف الحرب غير مكترثين بالمدنيين الضحايا، الذين يموتون كل يوم برصاص الاحتلال أو من الجوع والفقر والأمراض داخل مخيمات الإيواء.
وبالرغم من التعنت الحمساوي والإسرائيلي، إلا أن الوسطاء الأميركيين والعرب مثل مصر وقطر لا يزالون يبذلون جهودًا كبيرة لإقناع إسرائيل وحماس بتقديم تنازلات والجلوس على مائدة المفاوضات، كمحاولة لسد الفجوات بين الطرفين والتوصل إلى اتفاق وقف النار في غزة وإتمام صفقة تبادل الأسرى.
وتسعى واشنطن لحل الخلاف بينهما بمسودة اتفاق للهدنة ذات بنود ومواد، كما عرض الرئيس الأميركي جو بايدن في أواخر أيار (مايو) ما قال إنه مقترح إسرائيلي على ثلاث مراحل يفضي إلى وضع حد للنزاع والإفراج عن الرهائن وإعادة إعمار قطاع غزة من دون أي وجود لحماس في السلطة. لكن هذا المقترح، الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، لم يفض إلى نتيجة حتى الآن، فمن الواضح أن الطرفين لن يقدما أي تنازلات من أجل حقن دماء المدنيين في قطاع غزة أو في تل أبيب، ووضع حد نهائي للحرب أو الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
ربما الضغوط المختلفة التي تمارسها أميركا على إسرائيل ستتخذ مسارًا جديدًا خلال الفترة القادمة. فقد تكشر إدارة بايدن عن أنيابها صراحة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتطرفة التي ترفض جميع الحلول وتصر على سياسة العناد السياسي أمام حماس، لتظل أزمة المحتجزين الإسرائيليين في سجون الحركة الفلسطينية عالقة كما هي دون أي حلول شافية لذويهم.
إقرأ أيضاً: غزو رفح.. والحرب الباردة بين مصر وإسرائيل
وفي سبيل إنهاء الحرب، اقترحت أميركا صياغة جديدة للبند الثامن بمقترح بايدن لوقف إطلاق النار وتبادل إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين. وأعد المسؤولون الأميركيون صياغة جديدة لهذه المادة من أجل سد الفجوة بين إسرائيل وحماس، مع العمل جنبًا إلى جنب مع مصر وقطر لإقناع حماس بقبول الاقتراح الجديد.
وفي نفس الوقت، ظهر اقتراح إسرائيلي وافق عليه مجلس الحرب الإسرائيلي وطرحه بايدن في خطاب ألقاه، وهو يفضي إلى تنفيذ المرحلة الأولى للصفقة من أجل تحديد الشروط الدقيقة للمرحلة الثانية منها، والتي تشمل الوصول إلى "تهدئة مستدامة" في غزة. لكن لم تشغل الصفقة تفكير حماس، فهي تركز فقط على عدد وهوية السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية مقابل كل جندي إسرائيلي حي أو محتجز في غزة. وفي المقابل، تريد إسرائيل أن تكون لديها القدرة على إثارة قضية نزع السلاح من غزة، فتعمل الولايات المتحدة بجد لإيجاد صيغة تسمح بالتوصل إلى اتفاق، ولكن ينتظر موافقة الطرفين.
إقرأ أيضاً: الأونروا يحب أن تبقى.. ولكن!
ووفقًا للرئيس الأميركي، سيعود الفلسطينيون في هذه المرحلة إلى منازلهم في كافة أنحاء القطاع وستزداد المساعدات الإنسانية إلى 600 شاحنة يوميًا. كما تشمل وجود محادثات بين إسرائيل وحماس للوصول إلى المرحلة التالية، التي من المفترض أن تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن وانسحاب إسرائيل من القطاع بالكامل.
إلا أنه في وقت سابق من هذا الأسبوع، تراجع نتنياهو عن الاقتراح، مؤكدًا على مواصلة إسرائيل القتال في غزة لتحرير الرهائن. لكن بعد ضغط من الولايات المتحدة وعائلات الرهائن، صحح نتنياهو تعليقاته وأعاد الالتزام بالاقتراح.
إقرأ أيضاً: إسرائيل والحرب الاقتصادية على الضفة الغربية
ولكن يبدو أن المفاوضات تدور في حلقة مفرغة، حيث دعت حماس العرب والمسلمين لجمعة غضب وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، وطالبت الشعوب العربية والإسلامية بالاحتشاد أمام السفارات الأميركية والإسرائيلية للمطالبة بوقف العدوان على قطاع غزة، دون أن تتنازل عن بعض بنود الهدنة المقترحة من الولايات المتحدة الأمريكية. فالحركة وقيادتها لا تريد إلا مصالح شخصية وسياسية تؤهلهم للعودة إلى حكم قطاع غزة من جديد دون البكاء على دماء الشهداء.
وباستقراء المشهد الحالي بشأن الهدنة أو وقف الحرب ومستقبل غزة، يظل الوضع مبهمًا في ظل هذا التعنت الحمساوي والإسرائيلي.