كانت المرأة الأردنية ولا تزال لصيقة بمجتمعها المتمسك بقيمه الأصيلة وجذوره، والمواكب للتقدم البشري، ووطنها الذي حقق من التقدم والاستقرار رغم ندرة إمكانياته وموارده ما لم تحققه دول ذات موارد كبيرة ومتعددة، وبالتالي فإنَّ المرأة الأردنية تعدّ نتاجاً لنهضة مجتمعها ووطنها، واليوم ترتقي المرأة الأردنية بنمو سليم متدرج سُلم المجد في كافة المجالات العلمية والإدارية والسياسية والدبلوماسية وحتى تلك المجالات التي كانت حكراً على الرجال.
الحديث عن دور المرأة الأردنية في القيادة السياسية، حديثٌ يجب أن يبدأ قبل كل شيء بالإعتراف بتطور المجتمع ونهضته وحجم نموه ونسبة مستوى التعليم فيه وموقف المجتمع والأسرة من الإناث وتعليمهن وضمان مستقبلهن. وقد كان التصاق المرأة الأردنية بمجتمعها أساساً لنجاحها وثباتها في تقدم مسيرتها ووصولها لمراتب رفيعة في قيادة المجتمع والقيادة السياسية، وقياساً بدول ومجتمعات دخلت المرأة مجال القضاء كقاضيات ومدعيات عامات، وقد كانت تغريد حكمت أول قاضية أردنية عام 1996 والتي كانت رابع إمرأة على مستوى العالم تحصل على جائزة النساء المتميزات في القانون الدوليّ، وقد اُختيرت كقاضية أردنية وعربية وحيدة لعضوية المحكمة الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب في رواندا، ورُشِحت مع ثلاث نساء أردنيات أخريات ضمن ألف إمرأة على مستوى العالم لجائزة نوبل، وقد فازت تغريد حكمت بجائزة المرأة العربية المتميزة في المجال القانوني كما كُرِمت في قمة المرأة العربية ولم تكن القاضية الأردنية الوحيدة المتميزة فهناك على سبيل المثال لا الحصر القاضية إحسان بركات، والقاضية فداء الحمود، واليوم هي وزيرة وسفيرة ونائبة عن المجتمع في مجلس النواب تدافع عن مصالح الوطن والمجتمع، ومتفقهة في الدين وعالمة ومُشرعة وأم ومواطنة صالحة مُنتجة.
من المهم هنا الإشارة إلى أن قضية مشاركة المرأة في الحياة السياسية تعدّ مقياساً وتعبيراً عن تقدم وتحضر الشعوب، وبالتالي فإنَّ مشاركة المرأة العملية السياسية هي ضمن مسار نهضة جتماعية ووطنية تبدأ بالمشاركة في كافة مجالات العمل الوطني والأحزاب السياسية ومختلف الهيئات الاجتماعية المهتمة بالصالح العام، خاصة تلك التي تهتم بدور المرأة في المجتمع وأهمية ذلك وطنياً، وفي هذا المسار شاركت المرأة في قيادة الأحزاب وتأسيس وقيادة المؤسسات الاجتماعية وفوزها كنائبة وتمثيلها للدولة والوطن كسفيرة وبلوماسية.
وهنا يبدأ موضوع تمكين المرأة سياسياً كأهم قضايانا المعاصرة، لما لذلك من أهمية بعيداً عما يُثار من عناوين وشعارات من منطلق أنَّ المرأة ليست نصف المجتمع كما يقال، وإنما هي كل المجتمع كونها الأم والأخت والزوجة والمعلمة والمواطنة التي تقوم بتربية وتأهيل المجتمع بشقيه الذكوري والأنثوي، وما يجب أن يُشاد به هو أن الدستور الأردني قد صان حق الفرد والمجتمع والحقين العام والخاص وقد صان حق المرأة مؤكداً على أهمية دورها الأساسي في المشاركة السياسية الفاعلة الحق الذي كفله الدستور ويدفعها إلى المضي قدماً إلى جانب الرجل للنهوض بالمجتمع، ويكون ذلك الأساس للرقي بعجلة الحياة السياسية في الأردن، الأمر الذي يضمن حقوق المرأة كحقوق مجتمع وليس حق لفئة اجتماعية بعينها.
اليوم، إنطلاقاً من مسيرة نهضة المرأة في الأردن، تدرك المرأة الأردنية قيمة ما تتمع به من حريات وحقوق في كافة الميادين، حيث تقف المرأة الأردنية إلى جانب نضال الشعوب ونضال المرأة والمقاومة الإيرانية من أجل التحرر من العبودية المعاصرة المفروضة عليها كما هو حال معاناة المرأة الإيرانية والمجتمع الإيراني في ظل النظام الحاكم في إيران، بالرغم من أن الامتداد التاريخي وعظمة الموارد الاقتصادية في إيران يجب أن يكونا عاملين هامين لبناء نهضة اجتماعية عظيمة في إيران، لكن عزاء المجتمع الإيراني هو أن ثواره يتوارثون واجبات النهضة جيلاً بعد جيل، وأن شعلة ثورته لم تنطفئ، وأن ثورة هذا الشعب اليوم تقودها صفوة من النساء المناضلات على رأسهن رمز المرأة المناضلة الملهمة مريم رجوي، ولا شك أن نصر هذه الثورة سيكون خلاصاً لكافة دول وشعوب المنطقة وحماية للإسلام الوسطي الذي نسير عليه في الأردن.
اليوم في الأردن الديمقراطي المُعتدل هناك مجتمع يؤمن بأن نهضته لن تكون إلا من خلال دور نهضوي فعال للمرأة يمكنها من حماية نفسها وإعانة أبنائها وأهلها، وقد وجدت المرأة الأردنية من يعاضدها بدءاً من الأسرة والمجتمع والقيادة الأردنية التي تحث على الدوام على ضرورة مشاركة المرأة في الحياة والقيادة السياسية وتكون المشاركة الحزبية أساساً لدور سياسي أفضل للمرأة.
ختاماً أحيي دور المرأة الأردنية في النهوض بالمجتمع والدفاع عن الوطن والوقوف وراء القيادة السياسية في دعم نضال الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه المشروعة واستعادة كامل أراضيه وحقوقه المسلوبة.