على خطوات ونظرات الصحافي السعودي عثمان العمير القادم من العاصمة البريطانية لندن بصفته رئيس التحرير السابق لصحيفة "الشرق الأوسط" الدولية، استنفرت العاصمة موسكو للاتحاد السوفيتي سابقاً.
الصحافي السعودي عثمان العمير، زار العاصمة موسكو في منتصف الثمانينات دون قصد استفزاز الاستخبارات السوفيتية "كي جي بي KGB"، ولا منافسة قرون استشعار بوليسية وسياسية في دولة فولاذية السياج، لكن كان لابد من الاستنفار امام تنقيب صحافي سعودي!
الاتحاد السوفيتي دولة مختلفة تماماً عن روسيا اليوم وليست متخلفة قبل انهيار العملاق الشيوعي الأوروبي، فموسكو السوفيتية لها عيون وآذان استخباراتية ويقظة بوليسية تنافس عقارب الساعة والزمن، مع البعثات الدبلوماسية الأجنبية كالأميركية والبريطانية والصحافة الغربية في العاصمة موسكو.
توج التقصي الاستخباراتي الروسي لقصد زيارة عثمان العمير لموسكو السوفيتية، رئيس تحرير صحيفة عربية دولية مقرها في عاصمة الضباب، بمواكبتها بفزع سياسي واستخباراتي في الاتحاد السوفيتي، فالتقصي والتحليل متعة بوليسية لا تتغير مع الكل حتى لو كان سعودياً!
تعاملت الاستخبارات في الاتحاد السوفيتي أيام عظمة شراسة المواجهة السياسية مع الغرب وليس كحال روسياً الذي يتصارع مع أحد الجمهوريات السوفيتية السابقة، أوكرانيا، مع زيارة صحافي سعودي دون تمييز عن صحافي غربي، فالجميع القادم من الغرب بالنسبة لعملاق أوروبا الشرقية مصدر إثارة أمنية!
المملكة العربية السعودية لم تكن في الثمانينات لديها علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي وهو ما جذب استيقاظ العملاق السوفيتي لمعرفة الهدف من زيارة عثمان العمير إلى موسكو وحفز الفضول السياسي والأمني لأن الصحافي السعودي بباسطة صاحب تاريخ أقامه طويلة في لندن.
تزامنت زيارة عثمان العمير إلى موسكو السوفيتية مع تحولات قادها الزعيم الروسي السابق غورباتشوف، ولم تكن الاستخبارات السوفيتية على علاقة حميمة ووئام مع سياسة إعادة البناء، بريسترويكا، العلانية، غلاسنوست.
الريبة والشكوك في الاتحاد السوفيتي سابقاً، لم تفارق زيارة الصحافي عثمان العمير إلى موسكو، فالجاسوس الجديد قد يكون سعودياً وقد يكون مندوباً عن الغرب الرأسمالي بثوب جديد حيث يتساوى الجميع في عيون شيوعية.
كل الاحتمالات رجحها الاتحاد السوفيتي على طاولة واحدة دون تجاوز الحد الأدنى من اللغز الصحافي لزيارة عثمان العمير لموسكو...الزيارة قد يكون القصد السياسي منها علاقات دبلوماسية بين الرياض وموسكو من نافذة غير تقليدية إن لم يكن الحد الأعلى جاسوسي!
الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي كان منشغلا في معارضة إغلاق أبواب تطور ونمو الحزب كما رسمها بعلانية مطلقة غورباتشوف، في حين صقور الشيوعية يتأملون بشرى عثمان العمير عن ملامح علاقات دبلوماسية مع السعودية لإلهاء زعيم التحولات السياسية الجديدة....مخرج لأزمة الاتحاد السوفيتي قبل الانهيار...أوهام وآمال وأحلام لا أكثر.
منحتني وزارة الخارجية السوفيتية وداً سياسياً حذراً ومؤقتاً بصفتي عربي الدم وكويتي الولادة، واستثمرت موسكو عملي الصحافي في موسكو لصالح الهاجس الأمني للاتحاد السوفيتي حتى أيقنت أن اللعبة الأمنية الروسية لم تتغير مع عثمان العمير... الصحافي السعودي.
استفهامات غير عفوية واكبتها أوساط دبلوماسية وصحافية سوفيتية لزيارة الصحافي السعودي عثمان العمير، الذي لم يجمد حسه المهني ولم يغير طباعه ومتعته الشخصية في العاصمة الشيوعية، موسكو.
عثمان العمير، دون أن يدري، جعلني جاسوساً ومرشداً سياحياً للدبلوماسية السوفيتية، وانتهزت شخصياً الفرصة أجمل استغلال في التنقيب الصحافي خارج الأسوار الممنوعة والمحظورة في موسكو في أن أكون العميل غير المزدوج للتعرف على التناقضات السياسية في ضمير العملاق الشيوعي والفوز بمعرفة الصحافي السعودي الذي التقيته لأول مرة في منتصف الثمانيات في الاتحاد السوفيتي.
جدول الزيارة للصحافي السعودي، عثمان العمير، كان بترتيب وموافقة سوفيتية مسبقة لكن كل ذلك لم يعف الاستخبارات من الضيافة الواجبة التي استغلها عثمان العمير في لقاءات وحوارات مميزة لصحيفة "الشرق الأوسط" الدولية.
الصحافي السعودي عثمان العمير، استثمر الاهتمام الروسي في تكثيف نشاطه واهتماماته الشخصية والمهنية وخلق بديل لملل الحياة اليومية وجمودها في عاصمة لا تعرف الرفاهية المادية ولا غيرها دون ترف النظر إلى الخلف ولا المحيط، فقد كسر القيود والحاجز النفسي في قلب الساحة الحمراء!
انهار الاتحاد السوفيتي والصحافي السعودي الأنيق انجز مهمة العمل الصحافية والسياسية وعاد إلى موسكو بعد الانهيار ولم تتغير القناعات في العاصمة البريطانية لندن، فهو الوفي والمخلص للرأسمالية والعدو الجسور للشيوعية.
تعددت العواصم والمهام وبقي عثمان العمير واحد.