: آخر تحديث
تهم الزواج وحضانة الاطفال والإرث وتروم تحقيق التوازن الأسري

وزير العدل المغربي يكشف عن 16 تعديلا بمدونة الاسرة ومقترحات عامة

6
5
7

إيلاف من الرباط: كشف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي، الثلاثاء، بالرباط، عن الخطوط العريضة للتعديلات التي طالت مدونة  الأسرة  ، بعد اكتمال مسار الاستشارات الواسعة التي أشرفت عليها الهيئة المكلفة مراجعة مدونة الأسرة، وفي أعقاب إبداء المجلس العلمي الأعلى لرأيه الشرعي، بخصوص بعض مقترحات الهيئة المرتبطة بنصوص دينية قطعية.

عبد اللطيف وهبي وزير العدل المغربي مع عزيز أخنوش رئيس الحكومة خلال اللقاء التواصلي بشأن مراجعة مدونة الاسرة 

وشدد وهبي، خلال لقاء تواصلي مع ممثلي وسائل الإعلام المغربية والدولية، على أن مضامين مراجعة مدونة الأسرة، تهدف إلى "تجاوز بعض النقائص والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي"، و"مواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي وديناميته، وما تفرضه متطلبات التنمية المستدامة"، وكذا "ملاءمتها مع التطورات التشريعية"، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة.

مراجعة جوهرية

قال وهبي" إننا أمام مراجعة جوهرية لنص مدونة الأسرة، تستجيب للمبادئ والمرجعيات"، كما حددتها الرسالة الملكية إلى رئيس الحكومة ، و"وفق الضوابط والحدود التي وَضَعتها"؛ غايتها إنجاز صيغة جديدة لمدونة الأسرة تُناسب مغرب اليوم، وقادرة على "الاستجابة للتطورات المجتمعية التي يشهدها"، في "حِرص شديد على أن تكفل مقتضياتها، في الآن ذاته، تعزيز مكانة المرأة وحقوقها، وحماية حقوق الأطفال، والمُحافظة على كرامة الرجل".

16تعديلا يتعلق بتوثيق الزواج وحضانة الاطفال والإرث

واستعرض وهبي ما تم اعتماده، تأسيسا على مقترحات الهيئة والرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، مشيرا إلى 16 تعديلا في مدونة الاسرة يتعلق بتوثيق الزواج والأهلية وحضانة الاطفال والإرث 

أولا، إمكانية توثيق الخِطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج. 

ثانيا، إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك.

ثالثا، تحديد أهلية الزواج بالنسبة للفَتى والفَتاة في 18 سنة شمسية كاملة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة، يُحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمن بقاءه، عند التطبيق، في دائرة "الاستثناء".

رابعا، إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها،من عدمه،والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط؛ وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن "المبرر الموضوعي الاستثنائي" للتعدد، سيُصبح محصورا في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانِع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية.

خامسا ، إحداث هيئة، غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مَهَمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار.

سادسا ، جعْل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين، دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق للشقاق يُغطي جُلها، وتحديد أجل ستة أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق.

سابعا ، تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثْمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية.

ثامنا ، اعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق، مع قَبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة.

تاسعا ، اعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية،مع إمكانية امتداده،في حال الاتفاق، بعد انفصام العلاقة الزوجية، وتعزيز الحق في سُكْنى المحضون، بالإضافة إلى وضع ضوابط جديدة فيما يخص زيارة المحضون أو السفر به.

عاشرا ، عدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها.

حادي عشر، وضع معايير مرجعية وقيمية تُراعى في تقدير النفقة، وكذا آليات إجرائية تساهم في تسريع وتيرة تبليغ وتنفيذ أحكامها.

ثاني عشر، جعل "النيابة القانونية"مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يَتَأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابة القانونية المشتركة، يُرجع، في ذلك، إلى قاضي الأسرة للبت في الخلاف الناشئ، في ضوء معايير وغايات يحددها القانون.

ثالث عشر ، تحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلْكها من أجل ترشيد القاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله، وفرض الرقابة القضائية على التصرفات التي يُجريها وليه أو وصيه أو المقدم عليه.

رابع عشر، حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون. 

خامس عشر، تفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بشأن موضوع "إرث البنات"، القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحُكمية مقام الحيازة الفِعلية. 

سادس عشر، فتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين، في حال اختلاف الدين.

وأشار وهبي إلى أنه، بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، فسيتم تبني صياغة بعبارات حديثة، من خلال استبدال بعض المصطلحات لاسيما إذا تَوقف العمل بها في المنظومة القانونية والقضائية للمملكة.

مقترحات عامة

قال وهبي، في ما يتعلق بالمقترحات ذات الصبغة العامة، الهادفة إلى مواكبة هذا الإصلاح، إنها تهم على الخصوص؛ أولا، توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، مع ضمان التكوين التخصصي المستمر؛ ثانيا ، مراجعة المساطر والإجراءات في قضايا الأسرة، مع وضع دليل عملي ومرجعي للمدونة؛ ثالثا، تسهيل الولوج إلى القضاء الأسري، عبر إحداث "شباك موحد" على مستوى محاكم الأسرة؛ رابعا ، تأهيل المقبلين على الزواج، من خلال توعيتهم بالحقوق والواجبات المترتبة عن الزواج، مع إقرار سياسة عمومية مواكبة للموضوع؛ وخامسا،دراسة إمكانية إحداث سجل وطني تُسجل فيه عقود الزواج والطلاق.

توافق بنّاء

شدد وهبي على أن ملك البلاد حرص، خلال إشرافه على كل مراحل إصلاح المدونة، على أن يُحيطه بكل فضائل المشاركة والتملك، وذلك بتوفير إطار للتوافق البناء، القادر على إدماج مساهمة الجميع، كل من موقعه، بالشكل الذي يؤدي إلى استمرار غايات التجديد والتطوير والاجتهاد، التي عبرت عنها مدونة الأسرة لحظة وضعها سنة 2004، وبما حظيت به، من ترحيب وتنويه وطني ودولي، مُشددا على تميز منهج المملكة في الإصلاح؛ المبني على الثبات والتدرج والتراكم، ووسطية واعتدالية مرجعيتها الدينية السمحة، وقُدرة أدوات الاجتهاد المُبدع على خلق التوفيق بين مقاصد الشريعة، وبين التطورات المُسجلة على مستوى الحقوق والحريات.

لهذا، يضيف وهبي، فإن التعليمات الملكية، التي حرص بلاغ الديوان الملكي، في الموضوع، على بَيانها، والموجهة إلى رئيس الحكومة، وإلى الوزيرة والوزراء المعنيين مباشرة بمشروع مراجعة مدونة الأسرة، تُؤكد على ضرورة أن تستمر هذه الروح، في مرحلة صياغة مشروع المراجعة، وكذا في سياق مناقشته والتصويت عليه من قبل البرلمان، للوصول إلى اعتماد صيغة جديدة للمدونة، تُثمن مكاسب نُسختها الأولى وتُعضدها، وتُراجع نِقاط تعثُرها؛على أن تكون الغاية المشتركة في ذلك، تحقيق المساواة والتوازن الأسري، وترسيخ مبادئ العدل والإنصاف والتضامن والانسجام، بانخراط الجميع، وبحس المواطنة المعهود، لوضع لبنة جديدة في مسلسل دعم دولة الحق والقانون، وبناء المجتمع الديمقراطي، الذي يقوده، بحزم وعزم، الملك محمد السادس.

توجيهات ملكية

أوضح وهبي أن عرض الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة المدونة، يأتي بتوجيه من الملك محمد السادس، خلال جلسة العمل، التي ترأسها،الجمعة ، والمتعلقة بموضوع ورش مراجعة مدونة الأسرة، كما يأتي في سياق التعليمات الملكية، وحرص ملك البلاد، على مواصلة التعامل بشفافية مع مسلسل مراجعة مدونة الأسرة، وضمان تواصل أوسع بشأنه.

وقال وهبي إن الملك محمد السادس حَدد، في رسالته إلى رئيس الحكومة، منْهجية الإصلاح، ومجالاته والغايات المرجوة منه، وعَهد بالإشراف على المسلسل الجماعي للتشاور والإنصات إلى هيئة ذات بُعد مؤسساتي بتشكيل متميز، إذ ضَمت بين مكوناتها؛ أعضاء من السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، والمجلس العلمي الأعلى، وهيئة دستورية مستقلة مُكلفة بحقوق الانسان.

وذكر وهبي أن الاستشارات الواسعة للإنصات وجلسات الاستماع، التي نظمتها الهيئة، شَهدت انخراط كل مكونات المجتمعين السياسي والمدني، والفعاليات العلمية والفقهية والأكاديمية، التي عبرت عن قوة اقتراحية مهمة، عَكَست خلالها منظورها للأسرة المغربية ومقومات قوتها ومَناعتها، وحِرصها على مراعاة المصالح الفضلى للأطفال، والتأكيد على ترسيخ مكانة المرأة، والسعْي نحو إقرار مساواتها بالرجل كما يدعو إلى ذلك الدستور، في ظل ثَوابت المملكة.

وقامت الهيئة،بعد انتهاء عَملها داخل الأجَل المُحدد لها، يضيف وهبي، برفع تقرير عن أشغالها إلى الملك محمد السادس ، في جزأين، الأول يهُم "مقترحات تتعلق بمدونة الأسرة"، والثاني خاص بـ"مُقترحاتذات صبغة عامة"، لا ترتبط مباشرة بنَص المدونة، لكن يتوقف عليها حسن تطبيقها. وأشار وهبي إلى أن الهيئة قدمت 139 مُقترح تعديل، شَملت الكُتب السبعة للمدونة.

وقال بوهبي إنه يتشرف، بهذه المناسبة، بتبليغ أمرين؛ من جهة، تَنويه عاهل البلاد، بأعضاء الهيئة المكلفة مراجعة  مدونة الأسرة، على ما أبانوا عنه من كفاءة وموضوعية وتفان لإنجاز المَهَمة الموكولة إليهم، ومساهمتهم في بلورة مشروع مراجعة عميقة لمدونة الأسرة؛ ومن جهة أخرى، تثْمينه، للرأي الشرعي الاجتهادي للمجلس العلمي الأعلى، ودور الهيئة العلمية المكلفة الإفتاء  في بلْورته، في ظل الضابط الذي ما فتئ العاهل المغربي يؤكد عليه من أن أمير المؤمنين "لا يُحل حَراما ولا يُحرم حَلالا".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار