: آخر تحديث
صناعة الأزياء العالمية تعتمد على العمالة في الدول النامية

ناجون من كارثة المصنع في بنغلادش يطالبون بالعدالة بعد عشر سنوات

16
15
18
مواضيع ذات صلة

سافار (بنغلادش): خافت العاملة سومي أختر على سلامتها في مصنع الملابس لكنّها اضطرّت لبدء ورديّتها خوفاً من خسارة أجرها اليومي، لكن ما هي إلا ساعة واحدة فحسب حتى كانت سومي تصارع للبقاء على قيد الحياة تحت الركام.

ولم تكن هذه المرأة تبلغ من العمر سوى 18 عاماً عندما بدأت العمل في مصنع "رانا بلازا" المؤلف من سبعة طوابق في ضاحية قرب العاصمة دكا، والذي يعرف اليوم بأنه موقع واحدة من اسوأ الكوارث الصناعية في العالم.

وقضى أكثر من 1130 شخص في انهيار المبنى، في حصيلة نجمت عن مطالبة الإدارة للموظفين بمواصلة العمل على الرغم من بوادر حصول كارثة وشيكة.

وقالت أختر لوكالة فرانس برس إنّ "كلّ ما أريده هو العدالة". وكانت والدتها أيضاً تعمل في المصنع وقضت وهي عالقة تحت الأنقاض.

وعشية انهيار المبنى تردّدت الأم وابنتها في العودة إلى العمل غداة إجلاء المصنع بعد ظهور تشققات فيه.

وأضافت "كان بإمكانهم القول +لا تدخلوا إلى المبنى. كان بالإمكان إنقاذ حياة الكثير من الناس".

الذكرى السنوية العاشرة
وتحلّ الإثنين الذكرى السنوية العاشرة لانهيار المصنع في كارثة سلّطت الضوء على اعتماد صناعة الأزياء العالمية على العمالة في الدول النامية التي تعمل في ظروف خطرة وحتى مميتة في بعض الاحيان.

ويفاخر مالكو المصانع في بنغلادش الآن بجهودهم لتحسين إجراءات السلامة في المصانع. وتراجعت الحوادث المميتة في السنوات العشر الماضية.

لكن بالنسبة لأكثر من ألفي شخص نجوا من الكارثة، فإنّ محنتهم لم تنته أبداً. وما زال أكثر من نصفهم عاطلين عن العمل ويعاني كثيرون من صدمات نفسية عميقة، وفقاً لاستطلاع أجرته منظمة أكشن إيد.

وبترت ساق سومي أختر بعد أسابيع على انهيار المبنى بينما كانت لا تزال في حالة حداد على والدتها.

ولم تعد قادرة على العودة إلى العمل وهي بحاجة إلى علاج مستمر تتجاوز تكاليفه المبلغ الذي حصلت عليه كتعويض.

وتقول "نحن على قيد الحياة. لكنّنا نموت يوماً بعد يوم".

ودانت محكمة في بنغلادش 38 شخصا بتهمة القتل بسبب دورهم في انهيار المبنى، من بينهم سهيل رانا وهو سياسي سابق في الحزب الحاكم كان يملك المصنع.

وتعرّضت المحاكمة لتأخيرات متكررة ويشكّ المدّعي العام بيمال سمادر في إمكانيةالتوصل إلى حكم في السنوات القادمة.

وقال لفرانس برس إنّ الشهود أوضحوا أنّ العديدين لقوا حتفهم في الكارثة بسبب "إجبارهم" على العمل في المبنى على الرغم من المؤشرات على عدم سلامته.

واضاف "قام المدراء ومالكو المصنع ومالك المبنى بتهديدهم بعدم دفع أيّ رواتب لهم حال لم يقوموا بالعمل".

مراقبة ظروف العمل
أما الصحافي نجم الهدى الذي قام بتصوير تصدّعات في هيكل المبنى، فيشعر بالإحباط لعدم استدعائه حتى الآن للإدلاء بشهادته في المحكمة.

واحتجزت الشرطة هدى عام 2016 بعد تقارير عن احتجاجات على الرواتب في مصانع الألبسة وقضى شهوراً في السجن في إجراء يعتقد أنه كان انتقاميا بسبب "رانا بلازا".

ويرى نجم الهدى أنّه "لو لم تكن لديّ لقطات موثّقة لتمكّن مالكو المصنع وسهيل رانا من الادّعاء أنّ المبنى كان سليماً من الناحية الهيكلية"، مشيراً إلى أن اللقطات أثبتت أنها كانت "كارثة من صنع بشر".

ودفع انهيار مبنى "رانا بلازا" العلامات التجارية الأجنبية والنقابات والمصنّعين إلى إنشاء هيئات لمراقبة ظروف العمل وقد نجحت نسبيا في تحسين معايير السلامة.

ولا تزال الحوادث الصناعية شائعة في بنغلادش، لكنّ قطاع النسيج والألبسة شهد مذاك حوادث أقل بكثير .

ويؤكد نفيس ادولا وهو مالك مصنع نسيج أن الكارثة خلقت زخما لتنظيف الصناعة التي كانت سيئة التنظيم.

ويقول "بعدها، ادركنا جميعا أن الطريقة التي كنا ندير بها مصانعنا" غير صحيحة.

ودولا عضو في هيئة مراقبة تعمل على تحسين معايير السلامة.

لكنّ مجموعات تدافع عن حقوق العمال تحذّر من أنّ نظام تدقيق السلامة الجديد له حدود.

وحذرت لورا بورجوا من جمعية "شيربا" للمناصرة من قدرة مدراء المصانع على التأثير على مقابلات العمال وحتى "عمليات تدقيق مزورة في المصانع".

إصلاح معايير السلامة
وبحسب دولا فإن تكلفة إصلاح معايير السلامة كلفت المصنعين أكثر من ملياري دولار، لكنّهم شهدوا أيضاً نمواً هائلاً في طلبات التصدير من العلامات التجارية الأجنبية نتيجة لذلك.

وتضاعفت صادرات الملابس من بنغلادش لتصل إلى 45 مليار دولار في العقد الماضي، وتضاعفت أجور العمال ثلاث مرات مما جذب الملايين من النساء من المناطق الريفية للانضمام إلى سوق العمل.

ومن بين هؤلاء لاكشمي سورين التي تقف في الصف مع عشرات من السيدات بحثاً عن عمل في أحد المصانع، آملة في أن تتمكن من إرسال المال إلى قريتها النائية لإعانة طفليها.

وبالقرب من هناك، قطعة أرض فارغة مكان "رانا بلازا" التي لم يعد فيها أيّ شيء سوى نصب تذكاري لضحايا الانهيار اقامته النقابات العمالية.

وبحسب سورين "لم تعد رانا بلازا تخطر ببال أحد. لا أحد يتحدث عن ذلك بعد الآن (...) لكنّ قلبي يتألّم عندما أمر بالقرب من الانقاض".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد