"أضعنا 40 سنة، كان بإمكاننا أن نكون اليوم في مصافِّ الدول الصناعية كالصين والهند وغيرهما، وفخور جداً بأننا نعمل معاً في الوزارات والهيئات والقطاع الخاص لإطلاق الإستراتيجية الوطنية للصناعة، ولو كانت هذه الإستراتيجية موجودة في الماضي لاختلف الوضع اليوم".
استطاع وزير الطاقة، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أن يختصر بكلمته السابقة المهمات المستقبلية لـ "الاستراتيجية الوطنية للصناعة" التي أطلقها ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الأسبوع الماضي.
علينا أن ندرك جميعًا بأن السعودية تعيش اليوم مرحلة مفصلية تاريخية، خاصة على مستوى قطاعها الصناعي؛ وذلك من أجل تعزيز قدرات اقتصادها الوطني، وتنويع مصادر الدخل فيه، معتمدة في ذلك على الله عزوجل ثم على رؤيتها الطموحة 2030 التي ترسم برامجها التنفيذية ملامح مستقبلنا المشرق، ويأتي القطاع الصناعي على رأس القطاعات المعوّل عليها في دعم النمو الاقتصادي وتحفيزه، إذ يُسهم بشكل مباشر ورئيس في رفع مؤشرات الاقتصاد الكلي، وزيادة مشاركته في إجمالي الناتج المحلي، وخلق الفرص الوظيفية عالية القيمة، فضلًا عن جذب الاستثمارات النوعية، وتنمية الصادرات وتحسين ميزان المدفوعات.
جاءت الاستراتيجية الوطنية للصناعة لتؤكد رؤية المملكة الصناعية المستقبلية، من خلال تطوير ممكنات نوعية لجذب الاستثمارات الإقليمية والعالمية، ومواكبة المتغيرات التي يشهدها العالم في مجالات الابتكار والتكنولوجيا، والاستفادة من مقومات الثورة الصناعية الرابعة، التي باتت المستقبل للتنمية الصناعية المُستدامة.
ما يعطي هذه الاستراتيجية القيمة الفعلية الوطنية، هو أن المملكة تمضي بوتيرة مستمرة ومتصاعدة نحو تحقيق المزيد من الأهداف والطموحات في قطاع الصناعة، مثل التوسع في الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز، وتطوير الصناعات الواعدة والتنافسية مثل "الصناعات العسكرية، وصناعات السيارات، وصناعة الأدوية، وصناعة الأغذية" لتصل بذلك إلى بناء مستقبل مشرق واقتصاد مزدهر، وتحقيق أحد أهداف برنامج "تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية" بتحويل المملكة إلى دولة صناعية رائدة ومنصة عالمية للخدمات اللوجستية.
أحد الأهداف المركزية للاستراتيجية الوطنية للصناعة، والذي من المهم الإشارة إليه، هو تحقيق ريادة عالمية في صناعة مجموعة من السلع الصناعية المُختارة، ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك تفسيرًا أن السعودية ستتبنى مجموعة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والتركيز على مجالات البحث والتطوير والابتكار فيها.
ما يبعث على الاطمئنان في الاستراتيجية الوطنية للصناعة، هو مواءمة توجهها الاستراتيجي مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وكذلك دراسة وتحليل أكثر من 90 من التوجهات العالمية الرئيسة، وعمل مقارنات مرجعية في رحلة تطوير الصناعة لـ 33 دولة سعت للنهوض صناعيًا، وعمل 6 مقارنات مرجعية استشرافية للمستقبل الصناعي، وعقد ورش عمل صياغة الرؤية الاستراتيجية للصناعة مع نخبة من الخبراء العالميين، وقادة المنظومة الصناعية، وممثلي القطاع الصناعي الخاص في المملكة، بالإضافة إلى مراجعة أكثر من 130 مؤشر أداء عالميا تُعنى بمخاطر الاستثمار الصناعي.
باختصار فإن الإستراتيجية الوطنية للصناعة، تأتي لتكون بمثابة خارطة طريق شاملة، تُسهم في تسريع وتيرة التطور الصناعي في المملكة وتنويعه، من خلال بناء اقتصاد صناعي مرن وتنافسي ومستدام يقوده القطاع الخاص.. دمتم بخير.