إيلاف من الرباط: أكد محمد بوسعيد، وزير الإقتصاد والمالية المغربي، عزم بلده على اعتماد سعر الصرف المرن، مشيرا إلى أن هذا الانتقال سيتم بطريقة تدريجية وبأسلوب سلس وتشاوري.
وقال بوسعيد الذي كان يتحدث أمس خلال لقاء صحافي حول الحصيلة الاقتصادية للمغرب خلال 2016، إن المغرب يوجد في وضعية مرتاحة ومواتية للقيام بهذا الانتقال بالنظر إلى مستوى احتياطي العملات الأجنبية، الذي يعادل أزيد من سبعة أشهر من الواردات، والمستوى المتقدم الذي بلغه في مجال التحكم في التوازنات الإقتصادية الكبرى.
وقال بوسعيد "سياستنا تعتمد ثلاثة توجهات لا يمكن الجمع بينها حسب النظرية الاقتصادية، وهي الإنفتاح الإقتصادي، واستقلالية السياسة النقدية مع منح صلاحيات واسعة للبنك المركزي، وأخيرا سعر الصرف الثابت".
وزاد قائلا " نحن لا نريد التخلي عن السياسة الاقتصادية المنفتحة والعصرية، كما نتشبت باستقلالية وتوسيع صلاحيات البنك المركزي التي ستتعزز قريبا مع اعتماد النظام الأساسي الجديد لبنك المغرب. وبالتالي فلا يبقى أمامنا سوى تغيير نظام الصرف من الثابت إلى المرن".
وأضاف بوسعيد "من الأفضل لنا أن نقوم بهذه الخطوة ونحن في وضعية مريحة وملائمةً، بدل أن ننتظر حتى نجد أنفسنا مضطرين إلى القيام بها في ظروف صعبة ومؤلمة، كما جرى في تركيا في 2001 وفي مصر خلال الأشهر الأخيرة".
وأضاف بوسعيد "نحن لا نتكلم عن تعويم العملة، وإنما عن اعتماد نظام صرف مرن. وسنسير في هذا الاتجاه بالتدريج وعبر مراحل. وفي كل مرحلة سنقيم التكلفة ونقوم بالتعديلات اللازمة".
ويعتمد المغرب حاليا في تحديد سعر صرف الدرهم المغربي على سلة من العملات تتشكل بنسبة 40 في المائة من الدولار و60 في المائة من اليورو. والتزمت الحكومة في إطار اتفاقية خط السيولة والوقاية المبرمة مع صندوق النقد الدولي بالتوجه نحو تحرير سعر الصرف، وهو ما أثار جدلا في المغرب خصوصا عقب التطورات التي عرفتها مصر في الأشهر الأخيرة منذ اعتمادها سياسة تحرير سعر الصرف.
وقال بوسعيد "نريد أن نظمئن الجميع بأننا لسنا في حالة مصر. فالمغرب يتجه إلى اعتماد سعر الصرف المرن بشكل إرادي وتدريجي ومتحكم فيه".
وحول نتائج الاقتصاد المغربي في 2016، أشار بوسعيد إلى أن معدل النمو بلغ 1.6 في المائة، بسبب الانخفاض القوي للانتاج الزراعي. وأوضح أن معدل نمو الأنشطة غير الزراعية بلغ 2.7 في المائة خلال نفس السنة، متأثرا بتداعيات ركود الإقتصادي العالمي.
وبلغ مستوى عجز الميزانية الحكومية 4.1 في المائة من الناتج الخام الداخلي. وأشار الى أنه باحتساب مداخيل التخصيص فإن مستوى العجز ينزل إلى 3.9 في المائة، موضحا أن الحكومة باعت خلال العام الماضي حصصا في شركة تدبير الموانيءالتجارية "مرسى المغرب".
وأوضح بوسعيد أن أربعة عوامل أثرت على مستوى عجز الميزانية، منها ضعف معدل النمو الإقتصادي، الذي قدر أثره على الميزانية بناقص 1.5 مليار درهم (150 مليون دولار)، بالإضافة إلى ارتفاع نفقات الإستثمار، التي ناهزت 65 مليار درهم (6.5 مليار دولار) في حين أن المبلغ الذي كان متوقعا عند اعتماد الميزانية هو 53 مليار درهم (5.3 مليار دولار). العامل الثالث هو أن الحكومة لم تستطع أن تسحب سوى 7 مليار درهم (700 مليون دولار) من أموال الدعم التي رصدها مجلس التعاون الخليجي للمغرب عوض 13 مليار درهم (1.3 مليار دولار) التي كانت متوقعة.
وقال بوسعيد ل" ايلاف المغرب " إن السبب في التأخر في سحب المنح الخليجية ناتج عن تأخر الحكومة المغربية في تقديم المشاريع التي ستمول من طرف هذه المنح، مشيرا إلى أن المنح مرتبطة بمشاريع في مجالات محددة. أما العامل الأخير الذي أثر سلبا على الميزانية فهو تسريع الحكومة لعملية استرجاع الضريبة على القيمة المضافة من طرف الشركات، مشيرا إلى أن الحكومة كانت تتوقع صرف 6.7 مليار درهم (670 مليون دولار) فيما وصلت المبالغ التي صرفتها فعلا في نهاية 2016 إلى 10.5 مليار درهم( مليار دولار) . وأضاف أن هذه العوامل الأربعة كلفت الميزانية مبلغ 21.6 مليار درهم (2.16 مليار دولار).
وقال بوسعيد "بلدنا لا يتوفر على البترول، وكل ما تتوفر عليه الحكومة المغربية هو محصول الضرائب والهبات والمنح الخليجية ومداخيل الاحتكارات. وهذه الموارد مجتمعة توفر للحكومة مبلغ 218 مليار درهم (21.8 مليار دولار)، في حين أن نفقات الموظفين تبلغ 130 مليار درهم (13 مليار دولار) ونفقات التسيير تبلغ 30 مليار درهم (3 مليار دولار) ،وتسديد فوائد الدين تبلغ 27 مليار درهم (2.7 مليار دولار) ونفقات الاستثمار 65 مليار درهم (6.5 مليار دولار). وفي نهاية الحساب لدينا عجز بنحو 40 مليار درهم (4 مليار دولار) قمنا بتغطيته عبر المديونية".
وأشار بوسعيد الى أن ما ميز سنة 2016 هو أن الاستثمارات الحكومية بلغت مستوى غير مسبوق. وقال "رغم الظروف الصعبة قررنا الزيادة في الاستثمارات دعما للنشاط الإقتصادي"