في حال توقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية وانهيار النظام الإيراني، هل من المتوقع تقسيم إيران لأكثر من دولة بحكم وجود طاقة بشرية غير متجانسة، فهي مختلفة عرقيًا ومذهبيًا وديموغرافيًا؟
بعض الأقاليم لو استقلت قد تشكل قوة إضافية للدول الإسلامية السنية، وبالذات دول الخليج العربي، كالأهواز العربية والأكراد وبلوشستان.
لا شك أنَّ التقسيم الإيراني سبق طرحه في "وثيقة الشرق الأوسط الجديد" المُعلنة مع الدعوات للفوضى الخلاقة، لكن لا ننسى أنه بمنطق التوازن في المنطقة في الفكر الغربي، ينبغي ألا يطغى تيار معين ويتمدد على حساب الآخر المضاد له.
يعلم الكثير من المراقبين أن الغرب سيحافظ على شكل إيران الجديد، لكن بوجود نظام على غرار الشاه إلى حدٍ ما.
وأرى أنه أمر وارد، وإن كان الاعتقاد السابق أنه ليس من صالح الغرب تقوية السنة لاعتبارات تخص إسرائيل وتخص القوة في الشرق الأوسط.
الضربات الإسرائيلية بدأت أهدافها بتعطيل المشروع النووي والصاروخي، ووصلت إلى ضرب النظام نفسه ومحاولة إسقاطه، وانتهاءً بالتسريبات إلى دخول أميركا على الخط لدعم إسرائيل في هذه المواجهة التي كشفت هشاشة القوة الإسرائيلية وعدم قدرتها على الحسم، وانتهت الأقاويل إلى أنَّ الهدف أصبح تقسيم إيران.
والأحداث القادمة حبلى بالكثير من المفاجآت، وهي تتأرجح بين إسقاط النظام وتغييره، وبين إسقاط النظام وتفتيت إيران، وهو لا شك طموح غربي قديم تعتقد أنه يساعدها في خلق بيئة ضعيفة حول إسرائيل.
وبالرغم من الأثر الكبير المعنوي الذي أحدثته صواريخ إيران العمياء في نفوس الإسرائيليين، إلا أنَّ الكثير من المراقبين يلاحظون ضعف الرد الإيراني على إسرائيل، وهو غير متناسب مع قوة ودقة الضربات الإسرائيلية، واستهدافها لقيادات عليا ومدن ذات أهمية ومواقع حساسة.
هذه المواجهة كشفت ضعف إيران، فلم نرَ لصواريخها المتعددة الأسماء أي أثر دقيق، وهي تسير عمياء ويضرب عدد كبير منها أهدافًا فارغة، فيما اختفى أثر الطائرات بدون طيار الإيرانية، واختفى أيضًا جيشها الإلكتروني الذي كانت تتفاخر به، وصمتت أذرعتها عن التحرك أو التصريح، وكل قوة إيران لا تنفعها الآن.
في المقابل، إسرائيل التي تهدد دائمًا، نراها تتفرج على الصواريخ المنهمرة، وبالرغم من أنظمة الدفاع الجوي الثلاثة، لم تمنع العديد من الصواريخ من ضرب الكثير من المواقع، مدنية أو خدمية أو حساسة.
هذه المواجهة كشفت أنَّ إسرائيل وجدت نفسها في ورطة، ولهذا كانت تناشد بالتدخل الأميركي. وهذا كان كافيًا لتحليل الموقف.
شرق أوسط جديد سيتشكل بحكمة الله وإرادته، وإن سعى ترامب ومن وراءه إسرائيل ودول الغرب إلى تحديد هويته وملامحه والقوة الضاربة فيه. ولله الأمر من قبل ومن بعد.