لدي قناعة تامة؛ بأن منظومة اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو تريد إبقاء حد أدنى من سلطة حركة حماس في القطاع للهروب من استحقاقات العملية السياسية التي تشكل مناخها بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) المشؤوم، بضغط من أطراف دولية وازنة في مقدمتهم المملكة العربية السعودية.
بالإضافة لا يمكن إغفال سعي رئيس منظومة اليمين الحاكمة؛ لدفع مقدمات اقتتال داخلي أو حرب أهلية يديرها الجيش وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لتمرير مخططات التهجير التي تستغرق وقتاً دون ضجيج السردية الفلسطينية المتمسكة بوقف الحرب والبقاء على الأرض وتجسيد الدولة.
من هذين المنطلقين؛ فإن التسريبات الصحفية الإسرائيلية، وتأويل التصريحات من قادة أحزاب معارضة لحكومة نتنياهو، الذي علّق واعترف ضمنياً بتمويل وتسليح هذه المجموعات.. تخفي جزءاً من الحقيقة.
فمن قال إن الرؤية الإسرائيلية التي تم ترويجها هي الحقيقة الوحيدة، ألم تدعم إسرائيل وأجهزتها ومؤسساتها الأمنية حكم حماس في غزة لضرب وحدة الكيانية السياسية الفلسطينية؟
ألم تتعامى تل أبيب ودوائرها السياسية والأمنية على تحركات حماس إبان انقلابها في العام 2007، في تأييد إسرائيلي واضح للخطوة الانقلابية؟
ألم ترسل الأموال إلى حركة حماس لإدامة أسباب استمرارية حكم الحركة؟!
ألا يُعقل أن توظف هذه الظاهرة لتكون بمثابة فريسة سهلة لبقايا قوى وعناصر حركة حماس للقضاء على أي فكرة تدعو لخلق جسم بديل عن سلطة الحركة في القطاع؟!
ألم توأد حماس وسلطتها الأمنية تشكيلات سلفية جهادية في القطاع طيلة العقدين السابقين بل استخدمت العنف المفرط لإنهاء هذه الظواهر المسلحة؛ كجماعة جند أنصار الله وتصفية قائدها وعدد من أتباعه؟!
لا يمكن بعد كل ما جرى ومر على الشعوب العربية من مؤامرات، أن نُسلِّم دائماً للرواية الإسرائيلية.. وكأنها مسلّمات لا يجوز كسرها، ولا يُعقل أن نخوِّن مجموعة صغيرة من الشعب الفلسطيني يريدون الانتفاضة بوجه حماس وممارساتها العبثية سواء السياسية أو العسكرية.
أما من يقول إنَّ هذه المجموعات تعمل تحت أعين ومحراب الاحتلال وقوات جيشه، فحماس أيضاً تعمل تحت أنظار إسرائيل وتطلق الصواريخ وتنفذ الكمائن.
في المقابل.. الحديث عن سرقة المساعدات، فشعب غزة يدركون؛ من يدير عمليات النهب وتوزيعها للتجار لبيعها أضعاف ثمنها الحقيقي.
البيان الصادر من عشيرة ياسر أبو باب لا يمكن الاستناد عليه، كون هذا البيان صادر من حلفاء لمستويات قيادية داخل حماس، فلا يمكن الجزم بما يقال دون تحقيق رسمي بمعزل عن تسييس هذه التجارب.
اليوم، أي تحرك شعبي جدي هدفه الإطاحة نهائياً بحكم حماس من قبل الغزيين المنكوبين، سيُقارن بنموذج ياسر أبو شباب المتهم بالخيانة والعمالة.
لذلك لا يمكن السماح لحماس التعميم على أي انتفاضة ضد وجودها في القطاع، خاصة وأن الشارع الغزي يغلي أمام ممارسات قيادات الحركة وعناصرها.