كثير من دول العالم العربي خارج التغطية أو التخطيط أو في حدود ردود أفعال، كحالة تفادي قدر الإمكان الضربات، ومستهلك نهم لكل شيء، ومستورد للنظريات والأفكار غير مدرك لما يُحاك له، ومنهم من يتآمر ضد بعضهم البعض، والجامعة العربية لأسباب عديدة لم تنهض بالقرار العربي إلى المستوى المطلوب، وتظل التطلعات أكثر.
المتأمل سيرى أنَّ إيران تلبّست لباس الإسلام الشيعي منذ ثورتها، وتركيا تلبّست لباس الإسلام السني منذ وصول حزب العدالة والتنمية.
ورغم هذا، لا الأولى شيعية خالصة، ولا الثانية سنية خالصة؛
كلاهما بلدان لهما أهداف وأطماع وسياسة توسعية، ويرغبان بالتمدد والنفوذ. ويبحثان عن الموارد. وحتى تكون الصورة واضحة، هناك ثالث أضلاع مثلث الأطماع: إسرائيل.
الفرق أن إسرائيل عدو ظاهر معروف، أما إيران وتركيا فهما تحت عباءة الإسلام.
وفي الأقدار حكمة، فبقاء إيران وتركيا متناكفتين في ذلك خير واسع، ومتنفس للدول العربية لتتمكن من إدارة مصالحها وسط صراع نفوذ وصراع مصالح. وهذه المساحة والإدراك يمكن أن يصل بالدول العربية في الشرق الأوسط إلى صيغة للتعاون السياسي والأمني، وبناء نظام توافقي مشترك يحفظ الكيانات، ويراعي الاختلافات، ويحقق المكاسب، ويحمي من المخاطر المحتملة، ويوصد بوابات الأطماع المحتملة، ويزيد فرص الكسب الاقتصادي والسياسي والأمني.
وقد يكون تمدد تركيا على حساب إيران فيه مكسب مفيد حالياً، وهذا الظن نظرة تفاؤل فقط، سببه سنوات طويلة عاشتها دول الشرق الأوسط، دفعت خلالها إيران ميليشياتها المسلحة لتخلق واقعاً سياسياً عربياً ضعيفاً، اختطفت القرار في سوريا ولبنان والعراق واليمن، ولهذا غضّ الكثير من المحللين الطرف عن تزايد الحصة للأتراك في سوريا، رغبة في تحقيق استقرار لمرحلة قادمة، وفيه تهدئة للساحة العربية.
ووسط هذا، يبقى الوعي العربي أهم ما يجب استثماره في الشارع العربي العريض في هذه المرحلة.
والأمل في الدول العربية الفاعلة، وعلى رأسها المملكة، بما تمتلكه من إمكانات، وحكمة متوارثة، وثبات في المواقف، وقيادة حكيمة واعية، تعمل جاهدة على لملمة الموقف العربي، وترميم البيت العربي المتهالك، وإعادة التوازن للقوى في الشرق الأوسط، واستعادة القرار العربي، ويبقى لله الأمر من قبل ومن بعد.