وسط ضجيج الاساطيل الحربية وهي تمخر امواج المتغيرات في المنطقة، اطل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليعلن ان الولايات المتحدة وإيران سيبدآن مفاوضات مباشرة على مستو رفيع في سلطنة عمان السبت المقبل.
لم يكن الموقف الأميركي مفاجئا لمتابعي ملف العلاقات الأميركية الإيرانية. الطرفان يجيدان لعبة التانغو، يمهران في تدارك السقوط عند منعطفات تضارب المواقف. ويبدعان في توظيف كل الأوراق للاستثمار في بورصة النفوذ.
يدخل سيد البيت الأبيض ميدان التفاوض مستفيدا من شل أذرع إيران العسكرية، وتمدد النقمة الشعبية بسبب تردي الأوضاع الداخلية. فيما يتكئ مرجع القرار في طهران على حاجة واشنطن لحلفاء لا أعداء في الحرب الكونية التجارية التي أطلقها البيت الأبيض ضد التنين الصيني على وجه الخصوص.
هدف أساسي واحد تتمسك به السلطة في طهران وهو الحفاظ على ديمومة النظام، ولا بأس من ادخال تعديلات تجميلية عليه لتلبية مطالب واشنطن. ولذلك استبقت رسالة ترامب بحزمة رسائل تعكس تفكك ما كان يعرف ب " وحدة الساحات"، وتبرأت بلطف من الفصائل والأحزاب الموالية في اليمن ولبنان والعراق بوصفها "قوى مستقلة تدافع عن نفسها". لا بل ونقلت قلقها للحشد الشعبي في العراق من تداعيات أي استفزاز! وتوجت طهران رسائلها الإيجابية بأن خاطب الرئيس مسعود بزشكيان طموح الرئيس ترامب بقوله ان المرشد علي خامنئي "لا يعترض على الاستثمارات الأميركية بشرط الا تكون مرتبطة بمؤامرات".ولا يمكن هنا فصل انطلاق مشروع تسليم سلاح حزب الله في لبنان، او البحث عن صيغة لانضواء الحشد العراقي تحت مظلة الدولة عن مجريات التفاوض في الغرف غير المظلمة بين الطرفين.
في المضمون، ثمة حاجة مشتركة للدخول في مرحلة جديدة، اما شكل التفاوض مباشر او غير مباشر فهذا امر يحسمه طائرة الموفد الرئاسي الى المنطقة ستيف ويتكوف فهو لن يطل الا على اجنحة التفاوض المباشر. ووفقا للمعلومات فإن المفاوضات ستشمل إضافة الى الملف النووي البرنامج الصاروخي الإيراني وعلاقاتها مع دول الجوار وفق روحية جديدة بعيدا عن مبدأ "تصدير الثورة" الوارد نصا في النظام الدستوري الإيراني.
في المقابل ماذا يمكن لإيران ان تحقق؟
إضافة الى المحافظة على ديمومة النظام، فإن أكثر ما يقلق السلطة في طهران حاليا هو الاحتقان الشعبي الناتج عن الازمة المعيشية الخانقة، وهي، أي السلطة، تدرك إن الإدارة الجديدة في البيت الأبيض لن تقف مكتوفة الايدي امام أي تحرك شعبي داخلي كما كان يحصل في السابق.! الظروف تغيرت، المصالح تطورت، والنظام العالمي الجديد يقرع أبواب التغيير.
في ظل هذه المعطيات، اجاد لصحاب القرار الإيراني في إطلاق نسمات الاغراء لتلفح نوافذ البيت الأبيض، إيران تملك النفط والغاز والمعادن النادرة والقوة الشرائية. وتملك أيضا القدرة على تغيير اشرعة الأولوية لتبقى سفينة النظام آمنة، وتحجز لها مكانا على خارطة النفوذ التي تتشكل في العالم.
طريقي
واشنطن وطهران .. استثمار في بورصة النفوذ!
مواضيع ذات صلة