: آخر تحديث

هل ينقذ التنين الصيني الليرة التركية العليلة؟

88
92
80
مواضيع ذات صلة

حزام واحد طريق واحد :                                                

بعد ازدياد التوتر بين تركيا وواشنطن،  اتّجهت تركيا شرقًا نحو التنين الصيني لانقاذها من محنتها الاقتصادية الخانقة وذالك عن طريق خلق أرضية خصبة لتعاون أقوى مع بكين في السنوات القادمة,وخاصة اذا نجح مشروع الصين لإحياء التجارة على طريق الحرير القديم , المشروع الذي كشف عنه الرئيس الصيني (شي جين بينغ ـ  Xi Jinping  )في افتتاح قمة مشروع طريق الحرير في عام 2013 تحت مسمى (حزام واحد طريق واحد), والذي يستهدف ربط الصين بأفريقيا وآسيا وأوروبا عبر شبكة من الموانئ والسكك الحديدية والطرق والتجمعات الصناعية والمناطق التجارية وما وراء ذلك من خلال استثمارات في البنية التحتية بمليارات الدولارات ...

وتعهد الرئيس الصيني خلال قمة ( الحزام والطريق )  بتقديم( 55 )مليار دولار قروضا من بنكين كبيرين ونحو( 14.5 )مليار دولار لصندوق طريق الحرير القائم ونحو( 8.7 )مليار دولار مساعدات للدول النامية والمؤسسات الدولية في دول طريق الحرير الجديد , وطبعا تركيا واحدة من تلك الدول .. 

ولاهمية المشروع بالنسبة لتركيا قال اردوغان في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء الرسمية الصينية( شينخوا): (إن تركيا ستلعب دورا مهما في مبادرة الحزام والطريق، بالنظر إلى كونها تمثل رابطًا جغرافيا وثقافيا بين الشرق والغرب) ,واضاف : ( ان مبادرة الحزام والطريقمهمة للغاية وتاريخية لانها تهدف إلى تأسيس شبكة للبنية الأساسية والنقل والاستثمار والطاقة والتجارة ) , ولفت اردوغان الى أن أهمية مشروع طريق الحرير تكمن في تسهيل حركة تنقل القوافل الآتية من الصين وفي طريقها إلى أوروبا) واستطرد قائلا: سنرى معا اليوم الذي سيتمكن فيه المواطنون من السفر من قارص إلى بكين شرقا، ولندن غربا).. 

الصين تعلن دعما مبدئيا لحليفها الجديد تركيا : 

مع تفاقم الخلاف بين أنقرة وواشنطن ,صرح وزير الخارجية الصيني (وانغ يي ـ Wang Yi) عن موقف بلاده من العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي نالت من تركيا في الأيام القليلة الماضية إثر خسارة الليرة التركية ثلث قيمتها مقابل الدولار الأمريكي, حيث  قال (يي )نصأ : (ندعم جهود تركيا في حماية أمنها القومي وإستقرارها ونموها الاقتصادي والاجتماعي , واننا نؤمن بقدرة أنقرة على تجاوز (الصعوبات العابرة )التي تواجهها , واضاف : ( ان ان تعميق تعاوننا في مكافحة الإرهاب والأمن هو الجزء الأكثر مركزية للعلاقة بين البلدين) .

كما أعربت الصين عن انفتاحها تجاه انضمام تركيا إلى (منظمة شنغهاي للتعاون)(1 ).

ومن جهة اخرى غرد وزير المالية والخزانة التركي وعضو مجلس الشورى العسكري الأعلى( بيرات ألبيرق ـ Berat Albayrak)(2 )غرد على حسابه على التويتر قائلاً: ( إن بلاده حصلت على حزمة قروض من مؤسسات مالية صينية بقيمة 3.6 مليارات دولار, وأضاف : ( أنه من المقرر تقديم الحزمة إلى بنوك ومؤسسات خاصة وعامة لاستخدامها في استثمارات بقطاعي الطاقة والنقل) . 

ومع ازدياد التوتر بين تركيا وواشنطن , توجه  الملياردير الصيني (جاك ما ـ Jack Ma ـ الرئيس التنفيذي لمجموعة علي بابا للتجارة الالكترونية ـ AliBaba Grop  ) إلى تركيا للحصول على فرص استثمارية جديدة في القطاعين الخاص والعام، كما سبق أن أعلنت (مجموعة علي بابا ـ الشركة القابضة لتسعة فروع رئيسية منها : (  تاو باو , إتاو , علي اكسبرس دود كوم , موقع علي بابا للحوسبة السحابية , تي مول , جوهواسوان ), أعلنت (مجموعة علي بابا للتجارة الإلكترونية) من خلال رئسها التنفيذي استحواذها على حصة في نظيرتها التركية ( trendyol ـ  للتجارة الالكترونية )، والتي تضم وحدها أكثر من( 16 )مليون زبون وتبيع نحو( 20 )مليون قطعة سنويًا ... 

ويرى المراقبون الاقتصاديون أن بفضل استثمارات (مجموعة علي بابا للتجارة الالكترونية)ودعمها سوف تمنح ( trendyol للتجارة الالكترونية التركية )  فرصة كبيرة في الوصول إلى أهداف وبلدان وعملاء أكثر , وبطبيعة الحال ستستفيد  (trendyol )من نفوذ (مجموعة علي بابا ) في القطاع التكنولوجي والخدمات اللوجستية والدفع الإلكتروني.

وفي السياق نفسه , وصف رئيس مجلس إدارة جمعية العلامات التجارية المتحدة في تركيا (سنان أونجال )التعاون الصيني ـ  التركي بـ(التطور الكبير) في سوق التركي الذي يحتوي على ما يقارب (ملياري شخص من روسيا وأوروبا وشمال إفريقيا)، متوقعًا نمو (trendyol )بشكل سريع وأكثر فعالية في المنطقة بمساعدة التنين الصيني الإستراتيجي الذي سيأخذه إلى العالمية بحسب تعبيره) 
وبالنسبة للرؤية الصينية، فقد رأى رئيس مجلس إدارة مجموعة (علي بابا ) (مايكل إيفانز) أن تركيا مثيرة للاهتمام بشكلٍ كبير خاصة فيما يتعلق بأهمية سوقها عند تقييم الاقتصاد الرقمي، لا سيما أن سوقها يشمل نحو 80 مليون نسمة، 50% منهم دون سن الـ30 أي قدرة شرائية أقوى.

ان التعاون الاقتصادي والتجاري والعسكري بين أنقرة وبكين في تطور مستمر,  إذ أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا بعد( المانيا )، حيث وصل حجم التجارة بين البلدين إلى 21.9 مليار دولار ( حسب ما جاء في الكتاب الابيض الذي أصدرته الحكومة الصينية بعنوان: (الصين ومنظمة التجارة العالمية) والذي نشره المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني , ومن الجدير بالذكر , إن الكتاب المذكور يقدم عرضا كاملا لوفاء الصين بالتزاماتها لمنظمة التجارة العالمية ويشرح المساهمات المهمة التي تقدمها الصين للعالم بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية .

ان هذه التحركات التجارية مؤشر جديد على المنافسة بين النسر الامريكي والتنين الصيني في تركيا والشرق الاوسط الحبلى بالمشاكل والتناقضات والخلافات والحروب , ومن جهة ثانية هي استكمال لتحقيق الحلم الصيني في التمدد إلى الأسواق العالمية كجزء من خططها الاقتصادية المستقبلية، خاصة أن حجم سوق التجارة الإلكترونية في تركيا بلغ نحو 42.2 مليار ليرة تركية ( 19.9 مليار دولار) في عام 2017 ، محققًا ارتفاعًا من 30.8 مليار ليرة تركية عن عام 2016 وفقًا لتقرير صادرعن جمعية صناعة المعلومات التركية.

ومن أهم الأسئلة التي تطرح نفسها: 

بعد ان اصبحت بكين الخصم الأكبر والأكثر تهديدًا بعد روسيا لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الاوسط وتركيا خاصة ,هل  تنجح  بكين إلى تعزيز حضورها الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري في منطقة الشرق الأوسط لتكون بديلا ومنافسا قويأ للولايات المتحدة الامريكية في قيادة المنطقة والعالم في وقت يروج فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب للانعزالية ويشكك في مبادرات التجارة الحرة العالمية الحالية ؟ هل ينقذ التنين الصيني الليرة التركية العليلة ؟ 

اخيرا اسأل : بعد ان اتهم اردوغان (بكين) في العام 2009 بارتكاب (إبادة جماعية )ضد (الأويغور) (3 ) وعرض اللجوء على اللاجئين (الأويغور) المعتقلين في تايلاند والذين طالبت الصين بإعادتهم مرة أخرى, اسأل : هل انقلب أردوغان على (مسلحي الأويغورالمرتبطين قوميًا بالعرق التركي ـ والذي تباكى عليهم وذرف دموع التماسيح عليهم ) مقابل قروض ومساعدات وعلاقات متينة مع التنين الصيني دعما لليرة التركية العليلة والاستقرار الاقتصادي في تركيا , ومن اجل مصلحته وتحكمه بكل مفاصل الحكم في تركيا ، وتحقيق حلمه في إعادة بناء تركيا وفق رؤيته وفرض مزيد من القيود والتضييق على معارضيه والاستمرارعلى كرسي الحكم (مدى الحياة ) ؟  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1 ـ Shanghai Cooperation Organisation   :  منظمة  دولية ,سياسية , اقتصادية وامنية عالمية موازية لحلف شمال الأطلسي( NATO) , تضم المنظمة حوالي 5.1 ملايين جندي وتحظى بقدرات دفاعية عالية الجودة. تأسست  في 15 يونيو 2001  في شانغهاي وتضم كلا من روسيا والصين والهند وباكستان وكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان، تتولي المنطمة اهتماما كبيرا بقضايا الأمن الدولية، ومكافحة الإرهاب ومقاومة النزعة الانفصالية والتطرف وتهريب المخدرات, ومن الجدير بالذكر, ان الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي  تجري وبشكل منتظم مناورات عسكرية متعددة الأطراف، وتتبادل الخبرات فيما يتعلق بالصراعات المسلحة، وعمليات حفظ السلام، بالإضافة إلى تشارك المعلومات الاستخبارية . وحسب التقارير الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية , أن الميزانية العسكرية الإجمالية لدول منظمة شنغهاي للتعاون تتراوح بين 300 و320 مليار دولار . 

2 ـ بيرات البيرق ـ صهر اردوغان , وهو أحد أهم المسؤولين داخل أروقة القرار في تركيا , ( تزوج من إسراء ابنة اردوغان في تموز 2004 ),   وهو  نجل السياسي والكاتب التركي( صادق البيراق) أحد أصدقاء أردوغان المُقربين , كان عضوا في البرلمان بين عامي 1991 و 1995 عن حزب الرفاة وهو الحزب الذي انبثق عنه حزب (العدالة والتنمية ) ، يحضى  (بيرات البيرق) بنفوذ كبير في السياسية التركية ويشارك اردوغان في معظم اجتماعاته لعب دورا مهما في إفشال انقلاب 15 يوليو/تموز 2016 . وحسب صحيفة الاندبندنت البريطانية في ديسمبر 2016 : أن هناك أدلة قوية على علاقة (بيرات البيرق ) بشركة تركية متهمة بشراء النفط من تنظيم داعش الارهابي  الذي كان يسيطر على عدد كبير من آبار النفط في سوريا والعراق خلال عامي 2015 و2016, كما قال نائب وزير الدفاع الروسي( أناتولي أنطونوف)أواخر 2016 ، أن نجل اردوغان (بلال وصهره) يتاجران بالنفط الذي تبيعه (الدولة الاسلامية) إلى وسطاء ينتهي في آخر المطاف في تركيا.

3 ـ الأويغورـ  Uighurere : المعروف باسم (شينجيانغ) في الصين , هم إثني من المسلمين الأتراك (غالبيتهم من المسلمين السنة) يتحدثون باللغة ( قارلوقية ـ التركية )، يشكلون واحدة من 56 عرقية في الصين , و 45% من سكان إقليم تركستان الشرقية , ويتواجدون ايضا في بعض مناطق جنوب وسط الصين ، تعرضوا للملاحقة والاعتقال والتعذيب ومنع اداء شعائرهم الدينية ، وبحسب تقرير هيومن رايتس ووتش ( يقدر عددهم بحوالي 10 ملايين شخص في الصين )، لكن السنوات الأخيرة شهدت نزوحًا مستمرًا لهذه الأقلية إلى تركيا.بعد ان تعرضوا للاضطهاد والاستبداد من قبل السلطات الصينية . 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي