: آخر تحديث

أطفال أخلاقيون

50
53
38
مواضيع ذات صلة

هل يولد الإنسان بمنظومة أخلاقية؟ نَحنُ كمسلمين مؤمنون بما قال الله عز وجل في كتابه، وأن كل مخلوق يخلق على الفطرة والفطرة: هي الخلقة التي خلق الله عباده عليها وجعلهم مفطورين عليها وعلى محبة الخير وإيثاره وكراهية الشـر ودفعه، وَفَطرهُمْ حُنَفَاء مستعدين لقبول الخير والإخلاص لله والتقرب إليه.

 قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [سورة الروم: 30].

ومن الأدلة أيضاً، حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصرانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ) [صحيح البخاري 1358].

 ووفقًا لتجربة أجراها عالما النفس  بول بلوم وزوجته كارين ووين على مجموعة أطفال، واعتمدت التجربة على سلسلة اختبارات بسيطة، بينها عرض صورة لفعل جيد وأخرى لفعل سيء، وترك الأطفال يختارون الأفضل بينهما، إلى جانب مراقبة ردود فعل الأطفال حيال تلك العروض التي تظهر فيها ممارسات جيدة وأخرى سيئة، وأطلق على تلك التجربة أسم “تجربة الأشكال” وهي تتلخص في أن هناك ثلاثة أشكال هندسية “دائرة ومثلث ومربع” والتجربة أن الدائرة تحاول الصعود على منحدر ويساعدها في ذلك المربع ويعيق صعودها علي الجانب الآخر المثلث، ويأتي دور الاختيار فأيّ من الأشكال سوف يختار الطفل منهم المثلث أم المربع ، وكانت النتائج أن الأطفال في سن ثلاثة شهور 80% منهم اختاروا المربع الشكل الذي يقوم بالمساعدة، والأطفال في سن الستة شهور 100% منهم اختاروا المربع أيضا.

ويقول عالم النفس بلوم، مؤلف كتاب "مجرد أطفال: أصول الخير والشر" إن الاختبار أكد فرضية امتلاك الأطفال لضمير وحس منطقي للتفريق بين الخير والشر، ولكنه ذكر أيضا أن الأطفال يولدون مع مزايا أخرى سيئة، وبينها العدائية تجاه الغرباء، وهو أمر يمكن أن يتركهم – بحال عدم معالجته - دون رد فعل أخلاقي تجاه جرائم مثل الإبادة الجماعية، ما يحتم بالتالي على الآباء والمجتمع مواصلة تلقين الأطفال المبادئ الإنسانية وتنمية حس الضمير لديهم.

ومنا هنا يتضح أن الأطفال بالفعل لديهم نظام أخلاقي جيد، وأن الأطفال يولدون خيرين وأن العمليات المعرفية في أدمغتهم تدعو إلي الخير والمساعدة، ولاحظ عزيزي القارئ أن الدراسة أجريت على عينة أطفال صغار جدًا تتراوح أعمارهم من3-10 أشهر، وأستطيع أن أقول أن الأطفال لديهم حس بدائي بالعدالة بل ويمارسونها، وقد يصل بهم هذا الإحساس لرمي الفائض بعد التوزيع فعندما تعطي طفلًا 7 قطع من الشوكولاتة وتطلب منه أن يوزعها على أطفال أخرين فغالبًا سيعطي كل واحد منهما ثلاثة قطع ويرمي القطعة السابعة الفائضة، إلا أن هذه الأخلاق الفطرية محدودة، أحياناً أكثر مما ينبغي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي