: آخر تحديث

سوق سيئ السمعة!

46
58
39
مواضيع ذات صلة

أضرار وخسائر العراق كبيرة وهائلة بسبب الفساد الذي يكاد ينتشر ويسيطر في كل مكان، الصحة، الخدمات، الماء، الكهرباء، الزراعة، وآخرها تسريب اسئلة الامتحانات وغيرها، لكن أغرب واوضح ملف فساد هو سوق مزاد العملة الذي يتسبب حسب تصريحات وبيانات مسؤولين حكوميين واقتصاديين بـ (اضرار بالخزينة العامة تبلغ حوالي 4 ترليونات دينار)، وهو فساد واضح ومستمر يستنزف الخزينة، بسبب شركات التحويل المالي والمصارف الأهليَّة التي كانت المستفيد الاكبر من عمليَّات التحويل وغالبية المُستمسكات المُقدَّمة من قبل بعض تلك المصارف مُزوَّرة). 

مزاد العملة هو سوق للعملات الأجنبية يتم فيه تلقي الطلب على (الدولار) وعرض المتوفر منها بشكل مستمر، وعلى أساسه يتكون سعر الصرف للدينار العراقي الذي ظل مستقراً لسنوات طويلة على سعر 120 ألف دينار، تم فيه توفير المرونة والاطمئنان في مقابل الطلب الذي تزايد على الدولار بسبب الفساد الذي شاب عمليات التحويل وهو ما ادى الى انخفاض سعر الدينار الى السعر المعروف المتداول هذه الايام. 

هذا السوق هو المزاد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط ولم يكن معروفا قبل عام 2003 لكن تبنّي العراق نظام اقتصادي مختلف عما كان عليه، وتحوله من الاقتصاد الاشتراكي الذي كانت تسيطر عليه الدولة، الى اقتصاد السوق المفتوح فتح باب هذا السوق الذي كان القصد من استحداثه رفع قيمة الدينار العراقي، وتبلغ عمليات البيع فيه أكثر من 200 مليون دولار ومصدره إيرادات النفط العراقي المباع. 

ان ضعف الدولة والمكاتب الاقتصادية لبعض الاحزاب المتنفذة والمصارف الاهلية التي تدخل مزاد العملة كلها يتسبب باستنزاف وخسارة كبيرة للخزينة العراقية، ويشكل 70 بالمئة من هذا السوق استزاف واضرار للخزينة العامة، كشف عنها السياسي العراقي احمد الجلبي قبل وفاته عندما كان رئيسأ للجنة المالية لمجلس النواب العراق عام 2015 وتم تشكيل لجنة تحقيقية بالموضوع توصلت عن وجود ملفات فساد كبيرة على المصارف الاهلية وتهريب العملة وغسيل الاموال. 

ان جريمة غسل الأموال منصوص عليها في المادة (2) من قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب رقم (39) لسنة 2015، وتعريفها (تحويل الأموال أو نقلها أو استبدالها من شخص يعلم أو كان عليه أن يعلم أنها متحصلات جريمة لغرض أخفاء او تمويه مصدرها غير المشروع وأخفاؤها او تمويه حقيقتها  أو مصدرها أو مكانها أو حالتها أو طريقة التصرف فيها أو انتقالها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، من شخص يعلم او كان عليه ان يعلم أنها متحصلات من جريمة). 

ان معالجة ما يجري من فساد وغسل اموال وتهريب للعملة الصعبة خارج العراق هو من مسؤولية الجميع خاصة البنك المركزي العراقي ومن خلال مكتب مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب المنصوص عليه في المادة (8) والذي يتولى بصورة مركزية تسع مهام حسب نص المادة (9) ومسؤول عن احالة الإبلاغات في عملية غسل الاموال او تمويل الارهاب او الجرائم الاصلية الى رئاسة الادعاء العام لاتخاذ الاجراءات القانونية، واشعار الجهات الرقابية او الجهات المختصة الاخرى باخلال أي مؤسسة مالية او اعمال ومهن غير مالية محددة بأحكام القانون والذي مازال قاصراً حتى اليوم عن ضبط ما يجري في سوق مزاد العملة سيئ السمعة. 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في