: آخر تحديث

ماهي هوية النظام الاقتصادي في إقليم كوردستان؟

55
52
53
مواضيع ذات صلة

استناداً للمادة (66 / أولاً،  وثالثاً و خامساً )من نضامه الداخلي استضاف برلمان إقليم كوردستان ـ العراق، يوم الإثنين المصادف 5 اكتوبر2020  كل من :  نائب رئيس حكومة إقليم كوردستان قوباد طالباني ووزير المالية آوات شيخ جناب، ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، الذي قدم خلال الجلسة تقريراً موجزاً  بشأن عمل حكومته بعد انقضاء السنة الاولى من حكمها. 

تطرق بارزاني خلال كلمته إلى نقاط عديدة ومثيرة للجدل, ومن بين حديثه لفت انتباهي كلامه عن اهتمام حكومته بالقطاع الخاص وقال : 
(أن النظام الاقتصادى فى الإقليم  ليس نظاماً شيوعياً او اشتراكياً) واضاف : ( نحن نشجع القطاع الخاص ونستمر في  تنشيط دوره وتنميته للاسهام في عمليات النهضة والتطور التي يشهدهما ).. 

ولمناقشة ما تفضل به بارزاني،لابد ان اتطرق وبعجالة إلى بعض النقاط التي لها صلة وثيقة بالموضوع المطروح اعلاه والذي يستحق بعض النقاش :  
1 ـ  ان هذا التوصيف او الحديث عن شكل الحكم في الإقليم لم يكن متوقعاً أن يأتي من شخص بارزاني الذي عاش واكمل دراسته في دولة رأسمالية متقدمة, بمعنى اخر، كان على بارزاني  ان يعرف بان الاشتراكية عادة ما تعمل من خلال البنية الديمقراطية القائمة في البلدان الرأسمالية المتقدمة والتي تنعم بالديمقراطية الاجتماعية وتقوم بتوفير الاحتياجات الأساسية للجميع كالرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والتعليم. 
2 ـ ان إقليم كوردستان على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي, لا يعتبر نظامه  نظاماً رأسمالياً  أو اشتراكياً أو حتى مختلطاً, وفي سياق كهذا تبدو المصطلحات الأقرب دقة في توصيف النظام على  الصعيد الاقتصادي  والاجتماعي في الإقليم  أنه نظام (اقتصاد السوق المنفلت من اية قيود والذى يتسم بالاحتكارالحزبي والفوضى ).
3 ـ ليست مهمة بارزاني او نائبه او اي شخص اخر مناقشة ما يفتقر إلى دليل، فالذي يحدث اليوم في الإقليم ليس بمستغرب في مجتمع توسعت فيه رموز الفساد السياسي و نفوذ حيتان  الفساد،وتفشت سياسات تهريب النفط وتبييض الأموال، إضافة إلى الوحدة الهشّة بين اربيل والسليمانية. 
هناك مفارقة واضحة بين ظاهر النظام في الإقليم وباطنه. القوانين تقول شيئا بينما الواقع يقول شيئًا مختلفاً, والخطاب السياسي يقول شيئًا، بينما الأجهزة الامنية والعسكرية والمؤسسات والوزارات تمارس سلوكاً مختلفًا تمامًا. 
4 ـ  تجاهل بارزاني  حقيقة النظم غير الاشتراكية والشيوعية التي تعمل من خلال البنية الديمقراطية والتي تقوم بإدارة الخدمات (التعليم، الصحة، الإسكان، الضمان الاجتماعى… الخ )  فعلى سبيل المثال لالحصر : حسب التقرير السنوي لأكثر الدول سعادةً حول العالم  وضع الباحثون في أحوال 153 دولة حول العالم عددًا من العوامل المؤثّرة في التقييم، ومنها: الرفاهية والدعم الاجتماعي ومن أكثر دول العالم رفاهية في 2020، وفق تصنيف "وورلد هابييست ريبورت". استطاعت  فنلندا للمرّة الثالثة على التوالي أن تحتل المرتبة الأولى على قائمة الدولة الأكثر سعادة في العالم، بحسب التصنيف السنوي للأمم المتحدة. واحتلت الدنمارك المرتبة الثانية، بعد استطلاع آراء مواطنين من 156 بلدًا، للتعبير عن مدى سعادتهم، وغيرها من الأمور المتعلقة بمعدل الدخل والدعم الاجتماعي والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والتعليم.و جاءت سويسرا في المركز الثالث و أيسلند في المركز الرابع و النرويج في المركز الخامس،وهولندا في المركز السادس. 
5 ـ تجاهل  بارزاني وطاقمه الوزاري التحوّلات والتغييرات الاجتماعية والاقتصادية والخدمية   الهائلة التي طرأت على  انظمة البلدان الرأسمالية المتقدمة والتي سُميت بـ( رأسمالية دولة الرفاة )، نتيجة تنامي الحركات العمالية والجماهيرية والشعبية ونضالهم من اجل اجبار الحكومات على تقديم تنازلات في كثير من المجالات منها : توفير وتنظيم الضمان الاجتماعي، الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليم. 
6 ـ تكمن مشكلة الاقليم في شكل نظام حكمه، فمنذ عام 1992 وقع الإقليم تحت سيطرة المظلة الأوليغارشية، وعليه انعكست النزاعات بين أطراف هذه الاوليغارشية المتمثلة بالحزبين اللذين يقتسمان السلطة( الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني )من أجل الهيمنة على ثروات الإقليم  والنفوذ والتمدد.
7 ـ قامت الاحزاب المتنفذه في الإقليم لضعف ايمانهم بالديمقراطية وتحت عناوين مختلفة بممارسات بلغت ليس فقط حد احتكار السلطات الثلاث في الإقليم، وإنما تجاوزت ذالك إلى احتكارالثروة و السلطة في المجتمع كله، اما الاحزاب الاخرى التي سُمح بوجودها إلى جانب الحزبين المتنفذين، اصبحت بمرور الزمن مجرد توابع مذعنة لإرادة الحزبين الحاكمين الذين استطاعا ابتلاع الديمقراطية بسهولة بالغة.
 و ارتباطاً بذالك، سعت  الأحزاب الكوردية، إلى شل وقمع كل مظاهر الحياة، إضافة إلى إنشاء نمط من عبادة الشخصية وإضفاء خصائص وقدرات فوق بشرية أو استثنائية على زعماء احزابهم واصبح شعار كل من لايؤيدنا لابد أن يكون ضدنا.
 أخيراً  : ان  الفساد في إقليم كوردستان نابع من الاوليغارشية الحاكمة والتي تقف امام عجلة التغيير والاصلاح الحقيقي والجذري في شكل الحكم والمجتمع والاقتصاد في الإقليم الذي يسير بسرعة نحو الهاوية.  


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي