: آخر تحديث

الفلاح، القول و العمل

64
67
68
مواضيع ذات صلة

نسمع يومياً خمس مرات المنادي ينادي «حي على الفلاح» مع كل آذان صلاة، لكن مشكلتنا  مع اللغة أننا أصبحنا في أحيانٍ كثيرة نمارس ما يسمى بالعمى المألوف، و هو أننا نرى الأشياء و لا نراها، نعرفها ولا نؤمن بها، نؤمن بها و لا نمارسها. و لكن القليل جداً منا يعي معنى الفلاح، فالفلاح في اللغة يعني العمل المثمر، الصالح، و الصائب، و الناجح، وهو قرين للصلاة ومعطوف عليها. 

لقد ربط الإسلام العبادة بالإيمان و العمل الصالح معا  في كثير من المواضع في  الآيات القرآنية و الاحاديث النبويه .  يقول المثل "ثبت العرش ثم انقش" و نسمع كثرة الاستدلال بهذا المثل  مقالا و عدم العمل به حالاََ.  فالفلاح وهو عكس القول و الخطابة بل هو عمل و مضمون و ليس شكلاً.

وهذا تماماً ما يخلص إليه كتاب نزل مؤخراً في الغرب  للكاتب اين مورس عنوانه (Why the West Rules لماذا يحكم الغرب). او ( لهذا السبب يحكم الغرب ).يخلص الكاتب إلى أن الأشياء في الغرب تحدث حقيقةً،  و ليس فقط شكلاً وقولاً، فمثلاً عندما يتحدث الغرب عن حقوق الانسان أو عن حقوق الحيوان، فإنك فعلاً تجد هذه الحقوق على الأرض. وهذا ما أسماه: القدرة على حدوث الأشياء. 

the capacity of making things happen

طبعا هذا ليس بالمطلق فالغرب به من الخلل ما تشيب له الولدان و لكن الفرق ربما انهم لا يخفونه  و يصلحونه احيانا. بينما عندنا نحن أهل الشرق في كثير من الأحيان القول لا يوازي الفعل، فتجد من يتحدّث عن حقوق المرأة و زوجته و ابنته لا تعملان، 
و نجد خطيب مسجد و لكنه لا يتحدث مع جاره ، و أحياناً يعيش في قطيعة مع أخيه، و تجد شيخ دين يحض علي القتل بين المسلمين بدل من الدعوة للحفاظ علي دماء المسلمين و  السلم الاجتماعي بل نعرف  عائلات معروفة بأنها متدينة، ولكنها لا تورث المرأة، و تجد موظفاً ملتحياً و يطلب رشوة. و تاجرًا يستغل حاجة الناس و يرفع الاسعار.

لن نتحدث عن السياسية و الاعيبها فهي أصبحت رديف للفساد و النفاق ، ناهيك عن الإسلام السياسي و لبس المدنس على المقدس و فتاوي القتل  من  قبل بعض شيوخ دين.. 

من جهة  اخري ... يقول رئيس تحرير صحيفة «النهار» اللبنانية الكاتب غسان تويني في أول زيارة له لبيت محمد حسنين هيكل - منظر الاشتراكية في عهد عبدالناصر - في القاهرة وهي فيلا ديلكس على النيل، يقول :  ان الرجل يعيش حياة ارستقراطية بمعنى الكلمة، و خصوصاً بحجم الخدم لديه رغم تنظيره للاشتراكية فهو يعيش النقيض.

الخلاصة، أقول ان الفلاح هو تطابق القول مع العمل والفعل، وإلا فسوف يكون كلامنا وعملنا مثل قول الشاعر:" كلامك يا هذا كفارغ فستق ليس به نوى... ولكنه طقش".

كم نحن في حاجة لفهم خطاب  «حي على الفلاح»،
 فإذا فهمنا أمنا، وإذا أمنا عملنا، و إذا عملنا يحصل الفلاح.  إذاً (فحيّ على الفلاح) هي دعوة مستدامة للعمل المثمر الصادق المخلص.  

* كاتب من ليبيا 
[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في